بقلم/ احمد الشاوش
لشهر رمضان الكريم في اليمن طقوس خاصة نابعة من ارتباطه الديني والعمق الحضاري وأصالة اليمن السعيد ، وما ان يتحرى العلماء رؤية هلال رمضان وتثبت الرؤية الشرعية والاعلان عنه حتى يستقر الناس وتغمرهم السعادة والشوق ويتهيئون بكل جوارحهم للصيام .

وللصيام في اليمن فرحتان ، فرحة عند الامساك عن الطعام وأخرى عند الافطار واجملها واسعدها ، لحظات براءة الاطفال وحضورهم الى المساجد للفطور مع المصلين ، وللعادات والتقاليد الاجتماعية رمزية خاصة منها افشاء السلام وزيارة الاقارب والارحام والامسيات والسهرات الاسرية والتراحم والتكافل الاجتماعي .

ورغم تلك الاصالة ، اندثرت بعض العادات بفعل تطور الحياة والعصرنة ، فيما لاتزال الكثير من العادات موجوده في صنعاء وبعض المدن والقرى اليمنية ، من بينها لعبة الاطفال " يارمضان يابو الحمائم ادي لبي شغثه دراهم .. يامساء جيت أمسي عندكم.. والمدرهة وغيرها من الموروث الثقافي.

والمشهد في الصباح الرمضاني ان غالبية الناس نيام، والشوارع خالية والمحلات مقفلة، سوى محلات قليلة جداً والبعض يذهب للدوام الحكومي ، وتمتلئ المساجد وقت صلاة الظهر ويواصل الرجال والاطفال قراءة القرآن بصوت يسمع كأزيز النحل ويظل الجميع في هذا الجوّ الإيماني حتى يصلّي الناس صلاة العصر ، ويواصل البعض بالمسجد بينما يذهب آخرين لقضاء احتياجات البيت ، والتسوق لشراء اللحوم والخضروات والواكة والسنبوسة والحلويات الصنعانية والتركية والشامية التي دخلت الى اليمن وتأثر بها اليمنيون في صنعاء وتعز والحديدة وعدن وحضرموت وغيرها من المدن اليمنية التي تفننت في صناعتها.

وما أن يقترب أذان المغرب، حتى يستعدّ الغني والفقير والكبير والصغير للإفطار بحيث يأتي كل واحد منهم بشيء من إفطاره إلى المسجد كالتمر والسمبوسة والشفوت والحامضة والسحاوق للفطور معاً في حلقات دائرية مما يزيد في تعميق أواصر التقارب بينهم ، وما ان يشرع المؤذن في الاذان والصائمين في الدعاء حتى تتسابق الايادي الى الماء والتمر وبقية مائدة الفطور المتواضعة ثم يصلون المغرب ويذهبون لتناول العشاء في منازلهم واخذ قسط من الراحة والبدء في صلاة العشاء والبعض يستمر لاداء صلاة التراويح ومن ثم ينتشروا الى اعمالهم لطلب الرزق بكل اريحية ورضاء وسعادة بينما يُفضل البعض المقيل والبدء في مضغ اغصان القات "التخزينه" في مناظر صنعاء القديمة وطيرماناتها الجميلة والاكثر اريحية مع الاصدقاء للحديث في الثقافة والفكر والفقة وروح النكته بكل لطافة ، بينما يُفضل البعض المقيل في بيته ومع اسرته بكل هدؤ ، إلا ان جائحة ورعب كورونا غير طبيعة وبرنامج الكثير من الناس.

وللخواتم في رمضان طقس آخر وقدسية خاصة حيث يتفرغ اليمنيون لصلاة التراويح والتهجد وقراءة القرآن والادعية والتسبيح والتضرع الى الله لاسيما في ليلة القدر التي يتطلع اليمنيون اليها بكل أمل وايمان لتحقيق أمالهم واحلامهم كونها من أكثر الليالي بركة وخير من الف شهر.

shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس