سام برس/ تونس/ شمس الدين العوني

الفن عنده تلك الألوان من الدهشة و البراءة و الحلم ...

الفنان التشكيلي التونسي خميس ناجي يمر و منذ فترة بحالة صحية تتطلب التدخل و المساعدة من قبل وزارة الثقافة و هو يحتاج مساعدة و تدخلا للتمكن من تركيب ساقين اصطناعيتين للتمكن من استعادة المشي و التنقل لعرض لوحاته و حضور المعارض و مواصلة نشاطه الفني التشكيلي و قد قام بعرض كامل أعماله بمقر سكناه حاليا و زاره مندوب الثقافة بمنوبة و واليها و تم اقتناء عمل له بالمعرض السنوي للاتحاد بقصر خير الدين .. و يزوره بضاحية منوبة من حين للآخر بعض أصدقائه من الفنانين و قد اهتم بشأنه اتحاد الفنانين و الرابطة التونسية للفنانين من خلال دعم و مساعدة لكنه يتطلع لدعم أكبر من الدولة التونسية باعتباره في حاجة ماسة للمساندة المادية و المعنوية ..نتمنى له الشفاء و نتنافذ معه من خلال هذه الكلمات علها تكون المرممة للمعنويات ..

يظل الفن عنوان رحلة مفتوحة على الأزمنة كما الأمكنة حيث الألوان و الأشكال و تقنيات و الأساليب مجالات للقول بالدهشة و الفرادة و الحرية التي تحوم حولها الأفكار و الرؤى بضروب كثيرة من الوجدانيات و الكينونة و التأمل و النظر و الأنتظارو السعادة...و الحلم..و السعادة نعني بها و هنا تلك التجليات تجاه البياض و المادة في حالاتها العادية و أية سعادة تضاهي اللحظة التي يقف فيها الفنان محاورا عمله المتشكل و البارز..و أما الحلم فانه ذلك اللمعان الدافع باتجاه العمل و انتظاراته..و الانتظارات تبقى ملازمة للرحلة..للمسيرة..و بالتالي كيف يكون الفنان طفلا في سعادته بالأشياء البسيطة و لذة الأحلام..انها الحالة في توهجها بعيدا عن الآلة..

من هنا ننظر باتجاه عوالم الفنان التشكيلي خميس ناجي ..هذا الذي أخذه الفن الى أمكنة عديدة ديدنه في ذلك البحث عن ذاته المتشظية في العبارة اللونية ..درس الفنون الجميلة لفترة في بروكسال ثم كان له مجال للتكوين و التدريس بالولايات الأمريكية المتحدة و بكندا و من هنا كانت معارضه و أنشطته الفنية ..

في أعمال الفنان ناجي تنويع جمالي و حسي ضمن عوالم المرأة بما يراه فيها من جمال و قيم و حياة بشكل عام فهي لديه تعلة جمالية و وجدانية و ثقافية للعبور الى كنهها و حضورها متعدد الوجهات و الألوان و الحالات و هذا ما طبع لوحاته التي يقول انها تتوزع على عديد الأروقة و توجد لدى العديد من المجمعين و لدى عديد البلدان..هي عصارة التجربة التي قادته اليها الرحلة منذ الستينات من القرن الماضي ..انطلق من اريانة مدينة البدايات لتكون بعد ذلك بروكسال الفسحة الثانية حيث التكوين بين سنتي 1968 و 1972 في أكاديمية الفنون الجميلة بخصوص التصوير و الرسم و الفن الحائطي و الجداريات و غيرذلك و تكوين آخر في تقنيات اللحام و النحت وهو عضو فناني و نحاتي الكيباك منذ سنة 1986 و كذلك بمجموعة فناني نامير من سنة 1975 الى سنة 1980 كما أنه درس الأكوارال و التصوير بفانكوفر بكندا بين سنتي 1993 و 1995 كما أنه بعث ورشات الابداع للأطفال و الكبار الى جانب مجلة الفن الجديد بفكتوريا و في تونس نشط عديد النوادي و الورشات بالجامعات و دور الثقافة و قدم مشروع عمل في اطار الفن المعاصر خلال القمة العالمية للمعلومات اضافة الى تنشيط التلاميذ ضمن مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية ..

المعارض متعددة و بعديد الأروقة في تونس من قصر خير الدين الى القصبة الى المرسى و ميتيال فيل و المدينة و ابن رشيق و متحف البلفيدير و اسطرلاب و المركز الثقافي الدولي بالحمامات و ابن خلدون و ابن رشيق و الديوان و الطاهر الحداد و صديقة و المنستير و الهيلتون و ذلك ضمن معارض جماعية أو بصفة فردية و تحصل على عديد الجوائز و التقدير بالخليدية و المحرس و المهدية ...

يتقن خميس ناجي عديد التقنيات و قد برزت في أعماله تقنية الألوان النباتية و الأكريليك تنوعت لوحاته خصوصا في معرضه الأخير بفضاء دار الثقافة ابن رشيق الذي من عناوينه " الطفل و الدمية " و " عازفة الكمان " و " حزن " و الصداقة " و العزلة " و الزواج " ..كل ذلك ضمن سياق سماه الفنان " صفاء الروح " .
في لوحة المرأة التي تضع يدها على خدها شحنة تعبيرية و جمالية فائقة تبرز معها فصاحة الألوان التي يتخيرها الفنان خميس ناجي بعناية ضمن تناسق محبب بين الأصفر و الأحمر و الأسود ..في لوحات أخرى تبرز البورتريهات لشخصيات مفعمة بالحيرة و الانتظار و كن بوداعة بينة و كأننا بخميس ناجي يأخذنا الى حميمية أخرى تطغى على الحالات التي نجد كثيرا منها في مجتمعنا التونسي ..

في لوحة العازفة تبرز جمالية النظر و اللون وفق سياق من البساطة ..هي بساطة الفنان و هو يعبر عن شجن دواخله و ما يعتمل في كيانه..هو العزف بل النزف بعيدا عن المألوف و العادي..وجوه أخرى تبرز في لوحة مختلفة دفعة واحدة بحالات وفق تقاسيم متعددة لتتحول اللوحة الى ما يشبه الحديقة..الألوان عند خميس حدائق و لاغرابة في علاقة ذلك باللون النباتي الذي يطلب دأبا و صبرا و جهدا من الفنان لتكون النتيجة على القماشة بكثير من العناء و الصدق..و الوفاء ..هو الوفاء النادر من قبل الفنان لعمله..
التجوال بين لوحات الفنان خميس ناجي يمنحك شيئا من طفولة الأحوال فالبساطة و العمق من تلوينات مواضيعه و الفن عنده تلك الألوان المفتوحة على الدهشة و البراءة و الحلم و المرأة هنا و لديه مجال للقول بالعذوبة و السخاء و الألفة و النشيد..

هكذا هي الفسحة في الفضاء الحياتي لخميس ناجي الذي عاش في وسط على صلة بالألوان تقوده مغامرة الانسان الناظر لمستقبل عمله ..هو الحالم مثل رجل في حديقة ..يتعب و لايقنع بغير المواصلة و التجدد ..هي ملحمة الفن الجميلة ..فنان يسعى للحديقة في فنه ..تلك الحديقة التي يستعيد بها و منها و فيها طفولته ..في مشاريع أعماله المقبلة مشاهد تونسية و طبيعة ميتة و ...و غيرها .
تمتح من مناخات مختلفة ضمن تفاعلات الأشياء و العناصر و التفاصيل للقول بالبساطة و البراءة و الحلم..

حول الموقع

سام برس