بقلم/ محمد العزيزي
نعم. . و ألف نعم لمنجزات ثورات الربيع العربي و لأهدافها و شعاراتها المباركة و التي كان أهمها .. مستقبل أفضل. . أرحلوا حتى يعود النازحون و المغتربون إلى أوطانهم .. الشعب يريد إسقاط النظام. . لا للجيش العائلي .. و غيرها من الشعارات الطنانة و الرنانة التي دفعت البسطاء و عامة الناس إلى الإنجرار وراء سراب هذه الأهداف و الشعارات الجوفاء التي ليس من ورائها شيء سوى تحقيق أهداف و مآرب الغرب و إسرائيل التي حققتها لهم هذه الثورة الربيعية. .

بكل بجاحة و على المكشوف و بعد أن قامت الإمارات و البحرين بإعلان التطبيع مع إسرائيل خرج رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو على وسائل الإعلام و يقول " إننا اليوم نقطف ثمار ثورات الربيع العربي " .. شكرا ثورات الربيع العربي ؛ و هي حقيقة باينة المعالم و الأدوار و ليست تجني أو مزايدة سياسية على هذا و ضد ذاك .

إنها الحقيقة المرة التي يتجرعها العرب اليوم و هم أصحاب البلدان المضطربة و غير المستقرة ، و ذلك بعد أن اكتمال سيناريوهات الفوضى الخلاقة و مستقبل الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس في نهاية تسعينيات القرن الماضي ، و التي رسمته لنا الدول العظماء و مخابراتها الدولية بمساعدة الإخوان المسلمين حتى نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم ، و حال الأمة العربية و الإسلامية لا يخفى على أحد ..

ها هم اليوم يقطفون ثمار ثورات الربيع العربي من خلال التطبيع مع الكيان الصهيوني و إقامت العلاقات الدبلوماسية و التجارية مع العدو الأول للأمة الإسلامية و العربية و مع ذلك لم نسمع أي كلام حول الخلاف من السند إلى الهند و كذا لم نسمع هدير علماء و مشائخ الدين الذين صمو و سممو آذاننا و هم يزايدون بأسم الأقصى و فلسطين .. اليوم و بعد الهرولة نحو التطبيع ليس لهؤلاء العلماء و الإخوان المسلمين أصحاب مشروع الربيع العربي لم نسمع لهم نخس و لم نسمع لهم حتى همسا ، التطبيع يسير بشكل طبيعي دون أي مظاهرات أو حتى دعوات لها أو معارضات من أنظمة الثورات الربيعية العربية للتطبيع و هل سكوت هؤلاء المهرطقين بأسم الدين هو علامة الرضى ، حتى أنهم استطاعوا جعل الشعوب العربية دائخة ملتزمة الحياد بعد ماراثون مظاهرات ثورات الربيع ، و أصبحت هذه الشعوب لأهية مشدوهة وراء لقمة العيش التي أصبحت صعبة بعد هذه الثورات الصهيونية ، فلا مظاهرات و لا ضغوطا شعبية على الأنظمة الجديدة التي تربعت الحكم على أنقاذ الأنظمة السابقة ، والتي لسان حالها اليوم يقول سلام الله على النظام السابق حين كان يضغط العالم عليهم فيدفعون بالمظاهرات ليبرروا للعالم أنهم تحت الضغوط الشعبية.

نعم ، لقد وقعت الأمة العربية في فخ و خدعة ثورات الربيع العربي و أجندات الذين يقفون ورائها و المخترقة من قبل المخابرات الدولية ، و كانت الحركات الإسلامية ( الإخوان المسلمين) و الأحزاب القومية و الليبرالية و الماركسية للأسف الشديد أدوات و منفذين لتلك المؤامرة العالمية على العرب و المسلمين لأجل إسقاط الأنظمة الحاكمة و تدمير الاستقرار ونشر الفوضى لتكون سهلة التوجيه ؛ خانعة ؛ خاضعة لا قرار لها ، مقابل أن تكون جماعة الإخوان المسلمين و من تبعهم في سدة الحكم بعد أن تدمر الجيوش العربية و السلاح و يقتل الزعماء و الرؤساء الذين أصبحوا حجر عثرة و يمارسون اللعب السياسي و يفهمون المؤامرات التي يتفنن بها قادة العالم و كان من المستحيل إسقاطها إلا بتلك الطريفة و الأسلوب .. بالإضافة إلى تدمير النظام الإداري للدولة و تشتيت قيادات الدولة و إدخال الشعوب العربية في دوامت الاقتتال و الصراع و الحروب و النزاعات و النزوح و اللجوء و يصابون بالجوع و العوز و الفقر ؛ و كذا تدمير الاقتصاد و البنية التحتية ، و تصبح هذه الشعوب لا تقوى حتى على المظاهرات ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب و المحتل للأراضي العربية الفلسطينية.

لا غرابة أن تذهب دول صغيرة كالبحرين و الإمارات. للتطبيع مع العدو الإسرائيلي و تقود أيضا التوجه السياسي و مستقبل الأمة الإسلامية ، و أيضا جر دولة لبنان لرسم الحدود البرية و البحرية مع إسرائيل ، وهذا يعني تطبيع زائد اعتراف وجودي بالمحتل ، و أن تهرول قيادة ثورة الربيع العربي بجمهورية السودان لتوقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل ، و قريبا كما قال الموجه السامي السيد ترامب أن هناك خمس دول عربية سوف تنظم لركب و طابور التطبيع قريبا ، و بكل هدوء و طواعية و ربما استجداء طمعا برضى الرئيس ترامب و نتنياهو ِ

و لا غرابة أيضا أو عجب أن تسعى قيادة ثورة الربيع العربي الليبية إلى الإسراع للتطبيع بعد كل هذا الصراع و الدماء التي سفكته الحرب ، و مثلها أيضا الحكومة اليمنية التي ستتمخض عن الاتفاق السياسي المرتقب ، و أيضا الحكومة العراقية و التونسية و الجزائرية و الموريتانية و المغربية و زعيمة التطبيع السعودية و تحت مباركة مصر و الأردن المطبعتان منذ زمن طويل ، كما لا استغرب أي شخص أن تسارع القيادة الفلسطينية نفسها إلى التطبيع و القضاء على القضية الفلسطينية ، لأنه في اعتقادي أن الجميع مطبوخ و على النار جاهز للاستخدام.

نعم. . نقولها بدون حياء أو خجل .. شكرا ثوار و ثورات الربيع العربي لقد نجحت هذه الثورات بحسم أطول صراع عرفه التاريخ ( العربي ، الإسرائيلي) و الذي دام قرابة ثمانون عاما ، كما نحج الربيع العربي أيضا بإسكات صوت و هدير الشعوب العربية التي كانت تخرج عن بكرت أبيها إلى الشوارع نصرة و تندبدا بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية و المقدسات الدينية ؛ و تضامنا مع أسير أو شهيد فلسطيني ، و لا تزال المظاهرات التي خرجت ثضامنا و تنديدا لمقتل الشهيد محمد الدره و الشيح أحمد ياسين تملأ أذني حتى اليوم .

شكرا ثورات الربيع العربي هذه الانجازات العظيمة ابتداء بتدمير الأوطان و تشريد و تجويع الشعوب و إسقاط الأنظمة ، و القضاء على الجيوش العائلية و تدمير السلاح و إسكات صوت الشعوب المناصرة للقضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي و تقريب وجهات النظر بين العرب و إسرائيل ، وصولا إلى النتيجة النهائية و هي التطبيع .. شكرا ثم شكرا ، و ننتظر المزيد من النجاحات و الانجازات المبهرة لثوراتكم حتى يتمكن السيد ترامب و النتن ياهو من قطف ثمار و محصول ثورتكم المباركة و كفى .

حول الموقع

سام برس