بقلم/ عامر محمد الضبياني
بلا شك ان اي كوارث انسانية، حروب، مجاعة، مرض، اوبئة، سواء من صنع بني البشر او من غيرهم، تعد سبب رئيسي ومحوري لتغيير عادات الشعوب وانحراف المجتمع وبذلك ليس غريبا بان ما كان يوما ما قيمة لدى الانسان يصبح اتجاه او مجرد رأي مثال ذلك قيم (الكرم، الوفاء، الصدق، الحب، الاخاء، التعاون، التعاطف، الرحمة.. الخ).

والانسان بطبعه كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمعزل عن المجتمع، وفي مثل هذه الظروف يوصي علماء النفس وعلماء الاجتماع بأهمية تعزيز الدعم الاجتماعي للحفاظ على هذه القيم من التراجع والاندثار او حتى انتشار الجريمة.

فالجريمة ليست وليدة الصدفة بل من صنع ايدينا فلو كان مع قابيل أحد ينصحه او يأخذ بيده ما قتل أخاه وارتكب اول جريمة قتل في التاريخ البشري.

يمر اليمنيون في هذا الوقت بظروف عصيبة اقتصادية واجتماعية ونفسية وهذه الظروف قد تجعل الفرد يلجأ الى العزلة الاجتماعية مما يولد لديه شعورا بالوحدة النفسية ويجعله يفكر انه وحيدا في هذا العالم وانه لم يعد يكترث لاي فعل او قول او سلوك يتخذه حيث اصبح متمحور على ذاته ومغيب العالم الخارجي المحيط به، لذا تجده بين لحظة واخرى قد يرتكب جرم يندم عليه الجميع والسبب غياب الدعم الاجتماعي.

والدعم الاجتماعي كما يفسره العلماء والباحثين يأتي من ثلاثة محاور ولا يقل أهمية اي محور عن الأخر وتوافرها جميعا مهم وضروري لأي فرد سوي او غير سوي وهذه المحاور هي ١- الدعم المقدم من الأسرة، ٢- الدعم المقدم من الاصدقاء، و٣- الدعم المقدم من الاخرين، وجميعها يشترط ان تكون دعما ملحوظا بمعنى يلحظة الفرد ويشعر به ويدركه.

ومع ان اليمنيين من افضل الشعوب في هذا الجانب ويظهر الدعم الاجتماعي جليا من خلال مساعدة الاقارب وزيارتهم وتفقد احوالهم ومساعدة الاخرين وتقديم واجب العزاء والاحتفال بالمناسبات الاجتماعية والحرص على حضورها وتقديم المشورة والنصح والزجر و و الخ. الا ان هذه العادات بدأت تتندثر وتختفي مما يقتل في النفوس الرحمة والتعاطف والشفقة والمودة وقد يلجأ البعض الى تبرير ذلك بقساوة الحياة او الظروف المحيطة والحرب و و الخ وهذا مع الأسف مبرر غير مقبول وخصوصا في مثل هذه الظروف.

فالدعم الاجتماعي لا يعني المساعدة المالية فقط ولا ان يقدمه فقط ذوي الشأن وانما هو عملية اجتماعية متكاملة ومن فوائدها ليس فقط تلافي وقوع الجريمة بل تأزر المجتمع ليحافظ على عاداته وتقاليده ومعتقداته التي يؤمن بها لان مثل هذه الظروف الاستثنائية التي نعيشها اليوم قد تؤدي الى حدوث تغيير جذري وانحراف في عادات المجتمع وانحلال القيم والاخلاق الحميدة. وتذكروا بان الانظمة والظروف القاهرة تزول ويبقى المجتمع فلنحافظ عليه جميعا قدر الامكان.

والله من وراء القصد

حول الموقع

سام برس