بقلم/ معاذ الخميسي
▪فجعت أمس عندما علمت بأن الأخ العزيز العقيد الركن محمد يحيى شايع قائد جناح الخيالة في كلية الشرطة..مات..وذهب هادئاً صامتاً مهضوماً ومغلوباً ومقهوراً إلى حيث من هو به أرحم..الملك العدل الجبار المنتقم

▪ترك الحياة..وترك الفروسية..والخيول..والجناح..والكلية..ومضى نحو قدره المحتوم مستسلماً وراضياً..وهو الذي مازال قائداً ومسئولاً عن جناح الفروسية بالكلية (كما عرفت مؤخراً) ولكن منزوع الصلاحيات وباقٍ فقط كأسم بعيداً عن الفعل..وعن الدوام..والاستمرار..وممارسة المسئولية المناطة به إلى قبل أسبوع من وفاته حين تم تعيين بدلاً عنه..!

▪لم يكن يمر شهر بالكثير..إلا وهو في زاوية الخيمة التي تجمعنا في اوقات كثيرة معه ومع كثير من الأخوة الأعزاء..وخلال الشهور الأخيرة انقطع..ولم اعد أجده..ولا أسمع عنه..وحاولت التواصل معه إلا أن هاتفه مغلق..والواتس مغلق أيضاً..وعلمت أنه نقل مقر سكنه إلى بيته المتواضع الذي بناه في الروضه..وعرفت أنه ابتعد كثيراً عنا..!

▪لم أسمع منه كلمات او عبارات مؤذية تجاه أي شخص..ولم يكن حاقداً أو حاسداً لأحد..ظل يعمل بجد ونشاط وهدوء..وهو الذي لا يجيد فن(التملق) ولا يتقن (ألعاب) المراوغة أو الملاحقة ولا المجاملة..وتصنع الحرص أو الاهتمام..!!

▪كان رحمة الله عليه..بسيطاً..ومتواضعاً..وصادقاً..لا يعرف كيف تتم (التربيطات) ولا كيف يكسب( الولاءات) ولا يهتم إطلاقاً بإثارة الإهتمام حوله..او استخدام اي (أدوات) باتجاه المطلوب من الأهداف..!!

▪ظل محباً وعاشقاً للخيل..وكثيراً ما أجده يمتطي صهوته..ويدربه..وهو الحريص على أن يدرب أصعب الخيول..وأن يجتهد في جانب آخر لحصد درجة الماجستير..ومن ثم التحضير للدكتوراه التي كانت بالنسبة له أملاً وأمنيةً ولم يجد من يقف إلى جانبه ليمنحه فرصة الدراسة في الخارج !!

▪كان يأتيني..في بعض أوقات ويكلمني عن الاستقصادات التي يواجهها..وعن أذية البعض له..ولا يمكن أن يحدد لي إسماً أو يتكلم عن شخص بذاته..فقط يستغرق في الألم حين يقول لست أدري ما الذي فعلته..ولماذا يظل البعض يلاحقني باستهدافاته..!!

▪وحتى في تواجده داخل مجلس إدارة اتحاد الفروسية..ظل لفترة مغيباً عن كشوفات المساواة بالاعضاء..وهو الوحيد الذي لم يجد حقه ولا فرصته في السفر..وكلما ظهر اسمه كمرشح في سفرية قادمة طار الترشيح وقفز آخرون ليحلوا محله رغم تعدد سفرياتهم..!!

▪وها هو أخيراً يموت..ويرتاح..ويترك كل شيء في هذه الدنيا الزائلة..ولم يورث من بعده سوى أولاده الذين أحبهم ورباهم وكان حريصاً وشديداً عليهم..وهم من سيحملون اسمه وسيرته العطرة وذكره الطيب..

▪نم قرير العين أيها الفارس النبيل..ويكفي أنك ارتحت من عناء هذه الدنيا..ومن الصعاب..والأحقاد..ومثلك في أخلاقه العالية..وهدوء نفسه..وطيبة قلبه..وحرصه..وإخلاصه..وتفانيه.. ونشاطه..وحبه للخيل وللفروسية..لا يستحق إلا الرحمة والدعوات له بالمغفرة وبأن يسكنه الله الجنة.

حول الموقع

سام برس