بقلم/د. محمد عبدالرحمن الضوينى
تأتى أهمية الالتفات والانتباه إلى منهج الإسلام فى ترشيد الاستهلاك، خاصة فى ظل ما نعيشه من حرص على الترف والإنفاق على الشهوات والملذات، حيث زادت معدلات الاستهلاك زيادة كبيرة حتى أصبح البيت الواحد أو الأسرة الواحدة تنفق فى الشهر مبلغا من المال كان الأسلاف ينفقونه فى العام كله، ومع تطور العصر واضطلاع المرأة فى الأسرة بعبء كبير من حيث تدبير العيش واتخاذ قرارات البيع أو الشراء، تبرز أهمية المرأة ودورها الفعال فى ترشيد الاستهلاك.

ولعلى لا أكون مبالغا إذا قلت إنه ينبغى التركيز على دور المرأة وجعله المحور الأساسى لتحقيق الترشيد والتوازن فى الاستهلاك وإشباع الرغبات.

ويؤكد هذا المعنى أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتروى عنه السيدة عائشة، رضى الله عنها، قوله: «إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها، غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئا». رواه البخارى ومسلم.

ولقد حرص رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على تربية المسلم تربية استهلاكية رشيدة، ليس فيها هدر للطعام، فعن أنس بن مالك، رضى الله عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها، ولا يدعها للشيطان»، قال: «وأمرنا أن نسلت القصعة»، وقال: «إنكم لا تدرون فى أى طعامكم البركة»، فهذا توجيه نبوى لأدب من آداب الطعام، ربما يستنكف منه المترفون والمتكبرون، ومقتضاه ألا يستحقر الإنسان نعمة مهما قلت حتى لو كانت لقمة سقطت خطأ منها، كما يأمر الحديث أن يتتبع الفرد طعامه بحيث لا يبقى أى طعام فى طبقه الذى يأكل فيه.

ولا شك أن تربية الأفراد على ما سبق سيعود بالنفع على المجتمع بأسره وهنا يقع العبء الأكبر على المرأة فهى أساس التربية للنشء فرب الأسرة مشغول بقضاء.

الحوائج والمرأة هى سيدة المنزل وهى التى تستطيع أن تغرس تلك الأفكار فى النشء من خلال تصرفاتها.
ولا نعنى بهذا قطعا أن الرجل لا دور له، لكن المرأة بما وكل إليها من أمانة وبما لها من لطف الحس ولين القلب مؤثرة فى سلوكيات أبنائها لا شك.

وقد حول الفقهاء هذه التربية النبوية وهذه التوجيهات الأخلاقية الكريمة إلى إجراءات سلوكية تمارس فى الحياة اليومية، فبينوا أن من الإسراف أن نضع على المائدة من ألوان الطعام فوق ما نحتاج لأكله، وأن من الإسراف أن نتعامل مع الخبز بسوء أدب فنأكل وسط الخبز وندع حواشيه، أو أن نأكل فوق الشبع، وغير ذلك من سلوكيات من شأنها أن ترشد الاستهلاك وتعود على المجتمع بالخير، ويتأكد دور المرأة فى تربية أولادها عليها.

نقلاً عن اليوم السابع

حول الموقع

سام برس