بقلم/ احمد الشاوش
من القصص الطريفة انه تم اجراء دورة ثقافية بالعاصمة صنعاء لبعض مهندسي وطياري الدفاع الجوي وبعد ان جهز كل واحد ملابسه وحط التلفون والذاكرة في البيت لدواعي أمنية ، صعدوا على أحدى الحافلات التي تم تغطية نوافذها بالستائر كالسيارة الشاص المقفص لحجب الرؤية وصارت الحافلة تطير بسرعة الصوت حتى اوصلتهم الى بدروم أحد الفلل الجميلة للنظام السابق.

وما ان حان اذان المغرب حتى قال لهم المشرف من منكم " سيد " ، فرد عليه أحد المهندسين بذكاء وشيطنة والله ياسيدي كلنا "مزمرين" و" مطبلين" ، فضحك الجميع واستغرب صاحب صعدة من رد وابتسامات وضحكات أصحاب المدينة، بينما كان يرى ضرورة ان يؤمهم للصلاة سيد بحسب ثقافته وقناعته المذهبية.

لكن المشرف أختار شخص من مدينة الحديدة لما تتمتع به المدينة وسكانها من جانب روحي دون ان يعي ان صاحبنا عليه السلام مطيرف ومولعي ، فإحتج البعض على تقديمه اماماً للصلاة لكن مشرف الدورة أصر على ان يؤم الحبوب الحضور ويصلي بالناس ، وبدأ امام عروس البحر الاحمر بقوله "اعوذبالله من الشيطان رجيم بسم الله الرحمن الرحيم" وقرأ سورة الحمد وبدأت حرارة وروح المشرف تطلع وتنزل مثل الترمومتر ، وما ان كمل امام المعارج الثلاث ركعات وسلم حتى قال لهم مشرف انصار الله صلاتكم باااااااطلة .. وأقسم والله ماحيلتكم ماتعيدوا الصلاة!!؟

قالوا له ليش ياسيدي قال .. هذا " المخبول " قال اعوذبالله من الشيطان الرجيم وبذلك ابطل الصلاة ، فقالوا له مش احنا اعترضنا عليه من أول نخس ياسيدي لكن قلت انت مابلا ذيه وكركرو وصلوا للمرة الثانية بصميل ومذهب صعدة.

والطريف في الموضوع ان مشرف الدورة مؤمن عيار 24 ، بينما صاحبنا الامام طلع فالصو ، أريحي وحق طرفة وزبجة ومغرم بإغاني وألحان امام لحج وبساتين الحسيني فيصل علوووووي ووجد في الدورة الثقافية فرصة في الحصول على القات واللحم والحنيذ والعسل والتمر والفواكة مجاناً بعد انقطاع المرتبات وارتفاع الاسعار وطعفرة الدولة ومؤسساتها ليردد بكل قناعة بيت الشعر العربي ، صلى وصام لامر كان يطلبه لما قضي الامر لاصلى ولاصام ، طالباً تمديد الدورة للتغلب على الفقر والجوع والبطالة.

كل السبب عساكر الحلالي

ومن اجمل الذكريات ان الحلالي الذي عمل مسؤولاً في عهد الائمة صار أشهر من نار على علم ويضرب به المثل في لواء الحجرية ، حتى صار مثلاً في الذاكرة الشعبية بعد ترديد الناس قصيدة الشاعر الكبير سعيد الشيباني والتي تفرد بإغنيتها الفنان محمد مرشد ناجي " شوقي إليك شوق الزهور مُطلّه / شصبر عليك لما يُردّك الله/ هجرتني والقلب غير سالي/ كل السبب عساكر الحلالي " ، رغم ان الحلالي فقيه متنور وصاحب علم ورجل دولة وينفذ توجيهات الامام .

ويتواصل حديث الذكريات اللطيفه بذكر مقالب غوار الطوشة وحلاوة ياسين بقوش وبرودة حسني البورزان ورجولة ابوصياح ونكت وضحكات عبدالله شاكر لتعود بنا الذاكرة الى بساطة وذكاء وحلاوة الاستاذ محمد الحلالي الحفيد الذي أسس مصنعاً للكيك في العاصمة صنعاء وبدأ بالانتاج والتسويق والاعلان واشتهر المنتج فترة من الزمن وفي لحظة تامل وانسجام واريحية عقد العزم على ضرورة عمل لوحة ملفته بتصميم وخط جميل بريشة الزميل والخطاط الكبير احمد سعيد منصر .

وما ان حضر اليد الذهبية الخطاط احمد منصر الى مقرالمصنع واستقبله محمد الحلالي ورحب به وتاحفه برقة ولطافة أهل صنعاء ، قدم منصر التصميم ونوعيه الخط ومقاسات اللوحة حتى أرتاح الحلالي للبروفة وقال له بكم عتكون التكلفة فقال له احمد منصر في حدود ثلاثة آلاف دولار وماهي إلا ثوان حتى صرخ محمد الحلالي بثلاثة الف يا اااااااحمد .

وجمع الحلالي عمال المصنع على الفور وصرخ بحركة عفوية وذكاء نادر وصوت عالي " الكيك قُب .. عيدوا الانتاج" في اشارة الى المبالغة في التكلفة التي حولت الكيك الى حنظل والتخزينة الى مُر ، محدثاً الصدمة الاولى للاشتراكي المعتق والخطاط الفنان الذي رأى في محمد الحلالي صيداً وباب رزق لكن الحلالي طلع صياد اب عن جد ، ثم هرول الحلالي نحو السجادة وفرشها واقام الصلاة بعد العصر على مذهب وليمدد أبو حنيفة ولايبالي وزميلنا الخطاط في حالة صدمة للمرة الثانية وانتظار للمفاوضة في السعر والموافقة من عدمها ولكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن.


ومن أغرب القصص الواقعية التي تنامت الى سمعي الاسبوع المنصرم ان احد الحوثيين او المتحوثين في قرية من لواء صنعاء ام الناس في الصلاة بالقوة ووصم أهل القرية بالنفاق والخيانة والتشكيك والتهديد والوعيد خارج اطار الخطاب الديني المعتدل وفي بيئة محافظة ،،، وما كان من المصلين إلا ان صبروا عليه حتى جاء يوم الجمعة واذا بالخطيب الخطيب والجمعة الجمعة والخطبة الخطبة فقاموا قومة رجل واحد وصلوا ظهر وخرجوا من المسجد ، ومن هول الصدمة هرول الامام المتهور مسرعاً الى مدير الناحية ليشتكي بالمصلين ويكيل لهم تهم الدعوشة والعفششة ،، فما كان من المدير الموزون إلا ان قال له " حبه حبه ياسيدي " عاد المراحل طوال.. ولوكنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك .

ومن القصص والذكريات النادرة ان الفنان الكبير علي الانسي ، عندما كان طفلاً ذهب الى السوق ووجد بعض الناس يأكلوا بالملاعق " رواني " وقال لهم ببساطة وبراءة الطفل أكل معاكم قالوا ادي لك ملعقه وجي كل على اساس يإخذ ملعقة من صاحب المحل وذهب مسرعاً الى البيت وتذكر ان في حر الغنم ملعقة مرجومة فإخذها وعاد الى محل الحلويات وخلال الزحمة رأى صحن وبدأ يلتهم الرواني وما ان شارف على الانتهاء حتى لمحه صاحب المحل وقال له مابتفعل ياوليد .. قال بين أكل رواني .. قاله واين الزلط قال قالوا لي الذي أكلوا عندك اول أدي ملعقة وأجي اكل فشاف الملعقة مذحلة وشاف الطفل جائع وفي قمة البراءة وقال له كمل المشوار وهيه كما حكاها الفنان الانسي في تلفزيون الزمن الجميل.

ويستمر طيف الذكريات يتدفق والذاكرة الشعبية تختزن الكثير من القصص والنوادر والامثال الشعبية ، ومن مقولة اذا أشتط السيد رقعته بفقيه في أشارة الى ان الفقيه أصبح بمثابة الخيط والابرة أو استبني وبالمعنى الحديث مثل المكملات الغذائية في ادارة الحكم لكن شاهد الحال اليوم يقول ان الحابل أختلط بالنابل ولم نعد نفرق بين القدوة ورعاع القوم لاسيما بعد ان غادرنا السيد حمود عباس المؤيد الى الرفيق الاعلى ولم نجد حتى اللحظة من يحل مكانه في العلم والتقوى والبساطة والتواضع والفتوى والعدالة ومخافة الله .

ومازلنا وسنظل نتذكر المثل اليمني القائل اذا سيخ الكبسي شممته الليفة" في دليل قاطع على حب الكبيسة للقهوة والموت في الصيني والجمنة التي تنعش العقل وترد الروح ، و على نسق اذا ضاق حالك قلبتيها قها يواصل عشاق القهوة المشوار في زمن البطالة والصيف الساخن .

أخيراً.. كم نحن بحاجة الى الخطاب الديني المعتدل الجامع للناس بعيداً عن التشكيك والتخوين والترهيب والتزييف ، كم نحن بحاجة الى الامام العادل والرجل القدوة .. كم نحن بحاجة الى حرية الرأي والتعبير لاسيما وان عجلت التغيير تجري على مدار الساعة وان السلام قادم لامحالة لاسيما وان الله ثابت والكون متغير .. هل من رجل رشيد .

حول الموقع

سام برس