بقلم/ مشاري الذايدي
من عوائق الإبداع، واقتصاديات الإبداع، مثل المؤلفات الدرامية والمصنفات الموسيقية، والرسم، وطبعاً النصوص الإبداعية، هو عدم الصرامة في صون حقوق المبدعين والمبدعات.

حين يؤلف ملحن لحناً بديعاً، ويشرف عليه، ثم يأتي من يأتي ويعيد الاستفادة منه بلا أدنى حق للمؤلف الأول، فإن ذلك يسدّد ضربة موجعة لديمومة الإبداع والاستمرارية في التجديد.

أراشيف الصحف والتلفزيونات، ومحتوياتها، عرضة للسرقة كل يوم، من دون أدنى رقيب وحسيب، وهذا يجعل الأمر عسيراً على المؤسسات المالكة لهذا المحتوى، كما يصنع نجوماً وصنّاع محتوى من أهل الزيف والتزوير، يتجمّلون بملابس غيرهم.

القصة كبيرة ومحزنة، وآثارها خطيرة ومتشعّبة، لذلك يسرّ المتابع الخبر الأخير الذي أعلن عنه في السعودية قبل أيام، حين أطلقت هيئة المِلكية الفكرية، حملة تحت عنوان «لا تسرقها»... وقال فيصل الماضي، مشرف تفتيش احترام الملكية الفكرية في الهيئة، في تصريح صحافي إن الهيئة تسعى من خلال حملة «لا تسرقها» إلى حماية حقوق المبدعين والمؤلفين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما أصحاب التغريدات، وسيكون بإمكان المؤلف تقديم شكوى على من سرق فكرته، أو اقتبس تغريداته نصاً واستخدمها بشكل عام... طبقاً لكلام الرجل.

المادة الثانية والعشرون من نظام حماية حقوق المؤلف في السعودية تنصّ على «محاسبة المعتدين على حقوق الملكية الفكرية، بعقوبات تشمل السجن مدة لا تزيد على 6 أشهر وغرامة مالية لا تزيد على 250 ألف ريال سعودي». كما نقلت صحيفة «الوطن» السعودية عن الهيئة قولها إن «الملاحقة القانونية ستطال التغريدات المحتوية على إبداع بشري أو صور أو فيديوهات أو موسيقى وخلافها، وليس كل ما ينشر على منصة (تويتر) مثل الآراء والانتقادات ونحوه».

ربما رأى البعض في ذلك ذهاباً إلى المكان الخطأ أو ليس صاحب الأولوية في معركة حماية الملكية الفكرية، إذ إن «تويتر» أصلاً يقتات على محتويات الصحف والمؤسسات الإعلامية (تلفزيون، وكالات أنباء... إلخ) أو لنقل «جلّ» «تويتر» و«يوتيوب»، والصحيح هو التشديد على صون منابع الإبداع؛ الأفلام والمسلسلات والأغاني واللوحات والروايات والكتب والأبحاث والأشعار، وما شاكل ذلك من فنون الإبداع وصناعة المحتوى.
تخيّل معي لو تم تجريد منصات «تويتر» و«فيسبوك»، من المحتوى المصنوع في منابته الأساسية، منصات الميديا التقليدية، كيف ستصفر فيه طيور البين؟!

لكن مع ذلك، فإن هذه الخطوة لحماية الملكية الفكرية على ساحة التغريد في «تويتر»، رائعة وجميلة وضرورية.

لا مجال ألبتّة لوجود صناعة إبداعية، مربحة، ومستمرة، إلا بصرامة شديدة قانونياً، وتطبيق حازم لا يعرف الرخاوة، كما يحصل الآن، بنهج مثير للإعجاب، في صون البيئة والمحميات الطبيعية من قبل شرطة البيئة، وقبل ذلك تشريع القوانين اللازمة.

خطوة جيدة... نعم. غير كافية... صحيح.

نقلاً عن الشرق الاوسط



حول الموقع

سام برس