بقلم/ منى العنبري
مرات أو أحيانا، لا يغيب عن بالنا المثل الشعبي (اللي انكسر ما يتصلح) وكأن فيه انقطاعاً لحبل الأمل، والاستسلام لليأس، وما تداول الناس هذه المقولة إلا ليقصدوا بها (لا شيء يعود كالسابق)، وخاصة عندما تكسر النفوس التي يراها البعض من الناس، بل أغلبهم، بأن خاطرها لا يجبره أعظم اعتذار، ولا حتى أبلغ كلام، ولكن لو فكرنا ولو بقليل من منطق عقولنا لوجدنا أن نفوسنا تتداوى وتتشافى كما يداوي الزمن ندوب الجروح وإن تركت بعض الآثار.

وإن ذهبنا إلى الجانب المادي للكسور، فكم من كسر لعظام إنسان أو حيوان ضمدته الجبيرة، وكم من تحف أثرية أو ذات قيمة تاريخية أو ثقافية الحاجة لها اخترعت ألف طريقة وطريقة للحفاظ عليها، فهناك في اليابان يجمعون الوعاء المكسور ويملؤون الشروخ بالذهب؛ لترسم خطوطاً جميلة، لا تقوّي إصلاحه فحسب، بل تطبع عليه لمساتٍ من الإبداع والفن، تخبرنا أن ما يكسر يمكن إعادة ترميمه بشكل أحلى وأجمل، فهل هذا الإصلاح يمكن أن ينطبق على كل ما مر به الفرد في حياته من كسور تمثلها المواقف العصيبة، والتجارب القاسية، وما سيمر مثلها به مستقبلا؟ هل سيستسلم لها لتثني عوده، وتظلم نفسه على اعتقاد أن الكسر لا يجبر، ولا يصلح؟ فلماذ لا يلون كسور معاناته بخيوط الذهب الجميلة، ويجعلها طاقة إيجابية يستمد منها قوة يشق بها طريقه بافتخار، لأن تلك المعاناة ستزيد إرادته صلابة، تزين بها حياته، وإن كانت درجة التعافي من الكسور صعبة، إلا أن لملمة الأجزاء تعلم دروساً، وتخرج أشخاصاً أفضل.

المعاناة من الكسور ليست عيباً، ولكنّ العيبَ في عدم القدرة على لملمة تلك الكسور وتحويلها لشيء صلب جميل يعكس النجاح في الوقوف بفخر مرة أخرى وبنسخة جديدة.

حول الموقع

سام برس