بقلم/ احمد الشاوش
المشاهد الحكيم يدرك ان قطار الصحافة والاعلام يسير بسرعة البرق في مسارين مختلفين..

الاول ، يندرج تحت عناوين المصداقية والحياد وأخلاقيات المهنة والمباديء الديموقراطية والقيم الانسانية.

والثاني .. يندرج تحت يافطة التضليل والكذب والتزوير والفبركة والابتزاز والسب والقذف والتشهير والتشويه والمزايدة ونشر الشائعات.

ولا تتوقف عجلاته عند هذا الحد بل يواصل عملية قلب الحقائق والفنون الصحفية من أخبار وتقارير وتحقيقات وتحيلات سياسية مفخخة للسيطرة على العقل العربي وتعبئة الرأي العام بجرع مسمومة خدمة لديكتاتور مستبد أو نظام قمعي وحزب فاشل وجماعة طائشة وتاجر فاسد أو مذهب سياسي ملغم وديني متطرف اواسرة مصابة بجنون العظمة أوخدمة لقوى أقليمية ودولية تبحث عن ثروات ومواقع استراتيجية ومطامع بلاحدود.

وفي اطار الصراعات المحلية على السلطة والنزاعات الاقليمية والمطامع الدولية يتم استغلال وسائل الاعلام المرئية والمقرؤة والمسموعة والالكترونية بصورة بشعة من خلال بث السم في العسل ، وانتاج جيل مهجن ومدجن بثقافة هزيلة تفتقد الى الخبر اليقين والرأي السديد والقيم الفاضلة والمبادئ الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير ، وتحويل المشاهد والمتابع والقارئ العربي الى حقل تجارب للمطابخ السياسية العفنة وتجار الحروب وبياعي الكلام والاوطان.

والمشاهد الحكيم يدرك ان الاعلام هو العين الثالثة لمتابعة الحدث ومعرفة المستجدات ونقل الحقائق بشفافية ، وان الاعلام رسالة اخلاقية وانسانية لتوجيه الرأي العام.

والقارئ الذكي يلحظ ان وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة والجيوش الالكترونية تقاد أغلبها من مطابخ مشبوهه بعد ان تجردت عن المسؤلية الاخلاقية والمهنية والانسانية والقيم الوطنية وأفتقدت الى الضمير وصارت أسيرة ومجرد بوق وأشبه بدقة زار لارضاء طقوس الممول والداعم لتسويق سياساته واجنداته المشبوهه.

والمتابع للمشهد الاعلامي العربي يصدم بالضخ الاعلامي المرعب وتزوير الحقائق والاخبار الملغمة والتحليلات المشبوهه والاقلام المسمومة والصحافة الصفراءوالاستديوهات الضخمة والصحف المفرخة والاخبار المضللة على مدار الساعة والميزانيات المرصودة بلاحدود من اجل ملك او أمير ورئيس يعبث بالمال العام لارضاء طموحه الغير مشروع ونزواته ونرجسيته القاتلة.

شاهدنا قناة الجزيرة القطرية في الربيع العربي ، كيف أستغلت المشهد الدرامي لبو عزيزي وتاجرت به ، وقلبت العالم العربي رأساً على عقب بكامير نصبتها في كل شارع أو نافذة وزاوية وكتابة خبر عاجل بالبنط الاحمر ونشر تقرير ناري هيج الشعوب وأشعل المنطقة لتنفيذ سيناريو ومخطط دولي .

تابعنا قناة العربية الحدث التي خصصت لها السعودية ميزانية بلاحدود واستديوهات فارهة وبرامج ضخمة ومذيعين متخصصين ومراسلين في قمة المهنية والجمال لكن الممول أشترط تبني سياسة تفتقر الى المصداقية والحيادوالشفافية، لتسقط العربية في مستنقع الجزيرة التي تعودت على التحريض والاغتسال عن كل كذبة وجريمة ومأساة ونقطة دم بريء تسببت فيها على مدار الساعة.

صعقنا من فضائيات الاخوان المسلمين والصحف الالكترونية والورقية والجيوش الالكترونية للمرشد وحالات التضليل والفجور والمتاجرة والانتقام من الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير والهوية والدول الوطنية والاحزاب التقدمية، وما قنوات مكملين والشرق إلا عنوان للسقوط الاعلامي .

شاهدنا قنوات سكاي نيوز عربية وغيرها من القنوات والصحف الاماراتية والمفرخة التي صارت بوقاً لتسويق سياسيات وأجندات تتصادم مع دول وتنتقم من كيانات أخرى في سياسة اعلامية تفرق الشمل أكثر مما تجمع الامة .. وقس على ذلك القنوات ووسائل الاعلام الايرانية والتركية والقطرية والمصرية واليمنية والليبية والسورية واللبنانية والعراقية والاردنية والبحرينية والمغربية والجزائرية والسودانية ، فالسواد الاعظم منها تجرد من المهنية والصدق والحياد والموضوعية وأصبح ملكي اكثر من الملك ومجرد " ريموت" وأشبه برصاصات طائشة لاستهداف وأغتيال العقل العربي المستنير.

والغريب في الامر ان كل تلك الاموال والقنوات والصحف والاذاعات والمليارات تنفق على وسائل اعلام أخطر من أسلحة الدمار ، تحت عناوين الهوية الوطنية والقومية والاسلام السياسي والخلافة والولاية والليبرالية والدولة المدنية والمقاومة والتطبيع الذي جرد المواطن العربي من العقل ونعمة التفكير السليم بسبب الضخ الاعلامي والتضليل الممنهج ، خدمة للصهيونية العالمية.

كثيرة هي القنوات الفضائية والصحف الورقية والالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والجيوش الالكترونية التي تدار من المطابخ المشبوهة خدمة للحكام المعاقين والملوك المترهلين والقيادات العقيمة والاحزاب الكرتونية والمذاهب الهدامة والعقليات العفنة ، ما جعل العقل العربي أسيراً للمعلومة المشوهة والفكر المغلوط والثقافة المسمومة والمشاريع المأزومة والهوية الممزقة.

كنا نستمع فيما مضى الى اذاعة صوت العرب ونقرأ مجلة آخر ساعة وأكتوبر وروز اليوسف والحوادث ومجلة المجلة والوطن العربي واليوم السابع ،،، ونقرأ لـ محمد حسنين هيكل واحمد زكي واحسان عبدالقدوس وجهاد الخازن وبلال الحسن ومحمد عابد الجابري ومحمد الزرقة وعبدالصمد القليسي،،، ونستفيد من البرامج القومية والأخبار والتقارير والتحليلات السياسية والعلمية وتسليط الضؤ على الثورة في مجالات التعليم والتنمية والبناء والتصنيع والفنون والموسيقى والطرب التي تم تغطيتها بمهنية عالية وكان يشار الى رجل الاعلام والصحافة والكتاب بالبنان ، وكان للعناوين دهشة وللكلمة وقع وللرسالة صدى لدى القارئ العربي ، بينما اليوم السواد الاعظم من وسائل الاعلام العربية تخصصت في صناعة التضليل والفتن والتآمر والانحطاط وتسويق الازمات وتدمير الاخلاق وتصديع النسيج الاجتماعي وتفكيك الوحدة الوطنية واثارة الفوضى وتشويه الشخصيات الوطنية والاجتماعية والسياسية الشريفة وتبني ثقافة القطيع.

أخيراً .. لقد ساهمت الكثير من الفضائيات ووسائل الاعلام والصحف العربية في صناعة وتسويق المشاريع القروية والمناطقية والمذهبية والسلاليةوالعنصرية وتدمير الهوية والفرد والاسرة والمجتمع والدولة ، بينما ظل النادر منها يجاهد في سماء صاحبة الجلالة بمهنية عالية وأقرب الى الحياد والمصداقية رغم وسائل الترغيب والترهيب وضيق اليد ، ورغم ذلك يظل المشاهد والمتابع والقارئ الفطن يدرك ان وسائل الاعلام الصفراء معاول للهدم والتدمير وان الصحافة التي تنطلق من اخلاقيات المهنة هي مدميك للبناء والاعمار وتنمية العقل والانطلاق في سماوات الغد المشرق .

حول الموقع

سام برس