بقلم/م.يحيى محمد القحطاني.
وطني الحبيب:- لقد أصبحنا بﻻ دولة، ﻻ بترول وﻻ غاز، ﻻ مرتبات و ﻻ تأمينات، لا كهرباء ولا مياه، أخبارنا حرب وموت، معارك وصواريخ، شهداء باﻷﻻف يسقطون هنا وهناك، وشجعاناً يُغتالون من وقت إلى آخر، مغتربون يقتلون وينهبون ظلما وعدوانا، وهم عائدون إلى وطنهم، آخرهم السنباني رحمة الله تغشاه، جزر ومحافظات تحتل هنا وهناك، ثرواتنا النفطية والسمكية تنهب لمن هب ودب، سيول تجرف الوديان، وتغرق الشوارع وتهدم البيوت ..

وطني الحبيب:- منذ عقدين من الزمن، وحتى يومنا هذا، لم نرى مصانع أو مستشفيات جديدة أفتتحت، ولم نرى طرق أو شوارع سفلتت، لم نرى جسور أو مدن شيدت، ولم نرى موانئ أو مطارات جهزت، لم نرى غير مدارس لا تدرّس، وجامعات لا تجمع، ورأينا متاريسَ وطوائفَ وأسلحةً، وأبناءَ وطن واحد يَنهش بعضُهم بعضاً، الجميع يتفرجون علينا والأمم تضحك علينا ..

وطني الحبيب:- لقد فقدت الحياة في اليمن، كل مقوماتها ولذيذ عيشها، وقيمة اﻹنسان فيها، عندما فقدت المبادئ، وماتت الفضيلة، وعندما أصبح القتل شجاعة، والرشوة مباحة، والكذب طريقة للحياة، والعمالة لﻷجنبي شطارة، والسرقة رجولة، والدجل والخداع هي الطريقة المثلى، ﻷصحاب العمائم البيضاء واللحى الصفراء، هنا نقول رفعت الغيرة، وانتهى دور الوطن والوطنية ..

وطني الحبيب:- كيف لي أن أكون وطنيا، في بلد يحكمه القتلة والمستبدون، وكيف لي ان أكون وطنيا، في بلد تحكمه مليشيات غير وطنية، تختطف الطﻻب العائدين إلى وطنهم من ماليزيا في صالة المطار، فالوطنية الحقيقية ﻻ تنمو وتزدهر، وتثمر أمنا وإستقرار ورخاء، إﻻ إذا تنفست نسائم الحرية، وكانت عامرة بالشرفاء والأحرار، في ظل الديمقراطية والحكم الرشيد، وصدق الفيلسوف جالينوس حين قال "يتروح العليل بنسيم أرضه، كما تتروح اﻷرض الجدبة ببلل المطر ..

وطني الحبيب:- الطغاة ﻻ يصنعون ﻻ مواطنين، وﻻ أناساً وطنيين، بل يصنعون منافقين ومرائين، لهذا أصبح النفاق ديدن الكثير من اليمنيين، وغابت الوطنية الحقة، وأصبح الكذب والدوران والتظاهربالوطنية شعار المرحلة، خاصة أولئك ﻻ عقي أحذية اﻷنظمة السابقة والﻻحقة، فحال معظمهم يقول كلنا سماسرة نبحث عن مصالحنا، وأخر ما نفكر به، وأخر ما نتذكره، هو أنت يا وطني المكسور مثل عشبة القمح أيام الخريف ..

وطني الحبيب:- كم من جراح أنت تحتمل وكم من أسى يبيت فيك، ويعزف فيك إنشودة اﻷمل الضائع ويصيح فيك دون إنقطاع، لمن ننادي ونصرخ؟ لجماعة المفسدين والعمالة، الذين تركوك في مسنقع الفساد كل هذه العقود، وباعوا اﻷرض والصحراء، في الطائف و في جدة، بثمن بخس، المغتربين اليمنيين يرحلون كل يوم من السعودية، ودماء اليمنيين أصبحت لديهم أرخص من الماء؟ لمن ننادي وقد سرقونا، لمن ننادي وقد نصبوا أنفسهم علينا أسياد وزعامات، وجعلوا فقراء اليمن عبيدا لهم ..

وطني الحبيب:- الناس في وطني باتوا أسرى، هزائمهم في حروبهم اليومية وفي همومهم الحياتية، غﻻء فاحش باﻷسعار، جهل وجوع ومجاعة، كرونا يحصد المئات كل يوم، وفي حفﻻت اﻷعراس يموت اليمنيين بالعشرات، بفعل الرصاص الراجع، آخرهم الجحافي في إب رحمة الله تغشاه، ولم نرى في اليمن باﻷمس أواليوم، إﻻ أبطاﻻ في قبور، ولصوصًا في القصور، وأغنياء على ذل الفقراء يغتنون، وحكاما على جثث الناس يرقصون، ونوابا ﻻ يتغيرون، ووزراء في الفلل واﻷرصدة يتنافسون ..

وطني الحبيب:- يقتلني كذبهم ويزلزلني دجلهم، أولئك الذين جيوبهم مع الوطن وسيوفهم على الوطن، ينشدون للوطن ويقبضون الثمن، يحرقون الوطن ويقبضون الثمن، لقد ذبحوك من الوريد إلى الوريد، لقد جففوا ينابيعك بحقدهم وحرقوا حقولك بشرورهم، مصوا دمك، وأكلوا لحمك وشحمك، ولم يبقوا لك إﻻ الجلد والعظم، بإسم الله ضيعوك، وبإسم الدين شوهوك، باعوا ترابك وهواءك وباعوا تاريخك وكبرياءك، ومع ذلك يصفقون لك وينشدون عاش الوطن، والله من وراء القصد ..!!

من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس