بقلم/محمد ناجي احمد
سألني صديقي الأحب : هل صحيح أنك سافرت من صنعاء إلى عزلة قدس في الحجرية، طيلة يومي الخميس الجمعة، أي من 28أغسطس إلى 30أغسطس 2021م، ومكثت يوم السبت؛ أي أنك انتقلت من منطقة سيطرة ميلشاوية إلى أخرى دون خوف ووجل؟

بالنسبة للانتقال نعم، وهو انتقال وهمي، فهي جغرافية واحدة، مصيرا ووجدانا.

نعم كل هوية جدار يعلو ومديح، لكن علينا ان نتنبه ونفرق بين جدار اقتتالي وجدار يؤسس لسلام وقوة ومصير، هناك جدار العروبة، وهي هوية جامعة، وهناك جُدُر اقتتالية قروية مناطقية جهوية تَفني.

شتان بين جدارجامع وجدرقاتلة!

الوطنية اليمنية الجامعة تنتمي لجدار العروبة الجامع، وأمّا جدر القبيلة و القروية والجهوية فهي جدر موت واقتتال.
نعم سافرت من صنعاء إلى حوبان تعز، ثم دِمنة خدير فسامع والصلو وبني يوسف وقدس، وعودة إلى عدن وصنعاء.

لم تكن رحلتي شجاعة، لقد كانت انتماء لليمن الواحد رغم أنف الطائفيين المذهبيين و المناطقيين والجهويين.
هذا لا يعني أنني أقوى منهم، أنا ضعيف في حيلتي، قوي بإرادتي ويمنيتي وعروبتي.
أعترف أن الخوف صحا داخلي في قَدَس.

إنها اليمن التي أصررت أن أُعَبِّر عن انتمائي لها طيلة ثلاثة أيام من مساء الخميس وإلى مساء الأحد، حين وطئت قدماي مدينة صنعاء، في الثانية عشرة ليلا.

إنها اليمن التي أصررت أن أعبر عن انتمائي لها طيلة ثلاثة أيام من مساء الخميس، وإلى ليل الأحد، حين وطئت قدماي مدينة صنعاء ... لم أكن في رحلتي هذه شجاعا، بل كنت يمنيا في تلفته وأشواقه وأشجانه ورفضه.

حين قررت السفر كنت أعلم بأني لست نكرة، وأن العديدين من الناس يعرفونني، وذلك ما لمسته طيلة سفرتي، وكنت خلالها أوزع ابتساماتي وسلامي، في رحلتي التي كنت أقطع بعض مسافاتها بالموتيسكل "الموتور الناري" قدس منطقة خبرتني وعرفتني طيلة سنين 1987/1988، حين درّست فيها إلزامي عام 1987م1988م. ثم في عام 1995م حين دَرّست في مدرسة الصباح بالكدرة قدس.

إنها اليمن وفي سبيلها مصيريا يتساوى الموت الحياة، بل إن الموت حياة.

قرأت في الأسابيع والأيام الماضية عديد مقالات لصديقي الحبيب فكري قاسم، فكري عفوي وصادق، ويرى أن المستوطنين أزاحوا الأصليين في حارة الجحملية قتلا واغتيالا!

حارة الجحملية كأي حارة في اليمن امتصاص وحدويا لكل اليمنيين، فليس بالحارة أصيل ودخيل ومستوطن، هنا أعتب على صديقي فكري قاسم، انه حول الحارة إلى قبيلة ترفض وتميز الدخلاء من الأصلاء!

تلك قصة حارة الجحملية والمصلى ووادي المدام والأشرفية والمعتبية، والمظفر والظاهرية وإسحاق والجمهوري والشماسي ، إلخ.

الحارة يا صديقي الحبيب فكري قاسم امتصاص للتنوع ، الذي يجمع الصبري والأبيني والحضرمي والشرجبي والعُديني والخولاني والضالعي والبهلولي ، إلخ ، في بوتقة واحدة...

بالمناسبة: صاحبي فكري في عقد الألفية الثالثة قال: لي غير رأسك، كانت مشكلته في رأسي وحمولته!
لم يكن يتوقع أن خصومته ستكون مع هويات قاتلة!.

المدينة امتصاص للتنوع، ولا أقول للتعدد، لأنها انصهار في بوتقة المواطنة، إنها أي الحارة التجاوز للهويات القاتلة بضيقها، والقاتلة بجغرافيتها ومناطقيتها ومذهبيتها، إنها التجاوز للهويات الضيقة، إنها الفائق والمتجاوز للقروية المخنوقة بالحسد والغيرة والضغينة الفلاحية، وهنا أنا لا أُجَرّم الفلاحية، ففيها من الشهامة ما يجعلها قيمة عليا. إنها الشهامة، وهذا يكفي.

إنني أعتب على صديقي فكري قاسم حديثه عن "الأصليين" و "المستوطنيين" ، ففي عقود كان القادم من بني بهلول وخولان والعدين وحضرموت والحجرية ويافع، إلخ، هو ابن الحارة....
لست شجاعا في رحلتي، لكنني اليمني، أرضا وإنسانا...

مقال للفقيد رحمة الله عليه كتبه بتاريخ 28-8-2021م

حول الموقع

سام برس