بقلم/م/ يحيى محمد القحطاني
دعونا نتفق أن هناك تحديات كبيرة تواجه مسيرة التعليم في بلادنا، نتيجة للإختلالات التي واكبت العملية التعليمية، خلال العقود الأربعة الماضية وزادة في السنوات ألأخيرة، والتي أثرة على النسيج الوطني، تبدأ بعدم إصلاح مراحل التعليم، والذي لا يزال نظام تعليمي تربوي تقليدي قائم على الحفظ والتلقين، والانغلاق على اليقينيات وترديدها.

تلا ذلك عدم تطوير محتوى المناهج الدراسية، لجميع المراحل التعليمية، مرورا بتكريس العمل الحزبي، الذي فتح باباً للصراعات السياسية، في المؤسسات التعليمية، والذي يفترض أن تبقى بعيداً عن لعبة السياسة والتجييش الحزبي، لكونها تخدم أهداف أسمى وأعظم من الترهات الحزبية الضيقة، التي تشكل ضررا على العملية التعليمية برمتها ..

وتؤصل للخلاف وتفتح أبوابا لصراع الأطراف الحزبية، ويجعلها بيئة غير مستقرة، تنعكس سلباً على التحصيل العلمي لدى الطلبة، الذين يعانون نقصاً حاداً في القيم المعرفية مع الذات، والمحيط المباشر والعالم الخارجي، ويعيشون حياة تعليمية مضطربة مشوشة الفكر والمبادئ، وفي النهاية يكون التعليم والتلاميذ هم الضحية، الذي يتغذى بهم(الإسلام الحزبي المتنوع والمختلف)مثلما تتغذى منهم النزعات الهدامة المتطرفة، في السياسة التعليمية والثقافية للمجتمع والدولة، والتي جعلت نظام التعليم بيئة خصبة لصعود(الإسلام الحزبي بكل أنواعه)وتوليد ظواهر التطرف الديني، في الدول العربية بشكل عام، واليمن بشكل خاص، والذي شكل إهدارا تربويا وماليا وتنمويا، وزاد من حجم الأمية والبطالة في بلداننا العربية والإسلامية ..

وبالمقابل فإننا نرى الدول المتحضرة والمتقدمة، قد جعلوا التعليم قضية أمن قومي لا يمكن التعامل معه، من منظور عقائدي أو خدمي للسياسات الحزبية، واعتبار التعليم ذخيرة الوطن ورأس مال الأمة، وفوق الأحزاب والحزبية والجماعات الدينية المختلفة، ومقدس عند الأحزاب والجماعات التي تحترم أممهاوأوطانها، لكن إخواننا جماعات اﻹسﻻم السياسي بكل تنوعاتهم وتوجهاتهم المذهبية، طمعهم الدائم في حقيبة وزارة التربية والتعليم ليسيطروا على التعليم، وأدلجته إداريا و نظاما ومنهجا، وتحويل المناهج إلى دينية مجردة تدمر التعليم والتعلم كما وكيفا، وفوق ذلك يقومون ببناء مدارس وجامعات خاصة بهم من منطلق مذهبي وديني، تقوم بتخريج أجيال من حملة الشهادات المختلفة، بثقافات منغلقة غائبة عن حركة التاريخ، ويقومون بإقصاء ألآخرين وإحلال أتباعهم بديلا عنهم، ويحولون الوزارة ومكاتبها إلى ملحق سياسي تابع لحزبهم أو جماعاتهم، مما شكل أكبر الخطر على مستقبل الوحدة الوطنية ..

وكما يكتسب أي نظام تعليمي، أهميته في النتائج التي يفضي إليها، كونه من أهم القطاعات التي تضع الدول سياسات محددة له، تظهر أهمية هذا القطاع الكبيرة في العدد الكبير من الخريجين الذين يتأثرون به، والذين يتحولون بعد الدراسة لعدة سنوات، إلى جيل البلاد الجديد، والمدماك الذي تقوم عليه هوية وثقافة واقتصاد أي مجتمع، كون النظام التعليمي كالنبت والثمر، ما يُزرع منه يُحصد، ولذلك فأدلجة التعليم بالبعد المذهبي، يؤدي في نهاية اﻷمر إلى بناء أجيال ﻻ تؤمن بالعلم، بقدر ما تؤمن بدولة جماعات اﻹسﻻم السياسي، وتؤصل إلى تفرقة مذهبية، وصراعات مسلحة تفتك بشبابنا ومجتمعاتنا، بسبب العنف والتطرف الديني لدى هذه الجماعات، والمتأصل في مناهجهم وإطروحاتهم وشعاراتهم، الناشئ عن فهم ديني منحرف، يستند إلى نصوص إسيء تفسيرها.

لذلك فعلى الدولة ومنظمات المجتمع المدني القيام بواجبها، في منع أدلجة التعليم وإصﻻح التعليم على المساحة المشتركة بين كل أفراد المجتمع اليمني شماله وجنوبه شرقه وغربه، وإبراز جانب الحوار والتعايش في عالم يسوده اﻹخاء والمحبه، عيدكم سعيد وكل عام واليمن بأمن وإستقرار، والله من وراء القصد ..

حول الموقع

سام برس