بقلم/د. عبدالوهاب الروحاني
يسألونك فيقولون: لماذ نحن متخلفون ؟!

ولماذا نتراجع، ونسير بسرعة مذهلة الى الوراء؟!

لماذا لم نلحق بركب العصر كغيرنا من شعوب العالم ؟!

أسئلة مشروعة، تتداولها النخب بشكل يومي، ويغرق البعض في البحث عن اسباب هذا التراجع المخيف ؟!!

وكيف يمكن تجاوزه؟!

اعتقد ان ثلاثة اسباب جوهرية تكمن وراء المشكلة :

الأول:

• لاننا مصرون على ان نعيش في زمن غير زمننا ..

يعني اننا غارقون في الماضي ..

نعيش زمن السقيفة، ونتقمص ادوارا ليست من واقعنا ولا علاقة لها بعصرنا ..

نعيش في شعاب مكه، ونتمثل خلافات بطون قريش وافخاذ عبد مناف وبني هاشم، وحكايات ابي لهب وابي جهل، وتضحيات الانصار والمهاجري ..!!

ومن كان أحق بالخلاقة بعد وفاة النبي، سعد بن عبادة، ام ابو بكر ام علي؟! ثم من قتل سعد!؟ الجن ام أصابه سهم مجهول ؟! .

بعد 1444 سنة لا نزال نناقش و "نلت ونعجن ونخبز" في مقتل عثمان وصراع علي ومعاوية.. وهل عائشة نبحتها كلاب الجوأب أم كلاب الحوأب ..؟!

نحن في "العصر الرقمي" والتقنية المذهلة، ومع هذا لا نزال مصرين على ان نعيش قصص ما قبل التاريخ، التي لا تمت بصلة لا لحاضرنا ولا لمستقبلنا..

وتسألون: لماذا نحن متخلفون ؟!

الثاني:

• لأننا نمارس سياسة التجهيل، ولا نريد لأجيالنا ان تتعلم، وهي سياسة توارثها حكامنا لعقود طويلة.. لا لشيء وإنما لأنهم يريدوننا رعايا لا مواطنين، ويريدوننا جهلة وعميان طائعين لا نعرف لماذا يحكمنا اصنامنا !!

● اليوم يفرضون على طلابنا رسوما مدرسية واتاوات فوق طاقاتهم حتى يبعدوهم عن مدارسهم .. وحتى تتسيد الجهالة في المجتمع.

● يحولون المدارس إلى ثكنات عسكرية ومتارس للتحشيد والتدريب والقنص حتى ينشئوا جيلا لا يرى الحياة الا من فوهة البندقية.

● يمنعون عن المدرس راتبه وقوت يومه كي يلعن ليله ونهاره ويلعن مهنته التي لا تؤكل عيش، وكي يقنعون أطفاله ان التعليم مسار مجاعة وطريق موت.

*‏ في العام 2020 كانت اليمن تأتي في أسفل مراتب التعليم العالمي اما اليوم وفي 2022 بالتحديد فقد اختفت اليمن من قائمة التقييم العالمي للتعليم.. اتدرون لماذ؟!
لأنه لم يعد هناك تعليم، ولا مدرس، ولا مدرسة، ولا كتاب، ولأننا إن سمحنا بالتدريس فنحن ندرسهم الخرافة والاباطيل، وندرسهم حروبا وصراعات لا علاقة لهم بها، ونلقنهم ما لا يريدون حفظه ولا سماعه.. وإن استجابوا له صغارا فسيرفضونه -بالتأكيد- كبارا..

ذلك ببساطة لأنه ليس من عصرهم، ولستم من يغلق الفضاء بتعويذة أو حجاب.

الثالث:

لاننا لا نبحث في الحاضر والمستقبل ولهذا نحن متخلفون وسنظل متخلفين..

لكن السؤال الأهم هو كيف نتجاوز هذا الواقع المؤسف الذي نعيشه.. ونلحق بالاخرين؟!

والإجابة برأيي تتلخص في كلمتين اثنتين هما: تجديد الذاكرة..
ان جددتم الذاكرة .. فستحلون اولا كل مشاكلكم التاريخية المعقدة التي تعيشونها وعيشتم العالم العربي والاسلامي فيها قرونا من الدم والنار والغبار..

تحركوا خطوة واحدة إلى الأمام.. وانتقلوا من مربع التباكي على الماضي الذي سكننا وسكناه الاف السنين إلى مربع جديد .. فيه حياتنا وعصرنا.. وستكون الحياة أجمل وابهى مما هي في عيونكم اليوم.

فقط حدثوا الذاكرة وجددوا الوعي ولن تندموا، ودعوا التاريخ للمؤرخين، وارتادوا الجديد ..
وصدقوني ليس الجديد انتقاما من التاريخ .. بل هو إحياء له ولكن بعقلية معاصرة!!

نقلاً من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس