بقلم/غسان يوسف
ليس بمقدور أي من التحالفين الرئيسيين في الانتخابات التركية تحالف "الجمهور" بقيادة رئيس حزب العدالة والتنمية والرئيس الحالي رجب طيب إردوغان ، وتحالف المعارضة "الأمة" بقيادة رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليشدار أوغلو تجاوز الصوت الكردي الذي يُعتبر الصوتَ المرجحَ لأي ناجح مرتقب في الانتخابات المقبلة.

بدايةً لا بدَ من التوقف عند حزب الهدى الكردي "الدعوة الحرة" الذي تحالف مع إردوغان وهو امتداد لجماعة "حزب الله" التركية التي تأسست أواخر التسعينيات، حيث تتركز قاعدته الشعبية في مناطق جنوب شرق وشرق الأناضول، ما جعله في صدام دائم مع "حزب العمال الكردستاني" ذي التوجه اليساري العلماني المناهض للحكومة التركية والمحظور في تركيا بتهمة الإرهاب.

صحيحٌ أن شعبيته تتراوح ما بين 0.5 و1%، لكن مؤيديه هم من الأكراد المحافظين والإسلاميين الذين يناصبون العِداء لحزبي العمال الكردستاني والشعوب الديمقراطي.

ولكن السؤال: كيف سيكون لهذا الحزب تأثيرٌ في الانتخابات المقبلة، وشعبيته قد لا تتجاوز 1%؟

مؤيدو إردوغان يقولون إن انضمامه إلى تحالفهم قد يؤدي إلى مسارعة الكثير من الأكراد المحافظين والمترددين للتصويت لإردوغان الذي يعتبره أغلب "الأكراد العلمانيين" رجلاً غير موثوق به.

الحزب الآخر الذي ستكون له بيضة القبان في الانتخابات التركية هو "حزب الشعوب الديمقراطي" ذو الأغلبية الكردية الذي لم يعلن مرشحاً رئاسياً حتى الآن، ما شجع مرشح المعارضة كمال كليشدار أوغلو، للقاء الرئاسة المشتركة للحزب بروين بولدان، ومدحت سنجار . طبعاً، اللقاء تم داخل مبنى البرلمان التركي، وهذه رسالة لمتهمي الحزب بدعم حزب العمال الكردستاني، وحزب الشعوب الديمقراطي هو الحزب الذي يقود تحالف "العمل والحرية" ويضم هذا التحالف حزب العمال التركي، وحزب الحركة العمالية، وحزب العمل، وحزب الحرية الاجتماعية، واتحاد المجالس الاشتراكية، وهي في أغلبها أحزاب صغيرة لن يكون لها وزن إلا برمزية انضمامها.

السؤال الآخر: كيف يمكن أن ينعكس تحالف حزب الشعوب الديمقراطي، غير المعلن، مع تحالف الطاولة السداسية على الحكومة التركية المقبلة؟

وهل سيؤدي التحالف بين الاثنين إلى الإفراج عن الرئيس المشترك السابق صلاح الدين ديمرطاش المسجون منذ 4 أكتوبر 2016 مع الرئيسة المشتركة السابقة للحزب فيغن يوكسكداغ، ونواب آخرين؟

وكما هو معلوم فقد قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأنه ينبغي إطلاق سراحهما مع رجل الأعمال الناشط عثمان كافالا، للتذكير فإن أنقرة انضمت إلى المحكمة الأوروبية عام 1954.

سؤال آخر أيضاً، ماذا بشأن حزب العمال الكردستاني المحظور والملاحق والمتهم بالإرهاب؟ وهل من الممكن أن يخرج عبدالله أوجلان من السجن؟ وكيف سينعكس ذلك على سوريا، ومشروع الإدارة الذاتية؟

يبدو أن الصيغة التي توصّل إليها كليشدار أوغلو مع حزب الشعوب كانت مدروسة بعناية، لتجنّب أي ارتدادات سلبية على وحدة التحالف السداسي، حيث تضمّنت تخلي الحزب عن تقديم مرشّح للرئاسة وتوجيه أصواته الكردية إلى كليشدار أوغلو، من دون أن يصل التعاون الانتخابي بينهما إلى حد إشراك الحزب في التحالف السداسي، بالنّظر إلى رفض حزب الجيد "القومي" أي تحالف مع حزب الشعوب!

بالطبع هذه الصفقة غير المعلنة من شأنها أن ترفع الحرج عن زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار، التي تتخوّف من أن يؤدّي الدخول في تحالف مُعلن مع حزب الشعوب إلى تفكيك حزبها وعودة الأصوات القومية فيه إلى حزب الحركة القومية حليف الرئيس أردوغان.

يمكن القول إن المرونة التي أظهرها حزب الشعوب في المفاوضات مع كليشدار أوغلو كانت لافتةً، وتعكس واقعية لديه في الاشتراطات التي وضعها على التحالف السداسي مقابل دعمه انتخابياً.

وهنا لا بد أن نذكّر أن الحزب ساهم بدعم تحالف المعارضة في الانتخابات البلدية عام 2019 ما أدى إلى نجاحها في انتزاع أكبر بلديتين في تركيا من حزب العدالة والتنمية (الحاكم)، وهما بلديتا إسطنبول وأنقرة. على اعتبار أن القاعدة التصويتية لحزب الشعوب الديمقراطي تتراوح بين 10% و13%، وستكون حاسمة في ترجيح كفة التحالف السداسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بالنّظر إلى أن استطلاعات الرأي الأخيرة تُظهر أن كلا التحالفين غير قادرٍ على حسم الانتخابات الرئاسية لصالحه من دون الحصول على دعم الصوت الكردي عموماً، وناخبي حزب الشعوب الديمقراطي على وجه الخصوص، لكن هذا لا يعني أن النتيجة محسومة، فالانتخابات في تركيا لها حسابات ودهاليز قد تظهر في الوقت المناسب على عكس الكثير من التوقعات.

نقلاً عن المشهد

حول الموقع

سام برس