بقلم/ عائشة سلطان
«إن الطفل الذي تم إثراء حياته بالقصص هو طفل غني حقاً»، هذه المقولة تعود للكاتب المصري يعقوب الشاروني «1931 - 2023»، الذي غادر الحياة يوم أمس الخميس عن 92 عاماً، وهو كاتب وصحفي من رواد أدب الأطفال في مصر والعالم العربي، اهتمّ بهذا الفن وأعطاه عمره كله، وقد برع فيه وترقى عبره إلى وظائف ومناصب مهمة، حتى كان مسؤول صفحة الأطفال في الأهرام التي كان ينشر قصصه في صفحتها الأخيرة.
ولقد أسهم في إثراء تجارب ومهارات كتّاب قصص الأطفال الذين كانوا يجتمعون في بيته بشكل مستمر.
وليس من شك في أن جيلاً يمتد جغرافياً على طول الوطن العربي وعرضه يدين بالفضل للثقافة المصرية وللكتّاب المصريين المتخصصين في الكتابة للطفل منذ سنوات الأربعينيات، وقد كان يعقوب الشاروني أحد هؤلاء البارعين في هذا المجال، فعبر عوالم حكايات المكتبة الخضراء الساحرة كنا نبحر ونحلق وتنضج تجربتنا ويزداد شغفنا بالقراءة والكتب.
ترك وراءه عدداً كبيراً من قصص الأطفال التي تربت عليها ذاكرة الأطفال في مصر والعالم العربي، ومع الشاروني كانت هناك أقلام كثيرة تكتب تلك القصص التي تعود جذور بعضها للأدب العالمي والإنساني، وقد وصلتنا عن طريق مصر منذ أيام البعثات التعليمية الأولى التي قدمت إلى المنطقة منتصف خمسينيات القرن الماضي، وذهاب بعض أبناء المنطقة لمصر وافتتاح مكتبات خاصة كانت تبيع سلسلة قصص المكتبة الخضراء.
المكتبة الخضراء، هي المشروع القرائي التثقيفي الأبرز الذي اضطلعت واهتمت به مؤسسة «دار المعارف» المصرية منذ تأسيسها في 1890 لتوفير الكتاب الضروري والمناسب للطفل العربي الذي يناسب مراحله العمرية المختلفة، حتى ينشأ الطفل محباً للكتاب ومقبلاً على القراءة، وهذا ما تحقق بالفعل بالنسبة للأجيال التي تتلمذت على ما قدمته المكتبة الخضراء من سلسلة إصدارات عالمية وعربية، بدءاً من الأربعينيات في القرن الماضي.
لقد كانت سلسلة المكتبة الخضراء أول ما تفتح عليه وعي جيل كامل اعتبرها بمنزلة الجنة الحقيقية، فعكست فيما بعد ثقافة ذلك الجيل الذي تربى عليها، وتكون وجدانه ووعيه بالكثير مما كان يدور في بيئتهم عبر قصصها المشوقة، خاصة حين صاغتها أقلام الكتّاب المصريين.
نقلاً عن البيان