سام برس
اللوحات في تعدد أحجامها و أشكالها تجتمع لتفضي الى هذا العنوان الدال اسطوريا وأدبيا وجماليا والذي اتخذته كتعلة عميقة للقول برغباتها تجاه الفن و الكامنة فيه نبشا و اجتراحا و توغلا في ...الحلم..
انها فتنة الحكي الجمالي في عالم معطوب منذ القدم و مفعم بعناصر السقوط المريع..
أعمال بتنوع في الشكل والحجم بتقنيات و بتصرف فيه الكثير من التعبيرية و الحركة ضمن الفضاء العام للوحات فنحن أمام شخوص و أصوات في تعددها لتشكل بالنهاية نظر و لغة و حواس و رسائل الزعفوري في امتداداتها الزمنية قدييييييييما و راهنا..
شمس الدين العوني
من فكرة بالدواخل حيث الذات في هيجانها الرجيم نظرا و حلما و تقصدا لما به تفصح الأحوال عن معانيها و هي في حلها و ترحالها ..أخذا بناصية الفن و هو يعلي من شؤون و شجون شتى..هو الكائن يحمل قلبه في الدروب يحاول ما تداعى به من خوف و شغف و ألم ...و أمل قديم معتق يفضي الى الراهن في ارباكاته و انكساراته حيث التلوين مجال قول مفتوح على الأساطير و الموحش و المبهج في سير المخلوقات ...
كون من أحاسيس و هواجس عبر زمن مفتوح و متواصل في هذيانه تجاه العناصر و الأشياء و التفاصيل حيث جدة قديمة من بدايات قديمة أيضا تروي الما يحدث..و تماما..مثل شجرة قديمة في أزمنة نائية تحكي شجنها للأغصان..تفصح عن نواحها الخافت..هي تفعل ذلك بينما...حطابون ينعمون ...بموسيقى الفؤوس..
هي لعبة الحكي في أرض الفن تعري ما تداعى من حال الكائن و هو ينعم بالألوان تغري القماشة بالقول في حميمية فارقة..في تقابل بليغ بين ما أسطرته الشواسع في الانسان ...و الحلم اذ يكفي أن يحدث ذلك ليمضي الهائم بالفن الى ركنه يلتقط سرديات ملونة من الفجائع و سوريالية بطعم الشجن و ما الى ذلك..و لكن في ضرب من التلقي و البث المبهجين حيث أن هذا ما يغنمه الفنان في صفائه تجاه الآخر..العالم..
انها فتنة الحكي الجمالي في عالم معطوب منذ القدم و مفعم بعناصر السقوط المريع وفق تداعيات من أمزجة و قيم معكوسة و رداءات سائدة و من ثمة و في هذا الحكي و بحسبه لم يبق غير ...الحلم..نعم الحلم هذا ابن النوم ..و اليقظة ..و ليس من مجال غير المواءمة الرائقة في سمو ذهني و ابداعي بين الواقعي و المتخيل و الأسطوري كحامل للاعتمالات و العواطف و ما يتطلبه كل ذلك من نظر عميق في تأويل لى يخرج عن جماليات شتى هي محصلة الفن ..و الفنان .
و الحلم هنا ذهب ليكون عنوانا لافتا محيلا الى قراءات مولدة و متحركة في حدث فني جمالي بمضامين لها من عطور الشعر نصيبها المتخير.. مورفيوس (Morpheus) احالة ضمن الأساطير الإغريقية إلى إله الأحلام و باعتبار كونه أحد أبناء هيبنوس إله النوم..حيث كان يعتقد أنه يأخذ شكلاً آدميًا ويظهر للناس في نومهم...و من هذا الاطار و غيره كان الفن و ما يزال يتطلب الحلم الشاسع لتغذية الخيال و الذات لأجل الابداع و التجدد و اعادة النظر تجاه الأشياء و ابتكار صياغات أخرى و مختلفة للمرغوب في قوله و استدعائه جماليا و أدبيا بما يحيل الى المنجز في خصوصياته التي منها و هذا الأهم ابداعيته.
هكذا نلج عوالم التجربة المفضية الى معرض مهم للفنانة التشكيلية و الباحثة شيماء الزعفوري التي خلصت في معرض جامع لحيز لافت من أعمالها الفنية الى فكرتها الفنية حيث اللوحات في تعدد أحجامها و أشكالها تجتمع في السياقات المذكورة و عليها و بها لتفضي الى هذا العنوان الدال اسطوريا و أدبيا و جماليا الذي اتخذته كتعلة عميقة للقول برغباتها تجاه الفن و الكامنة فيه نبشا و اجتراحا و توغلا في ...الحلم..هذا الذي أرهق الانسان و الكائنات..الكل حلم و يحلم..حيث يبقى الفن هذا الملاذ الممكن للحفاظ على الحلم و لشحنه و للقول بوجهه.. اننا نتقصدك و نحبك أيها الحلم..لا تتركنا يا حبيبنا الحلم..نحن هنا سيدنا الحلم...
و الفنانة شيماء الزعفوري متحصلة على الدكتوراه في علوم و تقنيات الفنون سنة 2019 بتونس العاصمة و درست بالمعهد العالي للفنون و الحرف بصفاقس و تدرس حاليا بالمعهد العالي للفنون و الحرف بسيدي بوزيد و لها مشاركات متعددة في الفعاليات الثقافية و التشكيلية و العلمية ضمن الندوات و ذلك فضلا عن معارضها الفردية و مشاركاتها في معارض جماعية كما أنها شاركت في العديد من الملتقيات داخل تونس وخارجها من ذلك حضورها في بوركينا فاسو و الكونغو و تركيا و المغرب و الكاميرون و كوريا و فرنسا.
مورفيوس (Morpheus) العنوان الحاضن لهذا المعرض الخاص للفنانة التشكيلية شيماء الزعفوري المنتظم بالمعهد العالي للفنون والحرف بمدينة سيدي بوزيد و قد شهد اقبالا من قبل طلبة المعهد و رواد الفنون الجميلة و أحباء الابداع الفني التشكيلي حيث قدمت منجزة الأعمال بانوراما لشغلها الابداعي بما يحيل الى جانب من تقصدها الجمالي ضمن رؤيتها المخصوصة و التي رافقتها من سنوات في تعاطيها مع الرسم و التلوين و غيرهما من التعبيرات فهي فنانة مسكونة بهواجس الاختلاف و الذهاب في الطرق غير المطمئنة بروح مغامرة فيها الكثير من الرغبة في الفن و تفاصيله و بحلم دفين فيه الكثير من شاعرية الأحوال و بمناخات من سرديات بينة و أسطورة موحية و محركة و باعثة على المضي أكثر في أرض فنية تخيرتها شيماء ..تقصدا لدرب جميل للانسان يخلص فيه و به الى عالم الأحلام قتلا للانكسار و الصدام و السقوط المريع ..انها انتظارات فنانة ضمن مسارات تعبيرية في مجالات فنّ تشكيليّ معاصر وفق رؤاها المختلفة ..أعمال بتنوع في الشكل والحجم بتقنيات و بتصرف فيه الكثير من التعبيرية و الحركة ضمن الفضاء العام للوحات فنحن أمام شخوص و أصوات في تعددها لتشكل بالنهاية نظر و لغة و حواس و رسائل الزعفوري في امتداداتها الزمنية قديييييما و راهنا حيث الفن هنا حمال معان و كلمات هي عين هذا " الحلم الزعفوري " المفتوح على الدهشة و البهجة و القلق و ال....أمل...
الفعل التشكيلي هنا مساحات خيال ضمن عوالم الإنسان والكون والطبيعة وفق الاحالة الى ديناميكية بها حركة الحياة الأشياء والعناصر والشخوص والمفردات يمكنها الحلم من التواصل جماليا في كل ما هو بينها ..هي فسحتها في أرض الفن الشاسعة في ضرب من النظر الجمالي و الفلسفي و الشعري تقصدا للكنه و ما يعلي من شأن الجوهر...جوهر اللعبة الفنية في مقابلتها الشاملة مع الكينونة ..
معرض به أعمال هي ثمار سنوات من البحث و التفكير حيث الجمال الخفي و البين و التقنيات في بهاء توظيفها ليلنس المتلقي هذا النزوع تجاه تيارات السوريالية و التكعيبية الى جانب بروز حال القسوة و تبين مظاهرها بيسر و هو ما يطلبه جانب من مضمون اللوحات على غرار الوحشية...
عالم و مزيج من الأحاسيس تزخر بها أعمال مختلفة لشيماء الزعفوري في احالة الى عنفوان الوعي و الادراك ساعات انجاز العمل الفني في سياقاته هذه بين الثقافي و لاجتماعي و الانساني و الوجداني و الحضاري وفق المألوف و المختلف و الثابت و المتحول ..
هكذا هي التجربة ضمن هذا السياق من المعرض الفردي لشيماء الذي حوى (22) عملا فنيا بنباهة من الاحساس و بجمالية تعمل ضمنها و تواصل فيها في شواسعها من الرمزي و الأسطوري و اليومي فكأننا تجاه ملحمة ملونة تستدعي الأسطوري لتدعم قولها في هذا الراهن المربك و الموحش و لعل ما يحدث لغزة و شعب فلسطين المقاوم و الصامد امام صمت كوني مريب من قبل آلة الابادة الصهيونية حيث بشاعة الأفعال ..شكل مجالا قديما متجددا من فعل الطغيان و الخراب الانساني الذي و اجهه الفن و الملاحم بالادانة جماليا و وجدانيا و هذا المعرض في حيز مهم منه كان ضمن هذا السياق أو تزامن معه و لكنه يعيد للذاكرة الفنية فعل الوعي و دور الفن في مواساة الانسان..
تجربة فنية تفضي لهذا المعرض الفني المخصوص حيث تمارس شيماء الزعفوري شغفها الفني كما تقصدته مخاطبة الحواس و الناس و الكائنات بما اعتمل بدواخلها من شجن و وعي و جمال لأجل الحلم...الفن هنا هو ذلك الحلم البليغ...المؤلم...الممتع..و الباذخ.