بقلم/ الدكتور / علي أحمد الديلمي
سقطت اليمن في دوامة الصراعات المناطقية والطائفية والمذهبية والاقليمية الناتجة عن الحروب المستمرة كما ان استمرار الفراغ الأمني والسياسي اصبح شبه مستدام في أطار الدولة الغائبة لأن أشكال جديدة للدولة نشأت على حساب القانون والدستور او بسبب غياب الدولة
في هذا الوقت يبحث اليمنيين عن دولة غابت عنهم وربما يقول البعض ان اليمنيين اليوم بحاجة إلى بناء دولة جديدة يتفق عليها جميع اليمنيين تظهر بقوة في هذه الأيام ولكن المشكلة أن هذه الدولة الجديدة لم تر النور لأن جهود الأمم المتحدة والفاعلين الاقليمين في اليمن لم تثمر عن أي شئ ملموس بالإضافة إلى الاستمرار في تمكين نفس الأدوات الفاسدة في الحكومة اليمنية إلى الاستمرار في مناصبها رغم مؤشرات تقارير محلية ودولية تؤكد فشلها وفسادها وخير دليل على ذلك تعيين رئيس الحكومة الجديد الذي لم يقدم اي شيئ اثناء عمله في الخارجية فماذا يمكن ان يعمل كرئيس وزارء جديد غير مزيد من أرباك المشهد السياسي والاقتصادي والاستمرار في الفساد بوتيرة أكبر
الأوضاع في اليمن تشهد حالة أضطراب وعدم استقرار كما ان الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتداخل يعتبر حرجًا جدًا ويُنذر بمشاكل كبيرة لعدم تقديم حلول حقيقية لكل أزمة بسبب ضعف أدا الحكومة السابقة وانعدام الثقة في القادم وتغول الأحزاب المتنفذة والمليشيات التي تعيق بناء مؤسسات الدولة وتقديم إصلاحات حقيقية ناهيك عن وجود صراع نفوذ واستقطاب إقليمي حاد حيث يرغب كل طرف أن يكون اليمن ضمن مجال نفوذه العسكري والسياسي ورغم أن اليمن لم يعد قادرًا أن يكون طرفًا في أي محور لأنه سيتضرر بجميع الأحوال لوجود نفوذ اقليمي كبير ومتغلغل في جميع الملفات اليمنية والتي تسببت في دخول اليمن في مزيد من الصراعات والاشكاليات وعدم الاستقرار المجتمعي و هو النتيجة النهائية للتأثر المتبادل بين عدم الاستقرار الاجتماعي الذي يتأثر بدايةً بعدم الاستقرار السياسي ومن ثم الاقتصادي والاجتماعي فانعدام الاستقرار السياسي دفع إلى حدوث عدم الاستقرار الاقتصادي وأحيانًا يحدث العكس بسبب السياسات الاقتصادية الفاشلة وعدم القدرة على خلق وظائف تستوعب جيوش العاطلين عن العمل وعدم قدرة الحكومة على الاستجابة للمطالب العامة للمواطنين من الخدمات العامة والاحتياجات الأساسية التي تدفع الناس للخروج إلى الشارع أو الانضمام لجماعات العنف أو أعمال الشغب ضد النظام السياسي
ولا أريد هنا الدخول في نقاش او جدال حول مدى أهمية الجهود الاقليمية بالنسبة لليمنيين وتحديدا مايتعلق بالأوضاع المعيشية والاقتصادية ولا سيما لجهة أنه يتم بشكل دائم الإعلان عن اولوية تقديم المسائل الإنسانية المتعلقة بحياة اليمنيين عن أي شئ أخر لان هذا الموضوع يحتاج إلى جهود يمنية رسمية تعكس كل هذه التوجهات إلى امر واقع ينعكس على حياة المواطن اليمني
وكما نعلم ان الأمر يزداد تعقيدًا وتركيبًا في مايحدث في اليمن بسبب أنّ التدخلات الدولية والإقليمية تتحكم في مساره ومآله إلى حد كبير فعلى المستوى الإقليمي يُنظر إلى إيران من جهة والسعودية ومعها دولة الإمارات (في إطار التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن) من جهة ثانية باعتبارها مَن تقود الصراع اليمني وتدير بشكل مباشر القوى المحلية النشطة على الأرض ومع ذلك هناك فاعلون إقليميون فرعيون ينشطون في شؤون اليمن غير أن نشاطهم محدود التأثير كما هو حال مصر وسلطنة عُمان وقطر وتركيا وعلى المستوى الدولي الذي يقوم برسم خريطة الأزمة وتوجيه مسارها من خلال التحكم بعدد من المفاعيل المؤثرة في احداث اليمن تعد الولايات المتحدة اللاعب الأقوى في هذا المستوى التى دخلت الان بشكل مباشر في هذا الصراع من خلال توجيه ضربات عسكرية على اليمن لحماية الممرات الملاحية في البحر الأحمر ومن بعدها يحضر بدرجات تأثير أقل كلٌ من المملكة المتحدة والبعثة الأممية والاتحاد الأوربي وروسيا والصين
نحن أمام مرحله من أهم المراحل في تاريخ اليمن وان عدم تعامل الأطراف اليمنية بمعطيات الواقع السياسي الذي يجري في اليمن ورغبة الأشقاء في المملكة العربية السعودية في السلام فإن البديل هو استمرار الصراعات والحروب التي ستنهك جميع الأطراف وتجعل من مستقبل اليمن في حكم دوامة الصراعات المستمرة
*سفير بوزارة الخارجية