بقلم/ يحي يحي السريحي
حتى المحللين الجهابذة والمختصين بالشأن الفلسطيني لم يتوقعوا أن يكون القائد المجاهد يحيى السنوار مهندس وقائد طوفان الاقصى خليفة للشهيد الدكتور إسماعيل هنية ، ليس لعدم استحقاق السنوار وعدم أهليتة لهذا المنصب ، ولكن الاستغراب والحيرة معا تكمن في التوقيت والظرف الحساس والمفصلي التي تعيشها الحركة والمعارك العسكرية مع العدو الصهيوني ، فالمعارك العسكرية تحتاج للتفرغ التام لها وعدم الإنشغال بغيرها .

أما القائد يحيى السنوار فلا يختلف عليه اثنان بإنه خير خلف لخير سلف ، والمعروف عنه شدة ذكائه ، وأنه سياسي مخضرم ومن الطراز الرفيع ، ولكن ميادين السياسة غير ميادين القتال ، كما  أن الظرف والزمان ليسا في مصلحة السنوار على المستوى الشخصي ، وليس في مصلحة الحركة والمعركة العسكرية القائمة مع الكيان الصهيوني على المستوى الوطني للتقلد لمنصب مهم كرئيسا للمكتب السياسي للحركة ، بل أجد أن اختيار السنوار في هذا التوقيت بالذات - وهذا رأي شخصي - يصب في مصلحة العدو الصهيوني الذي سيكون شغله الشاغل وأحد أهم أهدافه الاستراتيجية في المرحلة الراهنة هو اغتيال يحيى السنوار في أي مكان وتحت أي ظرف.ان اختيار الحركة للقائد السنوار ليتولي رئاسة المكتب السياسي للحركة في هذا الوقت بالذات كأنه هدية تقدمه الحركة لحكومة العدو الصهيوني على طبق من ذهب لاغتيال السنوار والتخلص منه.

فالحرص على حياة الرجل الذي هز عرش الكيان الغاصب بثورة طوفان الاقصى وتكبد فيها العدو الخسائر البشرية والمادية والعسكرية الكثير ، كان حريا بالحركة أن تكون أكثر خرصا على حياة الرجل بل وأن يكون ذلك من أولى أولوياتها في المرحلة الراهنة بدلا من الدفع بالرجل لقيادة الحركة في هذا الوقت ووضعه في وجه المدفع الصهيوني .. إن طوفان الاقصى ليست انتفاضة ، أو حركة مقاومة وعملية عسكرية سرعان ما قامت وسرعان ما تخمد ويقضى عليها ، ولكن طوفان الاقصى ثورة اشتعلت في وجه العدو الصهيوني ولن تخمد تلك النار إلا بعد أن تحرق ذلك الوجه القبيح ، فها هي ثورة طوفان الاقصى المباركة تدخل شهرها الحادي عشر ولا زال لهيبها يشتعل في جسم العدو ويلتهم جنوده وعتادة ومعداتة العسكرية ، وإذا كان العدو قد وضع استهداف يحيى السنوار واغتيالة من أولوياته بعد طوفان الاقصى فأنه اليوم قد اضحى بعد اختيارة رئيسا للحركة هدفا استراتيجيا لا رجعة عنه ، بل ان العدو اليوم سيعتبر القضاء على السنوار قضاء على الحركة وانتصارا له في هذه الحرب المشتعله أوراها منذ إحدى عشر شهرا ، لأجل ذلك ستسعى حكومة الكيان للتخلص من السنوار بأي وسيلة وبأي طريقة ، وفشل الكيان في  اغتيال السنوار حتى الآن يقض مضجع العدو ويألمه كثيرا ، ولعل اهم أسباب فشل العدو الصهيوني في اغتيال السنوار أن القائد السنوار يعمل ويتحرك بعقلية العدو الصهيوني فهو على دراية كاملة بتلك العقلية اليهودية الخبيثة كيف تخطط وكيف تفكر ، فكان الأجدر والأولى أن لا يشغل القائد السنوار من شاغل سوى مقارعة العدو الصهيوني في جبهات العزة والكرامة وإلحاق مزيدا من الخسائر البشرية والعسكرية بالعدو الصهيوني .

وما نخشاه الآن وبعد اختيار السنوار خلفا للشهيد اسماعيل هنية أن يزداد العبئ على كاهل السنوار فإلى جانب تحمله عبئ قيادة وخوض المعارك العسكرية حمل الرجل عبئا جديدا وهي المعركة السياسية والتي لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية ، وأمثال يحيى السنوار لا يسعون للحصول على مناصب سياسية أو عسكرية سواء على مستوى الحركة أو على مستوى الدولة الفلسطينية ككل ، فأمثال هؤلاء الرجال هدفهم الوحيد الانتصار لمظلوميتهم ونيل حريتهم وطرد الغاصب المحتل من أراضيهم وإلى غير رجعة . فهل اختيار يحيى السنوار خلفا لهنية اختيارا ناجحا أم خطئا فادحا سيكون ثمنه غاليا ؟ هذا ما ستخبرنا به قادم الايام . 

حول الموقع

سام برس