بقلم/ احمد الشاوش
تُثبت الايام والشهور والسنين والازمات السياسية في اليمن ان الكثير من القيادات والنُخب والاحزاب والقواعد والمشايخ والجماعات في اليمن ، قابل للطرق والسحب والتشكيل مثل الحديد الزهر أو العجينة اللينة ، وكما يقال أن الرئيس اليمني الاسبق المشير عبدالله السلال سؤل ذات يوم ، كم عدد اليمنيين .. فأجاب خمسة مليون.

وسألوا السلال كم عدد الناصريين فقال خمسة مليون ، والبعثيين فقال ، خمسة مليون والاخوان المسلمين ، فقال خمسة مليون والاشتراكيين فأجاب بنفس الرقم ، فُذهل المحاور وأستغرب الحاضرون من اختلاف وتضاعف الرقم في دقائق.

ولذكاء وحكمة وسخرية الرئيس السلال وتجاربه السياسية وايصال فكرته عن معايشته للواقع السياسي المُر وعمليات البيع والشراء ، اختزل مشكلة اليمن ليؤكد ان الكثير من ابناء الشعب اليمني يجيد لعبة "الحرباء" والشيطنة ومسرحية التحولات والمتغيرات والانقلابات والثورات بين ليلة وضحاها والوقوف في صف الاقوى وان كان على باطل لايمانه الكبير بثقافة الجهل وحُب المال وطلبة الله من أي جهة دون أي خطوط حمراء أو قيم واعراف أو وازع ديني يردع البعض ، بينما بعض اليمنيين تجدهم ثابتين على عهدهم ودينهم وقيمهم بالفطرة.

والعجيب في الامر ان ثورة 26 سبتمبر العظيمة قامت ضد طغيان وفقر وجهل ومرض الامامة وكل ثائر كان يشقى مع الجمهورية الجديدة من الصباح الى المساء بسلاح ورجال وفلوس مصر العزيزة التي حررت الشعب اليمني من الاستبداد من اجل تكريس فكرة القومية العربية.

والبعض الآخر من اليمنيين يشقى مع النظام الملكي بقيادة الامام محمد البدر ، من آخر الليل الى أول النهار وبفلوس اليمنيين التي جمعها الائمة من الزكاة والجبايات واودعها في خزائنه ذهباً وفضة ، بالاضافة الى دعم بريطانيا وامريكا ومرتزقتهم وهات ياجنيهات وياقروش ويا زلط ونهب وقطع طريق وقتل وخراب بيوت تحت عناوين التحرر والكفر والاسلام وعلى قولة المثل اليمني " الحجر من القاع والدم من رأس القبيلي" ، وما ان حل السلام حتى تقاسم شياطين الثورة والملكية الملوثة اياديهم بالدماء المناصب والمؤسسات والثروة وحتى المرتبات والدعم الخارجي.

والشاهد اليوم ان التاريخ يعيد نفسه بأساليب وأقنعة وخطابات وولاءت مختلفة ، بدليل ان أزمة اليمن طيلة عشر سنوات منذ بدء الربيع " العبري" ، كشفت المخبئ وتساقطت كل أوراق التوت ، فقيادات الحزب الناصري الذي تفاخر بقيم ومبادئ الزعيم الخالد جمال عبدالناصر رحمة الله عليه معلناً ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والنظام الجمهوري أصبح بوقاً للرجعية والانظمة الملكية ويحج على مدار الساعة حول سفارات بريطانيا وامريكا والرياض وغيرها من الدول المهيمنة.

والاخوان المسلمون في صنعاء وغيرها من الدول بعد ان كسبوا ود الشارع وسيطروا على المساجد والخطابات والجمعيات الخيرية والمنظمات الحقوقية والانسانية وشاركوا الانظمة في السلطة والقرار والمال والثروة أصبحوا مجرد أدوات اتصال مباشرة مع سفراء ومخابرات بريطانيا وامريكا وقطر والرياض وتل ابيب لتهديد وتدمير الانظمة الجمهورية مضحين ب، 96 عام من التاسيس وبناء التنظيم العالمي الذين قالوا انه سيحكم الشرق والغرب في العام 2020 تحت قناع الخلافة الاسلامية وفقاً لمقولة الشيخ عبدالمجيد الزنداني التي هيجت وخدرت كوادره في الساحات بانه سوف يحكم الشرق والغرب واذا بالتنظيم يسقط في مصر وسوريا واليمن والسودان والاردن وتونس ويفضل الهروب والصمت في قطر والكويت وتركيا ، فضاعت عليه الصعبة واصبح تائه وملاحق في الشرق والغرب ، بعد ان تحولوا الى قنابل واشعل الدنيا في احداث الربيع العربي 2011م وقالوا ان تحرير " القدس " يبدأ من " دمشق والقاهرة " ، وغامروا بدون عقل ولا حكمة ولا سياسة بمستقبلهم السياسي والزخم الشعبي والثروات التي جنوها والشراكة والسمعة و تحولوا الى مجرد بالون وجيوش الكترونية عاجزة عن العودة الى بلدانها ومضحية باستثماراتها والاموال المهربة الى تركيا وقطر ومصر والاردن وبريطانيا و اثيوبيا وجبوتي وغيرها من الدول الذي نتوقع في أي لحظة مصادرتها وحجزها تحت ذريعة الارهاب او غسل الاموال والفساد للضغط على التنظيم والاستمرار في استنزاف الانظمة العربية.

حتى الحزب الاشتراكي الذي كان له سمعته وقوته وبطشه ونظامه القوي ومفكريه ومنظريه تطايرت قياداته ونُخبه وفضلت الحصول على سفارة في لندن او المعيشة في ابوظبي والاستقرار في واشنطن أو الاستجمام في القاهرة وأصبح بلا خريطة ولا بوصلة ولاهدف مكتفياً بالبيانات ومدى الله - مدى الله.

حلاصة الخلاصة .. اليمنيون لايؤمنون بحزب ولا حركة ولا جماعة ولا انقلاب ولا ثورة ،ولا مذهب ولاقرية ولا منطقة إلا اذا كانوا سيحصلون على مصالح شخصية .

جاء الائمة وناصرهم بعض اليمنيين لمصلحة.. غزانا البرتغاليين والبريطانيين والاتراك وناصرهم بعض أخواننا لمصلحة شخصية ايضاً ، وجاء الاتراك وانخرط بعض اليمنيين ببندقيته معهم.

وجاء المصريون يحرروا اليمن ولولا المال والسلاح والجيش المصري وبعض المتعلمين الذين عقدوا العزم على تغيير واقع اليمن لما نجحت الثورة ورغم ذلك بقي الخبير العربي " المصري" هو الحاكم الاول في القيادة العامة في اليمن يدير شؤونها فلا ترقية ولا حركة ولا تشكيل حكومي ولا شاردة وواردة الا بعد الاطلاع والموافقة والامضاء عليها ..

ومارس الملحق العسكري السعودي صالح الهديان نفس اسلوب " الرقابة " من داخل العاصمة صنعاء وأشترت اللجنة الخاصة كم من قائد وسياسي ومسؤول وشيخ علم وقبيلة وحزبي ومثقف واعلامي ومُخبر جمهوري وملكي تحت تأثير مخدر المال ..

وواصلت سفارة قطر لعب نفس الدور قبل وبعد احداث الربيع العربي بشراء الذمم وكذلك إيران وسلطنة عُمان على حساب امن واستقرار وتنمية وازدهار الدولة اليمنية ، والسبب الحقيقي اننا لا نعيب على تلك الدول والانظمة تدخلها في شؤون اليمن فقط ولكن العيب واللوم الاكبر يقع على الكثير من القيادات العسكرية والسياسية والامنية والنُخب والاحزاب ومشايخ الدين والقبيلة والمثقفين والاعلاميين الذين استلموا الاموال الحرام والمخصصات الملوثة من سفارت الدول الاقليمية والدولية التي ساهمت في تدمير الدولة اليمنية ومؤسساتها وجيشها وشعبها ومنجزاتها وسلموها للجماعات والمليشيات وتجار الحروب بل ان البعض قاتل بكل وسيلة على ان يرهن مستقبل اليمن ويضعة تحت تصرف مجلس الامن الدولي نكاية بهذا الحاكم او تحقيقاً لاجندة تلك الامارة أو الدولة والنظام المشبوة .

[email protected]

حول الموقع

سام برس