بقلم/ الدكتور حسن حسين الرصابي
المستقبل محفوف بالمخاطر والفوضى والتدمير , والصهيونية الوقحة تكشف عن وجهها القبيح المقتر !!
من يرى واقع العرب المتهاوي ..؟ ومن يتابع تطورات المواقف الملونة وغيرها ومن ساقه سوء حظه أن يعيش هذه المرحلة المتماوجة مع الأحداث ومع أكثر من تحدٍ وأكثر من تهديد يصل إلى تأكيد مفاده ان الوطن العربي يعيش أسوأ احتمالات الانهيار ولاسيما بعد أن كشفت الصهيونية عن وجه قبيح مقتر مظلم وعن صورة مغبرة وتحديداً حين رافقت ذلك صلف وانصياع أمريكي غربي للرغبات الطائشة للصهيونية الذين تحالفوا جميعاً ليدشنوا مرحلة اسوأ من مرحلة سايكس بيكو حين تقاسم " العالم الاستعماري " المنطقة العربية وتشكلت سلطات انتداب واحتلال دامت سنوات طويلة قبل أن تأتي مرحلة التحرر الوطني وتأسيس الدولة الوطنية في أقطار عربية عديدة .. هاهي الدول الاستعمارية الجديدة القديمة تعاود الكرة اليوم وتعيد انتاج فترات سيطرة جديدة تحت عنوان جديد الا وهو الهيمنة الصهيونية التي تصدى لها الأحرار الشرفاء في المنطقة العربية وتمحورت بتشكيل تكتيك عربي اسلامي لمواجهة هذه الهجمة الشرسة للصهيونية المتوحشة والاستعمارية الجديدة بقيادة أمريكا واسناد بريطانيا والمانيا وفرنسا..

وحيث يعيد المرء التفكير ويعيد قراءة الأوراق سواء الواضحة أو الملتبسة يصل الى مفهوم يشير الى أن التاريخ يعيد نفسه , فذات الوجوه التي اعتادت الخنوع والتبعية تكرر نفسها وتعش المواقف المتذبذبة تظهر إلى السطح وتكشف عن دناءة عجيبة لدى القيادات الكرتونية الورقية الهشة التي لا تريد أن ترى أبعد من ارنبية انفها وتكتفي بقشور السلطات ولوكانت مغموسة بالذل والاستكانة والخنوع والتبعية للغير والانبطاح للأجنبي المتسلط ..

اليوم بكل أسف بعد أن دكت غزة وأزهقت أرواح بريئة هاهي بيروت عاصمة عربية تدفع الثمن باهظاً فيما الأعراب متبدلون ومنكفئون على أوجههم وعلى أنوفهم وكأن شيئاً لم يكن ومما يزيد الطين بله ان الصهيونية المتوحشة تتمادى في وقاحتها وفي صلفها فيما الاعراب يتنافسون من يقدم لها خدماته العديدة واسناده لها ويقدم المشورات والمعلومات دون أدنى شعور بالخزي أو العار , بل يظنون ما يقومون به سياسة فن الممكن في سعي ذليل لاكتساب الرضى والقبول من بني صهيون .. وها نحن نرى بأم اعيننا كيف تدك آلة الدمار الصهيوني الأحياء والشوارع في عاصمة عربية " بيروت " وبلدات وقرى لبنان الشقيق .. ونحن منشغلون في تحليل ما ذا يريد خنزير قرية يفيد وجزار سوق الربوع الصهيوني نتنياهو وماهي أهدافه وأين سيتوقف ؟!! بدلاً من التراص والاصطفاف لمواجهته ومنعه من التمادي في الجرائم والعنف والقتل والتدمير والنسف .. وهنا تكمن المأساة إذ تم تدجين المشاعر العربية تدجيناً عجيباً شعوب عربية بعينها لم تندد ولم تقوم فيها مظاهرة واحدة وشعوب العالم تجوب الشوارع تندد وتشجب وتدعوا لإيقاف حرب الإبادة الظالمة في غزة ولبنان وحتى الجامعة العربية ابتلعت لسانها والتزمت الصمت ..

ثم نعود الى تبلدنا لنعيش كالبهائم لا احساس ولا مشاعر فقط نبحث عما يشبع غرائزنا وما يملأ حياتنا التافهة .. ثم نعاود الكرة ببلادة عجيبة والمؤلم ان الأعراب يتحدثون عن المستقبل فيما هذا المستقبل ضبابي ومظلم وغير محدد المعالم ..!!
ويمكن اجمال بعض ما تريده الصهيونية العالمية من المنطقة العربية .
أولاً : السعي الى تدمير المقومات والحضارة الاسلامية والتربع على المنطقة .
ثانياً : تجريف العقول السليمة والوجاهات الاسلامية المؤثرة في العالم الاسلامي .
ثالثاً : فرض السيطرة الصهيونية اليهودية على المنطقة وتعبئة المنطقة بقناعات تلمودية .
رابعاً : الاستحواذ على الجغرافية العربية وفرض واقع حال يتواء م مع ثقافة بني صهيون ومع العلمانية الغربية البراجماتية

وهي ترى ونعني الصهيونية ان ذلك سوف يتحقق من خلال الاسراع في تفكيك القائم من الشريعة الاسلامية والعربية بالحرب والعدوان والنسف والتدمير والتنزيح والتغريب وهذا ما نشاهده اليوم ويجري على قدم وساق فلأول مرة نشهد أكبر عملية تنزيح ولجوء وفرار في التاريخ بدءاً من اثارة الفتنة في اليمن والعراق وسوريا وليبيا وتونس والسودان ولبنان وفلسطين ..
ولو كانت هناك دراسات عن التهجير والنزوح والتنزيح وغيرها من عملية إفراغ المنطقة العربية من شبابها ومن سكانها لرأينا العجب العجاب ولأدركنا حجم المؤامرة الحقيقية فأي مستقبل ينتظر العرب ..؟ وأي تهديد وجودي يحيط بهم اليوم من كل جانب ؟!

ولكن يبقى الأمل في المقاومة وفي استدامة المواجهة وفي النضال المستميت من أجل البقاء ومن أجل الثبات ومن اجل المقدسات الاسلامية والقيم العظيمة الاخلاقية والانسانية , وليس امام العرب وتحديداً الشرفاء الوطنيين والصادقين غير النضال والمقاومة والصبر والثبات على الموقف حتى تنجلي هذه الغمة وينزاح هذا التحدي والتهديد وفي غزة وجنوب لبنان ترتسم ملامح هذه المقاومة التي يجب ان لا يخفت نارها أو يتلاشى وهجها ولا أمل غير المقاومة بنفس طويل , لان التخلي عن المقاومة معناه الموت والانهيار ..
لهذا ينبغي ان نبني استراتيجيتنا على اعداد الأنسان المقاوم ونزرعها في اجيالنا حتى نضمن لحياتنا العيش الكريم ومن هذا المنطلق فان السير في هذا الاتجاه يشترط :
أولاً : المصداقية العالية مع النفس ومع الآخر بشأن خط التوجه العروبي الاسلامي .
ثانياً اعداد اجيال قوية ضد اساليب التغريب والتسطيح وثقافة الاستلاب .
ثالثاً : صفاء النوايا وحل اشكاليات ادارة السلطات والثروات العربية والاسلامية .
رابعاً : الخلاص من ثقافة التبعية والارتهان .
خامساً : تأسيس شراكات وتحالفات مع دول وبلدان وشعوب تؤمن بحرية واستقلال العرب والمسلمين من ربقة التبعية .
سادساً : إعداد الوسائل والاساليب الضامنة للقوة المناسبة التي يجب ان يحظى بها العرب والمسلمين .
سابعاً : تحرير العقول من كل المحبطات والمعوقات .
بقى أن نؤكد هنا ان مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة .. فهل نبدأ كعرب ومسلمين بهذه الخطوة رغم تكالب التحدي واستعصاء الواقع المتداعي .
والمهام العظيمة لا تتصدر لها إلا القيادات العظيمة ." وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ "

حول الموقع

سام برس