بقلم/د. وسيم وني
"رئيس وزراء العدو الاسرائيلي الإرهابي بنيامين نتنياهو في تصريحات لشبكة فرنسية قال إن إسرائيل في بداية نهاية العملية في غزة ، لكنها لم تصل بعد إلى خط النهاية ، مضيفاً: لقد وجهنا ضربة قوية لقدرات المقاومة القتالية ، وقضينا على القائد الذي قاد الهجوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل ، هذه ليست حربنا فقط ، هذه حربكم، وهذا صراع بين الثقافة والهمجية ، وهو صراع يتجاوز حدود الحرب ضد الإرهاب ."
لست بصدد التعليق على الشق الثاني من هذا التصريح المنافي لكل القيم الإنسانية والأخلاقية ، لأن العالم الذي يخاطبه المجرم نتنياهو يعي تماماً مَن هي الدول التي تتسلح بالثقافة والحضارة، ومن هو الكيان الإسرائيلي الذي يمتلك جيشاً من أكثر الجيوش همجية وبربرية وإرهابية، يخوض حرب إرهابية ضد مدنيين جلهم من الأطفال والنساء، وسط مجازر إبادة جماعية ( إرهاب دولة منظم) لا يمكن وصفها، وحملات تهجير واقتلاع خطيرة ولم يسبق لها مثيل حتى في نكبة فلسطين عام ١٩٤٨، لكني بصدد الإشارة إليه هو الجملة التي رددها نتنياهو بأن إسرائيل في مرحلة بداية النهاية للعملية .
العالم بأسره اليوم يراقب عن كثب التطورات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط حيث يتعقد المشهد السياسي والعسكري بشكل مرتفع مع كثرة الحديث عن انتهاء الحرب التي تعصف بالمنطقة ، وهنا نجد أنفسنا عزيزي القارئ أمام فرضيتين :
الفرضية الأولى : ألا وهي توقف هذه الحرب
الفرضية الأولى تقول بأننا نقترب من نهاية الحرب خاصة بعد سلسلة من الاغتيالات وتدمير البنى التحتية التي نفذها العدو الاسرائيلي في غزة ولبنان ، وقد تؤدي هذه الاغتيالات إذا كانت تكفي شهية القتل الإسرائيلية ضد شعبنا الفلسطيني واللبناني في نهاية المطاف قد تشير فعلا إلى بداية نهاية الحرب التي لاتزال بعيدة.
الفرضية الثانية : ألا وهي ارتفاع وتيرة النزاعات الإقليمية
طبعا من ناحية أخرى لا يمكننا تجاهل الأبعاد الإقليمية لهذا الصراع في المنطقة وقد يعتقد العدو الاسرائيلي بأنه على وشك إعلان الانتصار الوهمي في هذه الحرب إلا أن مجريات الأمور قد تتجه نحو تصعيد إقليمي أكبر مع دخول أطراف دولية كبرى تسعى لتحقيق مصالحها في المنطقة فبالتالي قد تتجه الأمور نحو تصعيد أكبر وقد يصبح الحديث عن حرب إقليمية أمراً قابلاً للتحقيق وهذا ما يدفع إلى تعقيد الحلول والأوضاع في المنطقة .
بالطبع يقف نتنياهو خلف هذا التصريح الذي أدلى به و المراد به باطل دون أدنى شك، وهو بات يعي تماماً أنه لا يستطيع أن يحدد موعداً لنهاية حرب الإبادة التي يقودها على قطاع غزة و لبنان ، نظراً لتلذذه وجنوده وأعضاء حكومته بمشاهد الدم الفلسطيني واللبناني والدمار ، وهو يُراق ويُسفك هنا وهناك، ولطالما بقي المجتمع الدولي يقف صامتاً دون حراك، فإن هذه المجازر ستستمر، لأنه لا هدف واضحاً وحقيقياً من هذه الحرب سوى القتل والتدمير والتجويع والتهجير ومحاولة يائسة لتركيع الشعوب.
وهنا اقول أن بداية النهاية كفترة زمنية هي تصريح دبلوماسي خبيث وملغوم، ويخفي بين خباياه حيلة كبيرة، فالوصول إلى خط النهاية، حسب نتنياهو، له بداية، وهذه البداية قد تستغرق عدة أشهر، وبالتالي فالعدوان مرشح لمزيد من التصعيد والتواصل أيضاً.
وأخيراً بات من المهم الإشارة إلى أن الدول والتي تدعم الكيان الإسرائيلي والتي طالبت بإيقاف القتال وفتح أبواب للحوار وعقد المؤتمرات وبث التصريحات، لم تلقَ استجابة واضحة، وبالطبع يبقى الأب الروحي لهذا الكيان الولايات المتحدة اللاعب الأهم الذي يمتلك أوراق الضغط على هذا الكيان وهو من يمسك بزمام الحرب في المنطقة ، فلو كانت لديه النية الحقيقية في إنهاء هذه الحرب، لكان فعل ذلك منذ فترة طويلة ولكنه يسفيد من إطالة أمد الصراع .
بغض النظر عن السيناريو المرجح، يبدو أن الأهداف الأعمق التي تسعى إليها إسرائيل تتجاوز مجرد الانتقام من شعبنا الفلسطيني واللبناني ، إن هذه الحرب ليست فقط صراعًا عسكريًا، بل تُعتبر حربًا أمنية وجودية لكيان الإرهاب في المنطقة، ويهدف إلى القضاء على كل ما يُعيق مخططاته التوسعية في المنطقة.
في الختام، إن مفتاح السلام الحقيقي هو الوصول إلى اتفاق يعيد الحقوق لأصحابها ويعيد اللاجئين الفلسطينين إلى ديارهم وينهي العدوان على لبنان فلا سلام في المنطقة إلا من خلال تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية طالما لا يوجد توافق شامل، ستبقى المنطقة رهينة للصراع والعنف، ويبقى القتال مستمرًا في هذه المنطقة وبث الإرهاب من هذا الكيان.
بداية النهاية لا تعني الوصول بهذه السرعة إلى خط النهاية، وكأن الحرب ستضع أوزارها غداً أو بعد غد، فهناك العديد من القضايا الشائكة التي لم تُحسم، وفي مقدمتها قضية الرهائن وعودة المستوطنين إلى مستوطناتهم واليوم التالي للحرب... ومهما طال أمد الحرب فلن نرفع الراية البيضاء.