سام برس
قراءة سيميائية في نصّ : عناوين من الذاكرة – للشاعرة : نوار الشاطر – سوريا .
بقلم : كريم عبدالله – العراق .
مقدمة :

الذاكرة السردية: بين محاكاة الأدب وكسر الرمزية في متن العشق

التحليل السيميائي:

في هذا النص، يظهر تأثير الأدب الكلاسيكي والعالمي بشكل لافت، حيث تعتمد الشاعرة على إعادة استخدام واستحضار عناوين روايات مشهورة لتقديم تجربة سردية ذات طابع تأملي وغنائي، مفعمة بالحنين والتشظي. العناوين التي وردت بين القوسين هي مفاتيح سيميائية تعكس حالة تناص (Intertextuality) قوية مع الأدب العالمي، حيث تتداخل الروايات والأفكار لخلق علاقة بين النصوص القديمة والتجربة الشخصية المعاصرة.

البنية السردية للذاكرة والحنين:

النص يختزن العديد من العناوين التي تعد بمثابة رموز تعبّر عن مرحلة معينة من الذاكرة والوجدان. كما يعكس التكرار والتمثيل السيميائي للعناوين بُعدًا تأمليًا عن الحب والخيانة والعزلة، إذ تتكرر إشارات مثل / مئة عام من العزلة /، / قصة مدينتين/، / الحرب والسلم/ وغيرها، مما يعكس صراعًا داخليًا بين الأمل واليأس، وبين الوفاء والخيانة.

اللعب الرمزي والعاطفي بين النصوص:

كل عنوان يُعَاد طرحه في سياق خاص بالذكريات والعواطف، ليؤكد على قدرة الأدب على تشكيل الذاكرة النفسية وخلق تفاعلات مع الماضي. فمثلاً، / الحب تحت المطر / يعكس رومانسية محطمة، بينما / الطريق / و/ النسيان/ يُقدمان كرمزين لتحرير الذات من قيود العاطفة، ومع ذلك، تبقى تلك الرموز لا فكاك منها في رحلة الذات.


الحب كإشكالية وجودية:

النص يبتكر فضاءً سرديًا يتنقل بين مفارقات الحب والخذلان، حيث يبدو أن الحب هو المصدر الأول للألم والفرح على حد سواء. العناوين التي تم اقتباسها تساهم في رسم هذا التوتر بين العاطفة والمأساة. / الجريمة والعقاب / و/ كأنك لا تراها / هما رمزان يلامسان الأزمة الوجودية التي يعاني منها الفرد في العلاقة العاطفية، حيث يتداخل الوهم بالواقع، والانتظار بالخيبة.


التنقل بين النصوص والهوية الثقافية:

هذه العودة المتكررة لعناوين الروايات الكلاسيكية تحمل أيضًا بعدًا سيميائيًا يتعلق بالهوية الثقافية والأدبية. هذه العناوين تُمثّل تتبعًا للذاكرة الأدبية الإنسانية، فهي تجمع بين الغرب والشرق، بين التجربة الإنسانية والعواطف الخاصة بالكاتب.

التناقض بين الرغبة والمأساة:

في النص، تتنقل المشاعر بين الأمل (كما في / أغنية الماء والنار/) وبين الألم (كما في / السراب /). العنوان الذي يتكرر في أكثر من سياق يمنح النص بعدًا نفسيًا عميقًا، فكأن الشاعرة تروي قصة داخلها حيث تغلب الانكسارات على اللحظات الجميلة.

الخلاصة:

العنوان / الذاكرة السردية: بين محاكاة الأدب وكسر الرمزية في متن العشق/ يعكس التفاعل بين النصوص الأدبية الكبرى والعواطف الشخصية، ويكشف كيف يمكن للأدب أن يكون وسيلة لإعادة تشكيل الذاكرة الإنسانية وتفسير الحزن والحب من خلال العناوين الأدبية الشهيرة.

القراءة :

يعدّ نص الشاعرة نوار الشاطر /عناوين من الذاكرة/ نصًا شاعريًا ذا طابع سيميائي رفيع، حيث تتداخل فيه الذاكرة الأدبية مع الذاكرة العاطفية، وتنسج بين ثناياه علاقات معقدة من الحب والخيانة والخيبة من خلال إعادة تدوير عناوين روايات عالمية معروفة. تستثمر الشاعرَة في هذا النص تقنية / التناص / بكفاءة عالية، لتحوّل العناوين الأدبية إلى رموز عاطفية تتفاعل مع مضمون النص، متجاوزة بذلك معانيها الأصلية لتكشف عن طبقات متعددة من التأويلات والرمزية.

التناص الأدبي وإعادة التشكيل السيميائي

يشكّل التناص الأدبي عنصراً مركزياً في هذا النص، حيث تستحضر الشاعرة عناوين روايات مثل /مئة عام من العزلة/، /قصة مدينتين/، /الجريمة والعقاب/، /باب الشمس/، وغيرها لتبني هيكلًا شعريًا يتداخل فيه الأدب الكلاسيكي مع التجربة الذاتية. ومع ذلك، لا تقتصر هذه الاستحضارات على محاكاة نصوص أخرى، بل تُستخدم بطريقة سيميائية لتمثيل معاناة ذاتية، فضلاً عن تشكيل روابط معنوية عميقة بين الشخصيات والأحداث التي يتناولها النص.

في هذه العملية، لا تكون العناوين مجرد إشارات إلى نصوص أدبية قديمة، بل تصبح مفاتيح لفهم التحولات العاطفية في حياة الشاعرة. على سبيل المثال، /مئة عام من العزلة/ لا تشير فقط إلى معاناة طويلة من الفقد أو الوحدة، بل تُعيد تفسير العزلة بوصفها حالةً متجددة ومستمرة، يفرضها الحب المحطم والخيبة العاطفية. العنوان هنا يُستثمر كرمز لمفهوم العزلة الداخلية، تلك التي لا ينقض غبارها مرور الوقت.



الرمزية وكسر الحدود بين النصوص

الرمزية هي السمة الثانية التي تميز هذا النص. كل عنوان مستعار من الأدب العالمي يُشكّل بؤرة إشعاعية تُنير معاني جديدة داخل المتن الشعري، فتتحوّل كل رواية مرجعية إلى علامة تعبّر عن حالة نفسية، فتُستبدل الدلالات الأدبية التقليدية بدلالات عاطفية. على سبيل المثال، في استخدام /الجريمة والعقاب/، لا يُقصد المعنى الفلسفي الأخلاقي المتعلق بالعقاب والجريمة، بل يُرمز إلى تلك التضحية العاطفية التي يذوقها المحب حين يكتشف أن حبه كان وهماً.

من جانب آخر، العنوان /الحب تحت المطر/ لا يقتصر على التعبير عن الرومانسية الكلاسيكية، بل يصبح محملاً بمعانٍ معاكسة؛ فالمطر، الذي يُعتبر رمزًا للرومانسية والعاطفة، يتحوّل في هذا السياق إلى رمز للطوفان العاطفي الذي يغمر الشخص ويغرقه في الحزن والخيبة.


التحولات بين الأمل واليأس

تتنقل الشاعرة في هذا النص بين حالتين متناقضتين: الأمل واليأس، كما يتجلى في التوازي بين العناوين الكبرى مثل /الحرب والسلم/ و/السراب/. الأولى ترمز إلى الصراع الداخلي في الحب، وهو صراع مستمر بين الرغبة في التمسك بالعلاقة والواقع القاسي الذي يتنافى مع هذا التمسك. أما /السراب/، فهو يعكس الوهم الذي يلاحق المحب المخلص، فيعيش على أمل وعود غير قابلة للتحقق.

ومع ذلك، لا يقف النص عند هذه المفارقات العاطفية، بل يفتح أبوابًا نحو الأمل والتحرر. في عناوين مثل /قواعد العشق الأربعون/ و/الطريق/، هناك إشارة واضحة إلى وجود فلسفة لتجاوز الألم والعبور نحو المستقبل. يمكننا قراءة هذه العناوين كدعوة للتصالح مع الذات، وكخروج من الحلقة المفرغة للحب المأساوي إلى حب أكثر تحررًا وفهمًا.


اللغة السردية والعلاقة بين الذات والآخر

اللغة في النص تتميز بالانسيابية والتشابك بين الأنساق الثقافية والأدبية، حيث تتحول كل مفردة وكل استعارة إلى حلقة ضمن سلسلة سيميائية أوسع، تجعل النص أكثر عمقًا وأقل تسطيحًا. النص في طابعه العام يعكس حالة من التفكك والبحث عن الذات، لكنه في الوقت نفسه يعكس أيضًا التفرد والقدرة على تحويل الألم إلى معنى شعري.



علاقة الشاعرة بالآخر تتجسد في تداخلاتها اللغوية: ففي تعبيرات مثل /قلبي وقلبك/، /كأنك لا تراها/، و/أنت كل رؤاها/، تنكشف العلاقة بين الذات والآخر كقوة دافعة نحو فهم الحقيقة العاطفية الأعمق. تُمثّل هذه الاستعارات رمزية لالتقاء الذات بالآخر في مرحلة من التجاذب والاحتواء، حيث يصبح الآخر كائنًا متداخلًا مع الذات في تكوين الذاكرة العاطفية، وكأن الشاعرة تُعيد بناء نفسها من خلال الآخر.



الخلاصة: سيميائية الذاكرة بين الأدب والعشق

في النهاية، يُظهر النص /عناوين من الذاكرة/ قدرة الشاعرة على توظيف الأدب كأداة للتعبير عن تجارب شخصية معقدة، يتداخل فيها الحب مع الألم، والخيبة مع الأمل. العناوين الأدبية، التي تُستخدم هنا كعلامات سيميائية، تنقل النص إلى فضاء أدبي عميق حيث تتحول الروايات العالمية إلى مراجع عاطفية، ويصبح الأدب بمثابة المرآة التي تعكس الأبعاد النفسية للألم والحب.



إن هذا النص هو أكثر من مجرد تلاعب لغوي بعناوين مشهورة؛ هو خلق فضاء سردي مبتكر يُعيد تشكيل العاطفة والذاكرة باستخدام الأدوات الأدبية العالمية ليُفضي إلى التأويلات الشخصية الكثيرة، مما يجعل القارئ يغرق في متاهة الرمزية ويبحث في زوايا الذاكرة السردية عن جوهر الحقيقة العاطفية.

النصّ :

عناوين من الذاكرة



"مئة عام من العزلة"

لن تكفي لأن أنساك

أعلم

"أنني أحببتك أكثر مما ينبغي"

وأنك لم تكن

"عابر سرير "

في ظلمة وحدتي

وأن الحب" الأبله"

أكل عقلي

فمضيت أتجرّع أحزاني

"تحت ظلال الزيزفون"

تحكمني

"قواعد العشق الأربعون"

لأتحرر من حبي لك

وأحلق في ملكوت السماء

ك "ممو زين "

نحن الشاعرات

"نساء صغيرات "

لا تكبر فينا إلا الأحلام

نعيش تفاصيل "البوساء "

لنا من الحب خيباته

وأَشْجَان قصائده

"النسيان" هو "الطريق "

والقلب

بين "الشراع والعاصفة"

يتأرجح

في "الحرب والسلم"

يتقلب

قلبي وقلبك

"قصة مدينتين "

أغرقهما اليأس

روحي "كأنك لا تراها "

لكنك أنت كل رؤاها

" أن تقتل طائراً بريئاً "

كحبي لك هو

" الجريمة والعقاب "

لأنني أحببتك بصدق في زمن الخداع

العشق "كائن لا تحتمل خفته "

و"الحب تحت المطر "

رومانسية طوى عليها الزمن

"السراب " هو أنت

حين صدقت وعودك

في "قصر الشوق "

انتظرتك لهفتي

فأنت " ذاكرة الجسد "

و " باب الشمس "

لارتجاف الليالي المسافرة

و" دعاء الكروان "

حين يصمت الناي

" شيء من الخوف "

يسكنني حين تغيب

" ياعزيزي كلنا لصوص "

فدعني أسرقك في لحظة شغف

على " أجنحة التيه " أحملك

" صخب البحيرة" يجمعنا

" أغنية الماء والنار "

تعزفنا على

"مقامات الزبد "

في " مدن الملح "

بقايا حكايتنا

" نصيبي من الأفق "

عيناك

" ذهب مع الريح "

أمسنا

فأين نحن الآن ؟

في هذه

" الدوامة "

"عليك اللهفة "

ما حييت

ما نبض بك القصيد

نوار الشاطر – سوريا.
* ما بين القوسين عناوين لروايات قرأت أغلبها وأحببتها جدا واطلعت على الباقي وأنتظر قراءته.

حول الموقع

سام برس