بقلم/ محمد إبراهيم الدسوقي
يتعرض المجتمع المصرى لهجمات شرسة ومتلاحقة من فيروس الشائعات الخبيث والفتاك، الذى يستهدف بالأساس إضعاف جهاز مناعته وخطوط دفاعه الحصينة، وكبقية الفيروسات الضارة والماكرة يتحور باستمرار ليظهر بأشكال مغايرة لخداع الناظرين وإيهامهم بغير الحقيقة، حتى يتمكن منهم ومن عقولهم ويغيب وعيهم.
هذه الهجمات الكاسحة، التي يقودها أشخاص يوظفون مهاراتهم وخدماتهم لمن يدفع أعلى سعر، تستلزم لصدها وإبطال مفعولها وتجنب سمومها بناء حائط صلب يكون بمثابة مضاد حيوي فعال يقوي جهاز المناعة الجماعي ويمكنه من هزيمة جحافل المهاجمين من الكتائب والجيوش الإلكترونية الزاحفة من كل صوب وحدب عبر منصات التواصل الاجتماعي اللامحدودة التي باتت ساحات لمعارك واشتباكات بين المدافعين عن الحق والحقيقة والاستنارة والمروجين للأباطيل والأكاذيب والكارهين للدولة الوطنية الذين يحاولون بكل السبل هدم أسوارها الشاهقة والكيد لأجهزتها التنفيذية والتشكيك فيما تقوم به آناء الليل وأطراف النهار، وإهالة التراب عليه.
والمواجهة الحاسمة والشاملة واجبة لا مفر منها، لأن خطر الشائعات يهدد الأمن والسلم الاجتماعي، ولكي تكون فاعلة ومؤثرة فإنها لابد أن تستند إلى ركيزتين تدعم إحداهما الأخرى لتحقيق المرجو منها: الأولى المواطن، والثانية الأجهزة التنفيذية للحكومة، وهما وجهان لعملة واحدة، إذ إنه يتوجب على المواطن الواعي الانتباه بالضرورة لما يصادفه من معلومات وأخبار متداولة على وسائل التواصل الاجتماعى، ويتم "تشييرها" دون تدقيق وتمحيص، وألا يتم التعامل معها على أنها حقائق دامغة غير قابلة للشك، وتلك هي البضاعة الفاسدة والمسمومة التي يروجها عناصر الإخوان ومن على شاكلتهم من خلال "الفيس بوك" ومنصة "إكس" و"الانستجرام" و"التيك توك" وغيرها، ويدسون فيها السم في العسل مستغلين الأوضاع الراهنة من متاعب اقتصادية وأزمات إقليمية ودولية تحيط بنا.
أما عن الركيزة الثانية المتمثلة في الأجهزة التنفيذية للحكومة، فإنه يقع على كاهلها عبء ثقيل بمطاردتها المستمرة للشائعات ومصادرها ودحضها بالمعلومة الموثقة على مدار الساعة، وهنا مربط الفرس، فالسلاح المدمر والناسف للشائعة هو المعلومة الصادقة، وهو ما تجتهد تلك الأجهزة في عمله بصور شتى بواسطة جهات عدة، منها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء الذي يبادر إلى تفنيد وتصحيح كل ما يتردد وسط المواطنين من أخبار ومعلومات مغلوطة وكاذبة ومواجهتها بالحجج والأسانيد القوية الدامغة، وكذلك من خلال المؤتمر الصحفي الذي يعقده رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي عقب الاجتماع الأسبوعي لحكومته.
ومن الضروري الالتفات إلى جانبين مهمين: الأول سرعة الرد لتضييق مساحات الحركة أمام خفافيش الظلام على "السوشيال ميديا"، وهو ما رأيناه في وقائع عديدة إبان الأسابيع الأخيرة التي كانت زاخرة بكم رهيب من الشائعات جرى التصدي لها بالبرهان والحجة، والجانب الثاني التركيز على الخطة الاستباقية بالتنبؤ بالشائعة قبل انتشارها ووأدها في مهدها، فمعروف أن هناك مواسم تنتعش فيها الشائعات وتزدهر، مثل بداية العام الدراسي والعروات الزراعية، فبالإمكان استباقها ببيان ما يحدث خلال العروة الزراعية بشكل مفصل ويتسبب في تأثر بعض المحاصيل وينتج عنها ارتفاع أسعارها في الأسواق، بسبب قلة المعروض منها، وكذلك الجوانب الإجرائية وما يشغل بال المواطنين بشأن المراحل التعليمية المختلفة ابتداء من المناهج وتفاصيلها وما طرأ عليها من تغيير، وانتهاء "بالتابلت" والحضور ونقص المعلمين وطرق سده.
أضف الى ذلك ما تابعناه من شائعات هدفه الوحيد والرئيس الإضرار بالاقتصاد الوطني بكل الوسائل والأساليب الممكنة وبخسة منقطعة النظير، وذلك بالحديث عن التعويم كلما استعدت مصر لاستقبال مسئول من صندوق النقد أو البنك الدوليين أو اجتماع البنك المركزي لتحديد سعر الفائدة، فأعين مروجيها مصوبة على إثارة الغبار حول الاقتصاد بالأوساط الاقتصادية والمالية العالمية في وقت يعلم القاصي والداني قدر ما يبذل من جهد للارتقاء به وتطويره بشهادة العديد من المؤسسات والمنظمات الدولية المتخصصة والمحايدة.
وتكتمل خطوط دفاعاتنا بجزئية أحسبها بالغة الأهمية، هي أن وسائل الإعلام منوط بها القيام بدورها في التبصير وحماية المجتمع على الوجه الأكمل بحرص المنتسبين إليها على التيقن من المعلومات وعدم الركض خلف الرائج، وإعلاء قيمة "الأمن الإعلامي"، والحسم في تطبيق القانون على المخالفين بدون وجل أو خوف، ودراسة الفئات المستخدمة لوسائط التواصل الاجتماعى جيدًا وشرائحها المتنوعة، خاصة الشابة منها، حتى ترسم خطط المواجهة بإحكام وتكون في اتجاهها السليم والصحيح، لا سيما وأن الشباب يشكلون حاليًا رأس الحربة المستخدمة للسوشيال ميديا وقرابة 60% من تعداد مصر التي ستبقى دائمًا شامخة وصامدة في وجه مَن يستهدفها بسوء أو شر.
نقلاً عن الاهرام