بقلم / مصطفى بن خالد
في وقتٍ تعاني فيه اليمن من واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، تجد شبكات الفساد مساحة واسعة لتنمو وتزدهر على حساب الشعب الذي يئن تحت وطأة الفقر والحرب، من المؤسسات الحكومية إلى السفارات اليمنية في الخارج، يبدو أن الفساد أصبح النظام السائد، مستنزفاً ما تبقى من موارد الدولة ومستقبل أبنائها.

1- السفارات : مراكز ابتزاز بدلاً من ممثليات للشعب

تحولت السفارات اليمنية في الخارج، التي يفترض بها أن تكون ممثليات لرعاية شؤون المواطنين، إلى بؤر للفساد والابتزاز المالي، والاستثمارات، وسرقة المال العام، والدخل القنصلي، الذي لا يخضع إلى أي نظام محاسبي مرتبط بوزارة المالية، أكبر مثال واضح هو القنصلية العامة في جدة، حيث تُفرض رسوم باهظة وغير قانونية على المغتربين اليمنيين، بحجة “الخدمات القنصلية”. وقيس على هذا الابتزاز والفساد الذي يزكم الأنوف السفارة بلندن وبقية دول العالم، بينما تظل الخدمات التي تقدمها في أدنى مستوياتها.

2- عقود مشتقات النفط : فوضى وفساد بلا حدود

بدلاً من أن تخفف عقود مشتقات النفط من معاناة الشعب، كانت هذه العقود أداة للثراء السريع للفاسدين،الشركات المستفيدة من هذه العقود أرتبطت بشخصيات متنفذة، وتم منحها دون أي شفافية أو منافسة عادلة، النتيجة كانت واردات نفط ملوثة أو بأسعار مبالغ فيها، بينما يتحمل المواطن تبعات الفساد من انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار الوقود.

3- مشروع تحديث مصفاة عدن : سراب الاستثمار الصيني

مشروع تحديث مصفاة عدن مع شركة صينية، الذي أُعلن عنه كخطوة نحو تحسين قطاع الطاقة، لم يكن سوى غطاء لعقد مليء بالصفقات المشبوهة، الأموال المخصصة للتحديث اختفت داخل زُقاق الفساد، ولم يتحقق أي تقدم ملموس في المشروع، المصفاة ما زالت تعمل بتقنيات متهالكة، بينما تستمر انقطاعات الكهرباء في عدن بلا حلول.

4- شراء السفينتين أميرة عدن ولؤلؤة كريتر:
صفقة مليئة بالأسرار

صفقة شراء السفينتين أميرة عدن ولؤلؤة كريتر تمت بظروف غامضة وبأسعار مبالغ فيها، دون دراسة جدوى واضحة، السفينتان لم تساهما في تحسين النقل أو الخدمات، بل أصبحتا رمزاً آخر لسوء الإدارة والفساد في قطاع النقل البحري.

5- السفينة العائمة لتوليد الكهرباء : وهم الكهرباء المستدامة

مشروع السفينة العائمة لتوليد الكهرباء كان يمكن أن يكون حلاً واعداً لأزمة الطاقة، لكنه تحوّل إلى كارثة بسبب الفساد، التكلفة المعلنة للمشروع كانت خيالية، وتوزيع الطاقة الناتجة لم يكن عادلاً، حيث استفاد منه المتنفذون فقط، بينما المناطق الشعبية ظلت في الظلام.

6- شركة بترو مسيلة وأراضي الدولة المنهوبة

شركة بترو مسيلة، التي يفترض أن تكون نموذجاً للشراكة الوطنية في إدارة الموارد الطبيعية، تحولت إلى أداة للنهب، الأراضي والعقارات التابعة للدولة في مناطق الامتياز نُهبت أو بيعت بأسعار زهيدة لشخصيات نافذة، بينما يزداد التدهور البيئي والتلوث في مناطق الإنتاج النفطي.

7- بلوكات نفطية وغازية بيعت لشركات وهمية
عقود بيع لكتل نفطية وغازية عديدة تمت لصالح شركات وهمية، ليس لها أي خبرة أو امكانيات، في صفقات تثير تساؤلات خطيرة حول الشفافية والنزاهة. هذه الموارد الوطنية، التي تعد شريان حياة لاقتصاد البلاد ومستقبل أبنائها، تم العبث بها دون أدنى مراعاة للمصلحة العامة.

مثل هذه التصرفات تمثل تهديداً كبيراً لسيادة الدولة وحقوق الشعب، وتضع علامات استفهام حول دور الجهات المسؤولة في حماية مقدرات الأمة من الاستغلال والفساد.

من يقوم بمحاسبة المتورطين في هذه الصفقات المشبوهة، والعمل على حماية موارد البلاد من عبث العابثين.

8- عقود الاتصالات :
إبرام عقود مع شركات اتصالات تنتهك الدستور والقانون والسيادة الوطنية يمثل تجاوزاً خطيراً للمبادئ التي تحكم إدارة الدولة وحماية حقوق مواطنيها.

مثل هذه العقود لا تكتفي بإهدار موارد البلاد فحسب، بل تعكس أيضاً حالة من الانفلات والتفريط بالسيادة الوطنية، مما يعرض أمن الدولة ومصالحها الاستراتيجية للخطر.

على الشعب أن يتصدي لمثل هذه الانتهاكات بحزم، كما يجب أن تكون هناك محاسبة حقيقية لكل من يثبت تورطه في تمكين مثل هذه التجاوزات التي تمس حاضر ومستقبل الوطن.

9- مخالفات شركات الصرافة والبنوك

شركات الصرافة والبنوك اليمنية تحولت إلى أدوات لتبييض الأموال ونهب الاحتياطات النقدية, أحد الأمثلة الصارخة هو محافظ سابق متهم بنهب مبلغ مجمد قدره 27 مليار ريال, كذلك قادة الجيش وكشوفاتهم الملوثة بألوف الأسماء الوهمية، وقد أصبح لكل واحد منهم شركة صرافة، لتحويل السيولة الهائلة التي يستلها نهاية كل شهر، إلى عملات صعبة وتهريبها للخارج، هذه الأموال، التي كان يمكن أن تخفف من الأزمة الاقتصادية، انتهت جميعها في حسابات خاصة خارج البلاد.

10- المنطقة الحرة في عدن : استغلال رسوم الأراضي

المنطقة الحرة في عدن التي من المفترض أن تكون مركزاً لجذب الاستثمار وتحفيز الاقتصاد، بدلاً من ذلك، أصبحت مرتعاً للمخالفات وإستغلال رسوم الأراضي لصالح الفاسدين.
الأراضي التي يفترض أن تستثمر لإنشاء مصانع أو مشاريع تجارية بيعت بشكل غير قانوني أو أستخدمت لتحقيق مكاسب شخصية.

رسالة إلى الفاسدين : الشعب لن يصمت

إن إستمرار هذا النزيف المالي والتلاعب بمقدرات الشعب لن يدوم إلى الأبد، الشعب اليمني يعي تماماً أن أزماته ليست نتيجة الحروب فقط، بل نتيجة الفساد المستشري الذي يديره أشخاص وضعوا مصالحهم فوق مصلحة الوطن وسوف يحاسبون ويحاكمون طال الزمان أو قصر ولكم فيما حصل في دول بالمنطقة من أحداث متسارعة آية لعلكم تعقلون.

الشعب اليمني بحاجة إلى حكومة شفافة، وقضاء نزيه، وآليات رقابة حقيقية على المؤسسات، كما أنه بحاجة إلى محاسبة شاملة لكل من تورط في هذه الجرائم الاقتصادية، سواء كانوا أفراداً أو كيانات.

إلى أين يتجه اليمن؟

لا يمكن بناء مستقبل أفضل دون مواجهة الفساد بكل حزم. التغيير يبدأ من الشعب والوثبة السلمية التي سوف ترفض الظلم والفساد، وتفرض العدالة والشفافية، والمحاسبة والمحاكمة وإعمال القانون والدستور، في حق كل خاين، باع البلد وإيراداته وثرواته وقراره وسيادته.

الخلاصة:
نعم اليمن غني بموارده، وقادر على النهوض إذا تم استغلال هذه الموارد لصالح الشعب المكلوم، وليس لصالح حفنة من الفاسدين .

لن نسمح لكم بأن تبيعوا الوطن قطعة قطعة، لن نسمح أن يُكتب مستقبل أجيالنا بأيدي الفاسدين، معركتنا ليست فقط مع الحرب، بل مع الفساد الذي يدمر بلدنا بصمت.

حول الموقع

سام برس