
بقلم القاضي د/ حسن حسين الرصابي
أمريكا والا مبالات القادمة بالأحداث
فوضى نتنياهو وتوحش الصهاينة
الاطماع الصهيونية في التوسع الجغرافي وفي توجهها نحو تآكل الجغرافية العربية تصاعدت مؤخراً.. ولم يعد الصهاينة بحاجة إلى مبررات لافتعال المشاكل واثارة المواقف الحادة حتى تتجه دباباتهم الى اكتساح المناطق العربية وحرصت القيادة الصهيونية على أن تبقى شماعة الصراع في المنطقة قائمة لتواكب اطماعهم المعلنة والحقيقية في بناء ما تسمية إسرائيل الكبرى..
وحيث جاء طوفان الأقصى في 7اكتوبر الذي كان رد فعل عن مخططات كانت جاهزة لاكتساح غزة ولفرض واقع حرب عدوانية اتجه اليمين الصهيوني الى تسعير الحرب العدوانية التي لم تتوقف حتى اليوم سواء في غزة أو في الضفة الغربية أو في ضرب سوريا واحتلال مناطق منها..
بعد انقشاع الغبار الكثيف الذي أثاره النازي الصهيوني نتنياهو في غزة ودخولها في تهدئة موقوتة تبادرت الى الاذهان أسئلة عديدة حول الشرق الأوسط وخاصة بعد أن ألقى الرئيس الأمريكي دونا لاند ترمب إشارات الى ان أمريكا غير مبالية بما يجري في الشرق الأوسط حيث صرح وهو يوقع أوامر وتعليمات المرحلة الأولى من عهده الجديد حيث سئل عن حرب غزة أشار الى انها حربهم وليس حرب أمريكا مما أثار تساؤلات عديدة حول المغزى الحقيقي من ذلك القول الذي لابد وأنها اقوال عابرة وانما هي مواقف معلنة وإجراءات يمكن اتخاذها..
وقوله هذا دفع النازي نتنياهو يسارع أن يغازل ترامب عبر رسالة صوتية بثها من قناة 14 الصهيونية.. ووضع امانه نقاط عديدة طالبت منه اسناد الكيان الصهيوني علناً ومثل هذه الرسالة لها دلالات عديدة فهي تعمدت ان تكون ما شبه بوح صهيوني من مخاوف ان تتراجع واشنطن بقيادة ترامب عن التزامات تجاه الكيان الصهيوني ولذا فان العديد من المحللين السياسيين التقطوا هذه الإشارة وبنوا عليها رؤى وتحليلات فيما بقي ترامب غافلا عنها لانشغاله بقضايا عديدة أعلنها كخط وتوجه
منها الرغبة الترمبية في الاستحواذ على جزيرة جرينلاند الدنماركية وكذا استعادة قناة بنما .. وكذلك مطالبته بضم كندا الى أمريكا كولاية تحمل الرقم (52) ..
ومن الواضح ان هناك ترتيبات معنية في المنطقة تعد لها أمريكا لكنها سوف يكون انشغالها في حروبها الاقتصادية التي يرتب لها مع الصين وأوروبا وامريكا اللاتينية وظهر جلياً ان 15شهراً من خوض الاعمال القتالية في غزة حملت للجيش الصهيوني الذي يوصف انه جيش لا يقهر انه معرض لهزات عديدة وكشفت من هشاشة كبيرة في بنائها وفي بناتها وفي انهيار معنوياتها.. وظهر الجيش مظهر العاجز رغم هول الترسانة العسكرية القتالية التي يمتلكها وكذا توحشه المفرط الذي اتبع طريقة الأرض المحروقة في التي استهدفت الاحياء السكنية عرقي اصابت العالم كله بالصدمة.
ولهذا تعرض المجتمع الصهيوني لهزات في الصميم وتعرضت إسرائيل إلى فقدان ثقة بقدراتها وبدت تلك الأزمة في توالي الاستقالات المعلنة للعديد من القيادات مما يؤكد ان المجتمع الصهيوني سوف يظل واقفاً معاناة الانقسام والصراع الداخلي وانهيار ثقة مواطنية بما يسمى الامن القومي الصهيوني.
واولى المتاعب التي طالت الكيان الصهيوني كانت في المؤسسة العسكرية الصهيونية , وحسب الحقائق التي تشير الى تدحرج رؤوس كبار القيادات العسكرية والأمنية في الكيان الصهيوني اذ بدأت بإقالة وزير الدفاع يوآف غالانت في العام 2024م ثم تلاه بإعلان رئيس الأركان الصهيوني هيرشي هاليفي استقالته وتوالت الاستقالات في اطار القيادات العسكرية الصهيونية جراء زلزال 7 أكتوبر وما تلاه وظهور العجز الفاضح للجيش الصهيوني وتباطؤه في الاستجابة للتحديات التي فرضتها المقاومة الإسلامية في غزة اذ تشير المعلومات الى ان قائد القيادة الجنوبية يارون فيتكلمان قدم استقالته ويبدو ان حبات السبحة سوف تتوالى في الانهيار والاستقالات إذ ان رئيس الشاباك يفكر
ايضاً بالاستقالة في حين مسؤولية النيابة العسكرية قدمت استقالتها.
وبحسب معلومات اشارت اليها صحيفة يديعوت احرنوت الصهيونية بان موجة استقالات عسكرية سوف تعلن في الأيام القادمة
حيث توضح المعلومات المتداولة في دهاليز الجيش الصهيوني ان رئيس قسم الاستراتيجية وايران اليعازر توليد انو، وكذا منسق أنشطة الحكومة الصهيونية في الأراضي المحتلة غسان عليان، ويليه رئيس ورئيس قسم العمليات عويد بيك، وقائد القوات الجوية تومر بار , وقائد القوات البحرية ديفيد سلامي وكان قائد الوحدة 8200 في شعبة الاستخبارات العسكرية العميد يوسي شاريئيل , واللواء عوزي ليفي رئيس الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية ..
فمن سبتمبر العام 2024م كان اللواء اهارون هاليقا رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (آما ن) قد أعلن استقالته جراء الإخفاق في مواجهة المقاومة في 7 أكتوبر
مثل هذا الموقف دفع صحيفة يديعوت احرنوت إلى التأكيد بان مع وصول الكيان الصهيوني الى اليوم التالي استيقاظ الصهاينة على كابوس مفزع يشبه كابوس 7 أكتوبر وبعد 15 شهراً من عدوانها الصهيوني على غزة وعلى ناسها واحيائها ومدنها وبدء سريان وقف اطلاق النار سرت صدمة مهولة في المجتمع الصهيوني تغيرت النظرة الصهيونية تجاه غزة وتجاه الصراع العربي الصهيوني وهذا ما دفع الكاتبة الصهيونية المعروفة رالي ان تكتب في صحيفة هأرتس : انه من غير المعروف ماذا سيحدث في اليوم التالي في إسرائيل في إشارة منها لانتقادات الموجهة لحكومة النازي نتنياهو وتعرضها إلى الإخفاق الواضح في تحقيق أهداف الحرب الصهيونية المعلنة على غزة. وفي ذات السياق تقول صحيفة أخرى سيفان كلينجيل في صحيفة (ذا ما ركر) ان حكومة نتنياهو رفضت الاعتراف بفشلها واخفاقها والامتناع عن تحمل المسؤولية وهذا التمنع والإصرار عليه يمثل خطراً على مستقبل إسرائيل.
اليوم بعد كل هذا الغبار الكثيف الذي غطى الشرق الأوسط والمنطقة العربية والتحديات المتكالبة على منظومة العلاقات العربية الغربية وعلى منظومة وعلى منظومة الحكم العربية والمهم أن تستعيد بعض الإشارات الى مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي قدمته واشنطن في قمة الثماني وأشارت ادبيات هذا المشروع الى التوجه نحو صياغة شراكة بعيدة المدى مع قادة الإصلاح في الشرق الأوسط الكبير، ويمكن لمجموعة الثماني ان ترسي شراكة حسب النسخة البشرية من خلال:
- تشجيع الديمقراطية والحكم الرشيد.
- بناء مجتمع معرفي.
- توسيع الفرص الاقتصادية
وتحركت مجموعة الثماني تحت عنوان الشراكة من اجل القدم والمستقبل حيث تشير الى هذه المجموعة ترى نفسها ملزمة بإقامة هذه الشراكة من اجل التقدم والمستقبل المشترك مع حكومات وشعوب الشرق الأوسط الأوسع وشمال افريقيا.
وحددت مبادى تتمثل في:
- ان تقوية التزام المجتمع الدولي بالسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسع وشمال افريقيا واعتبارها مسألة أساسية.
- ان حل النزاعات الطويلة الأمد والمريرة غالباً خصوصاً النزاع الإسرائيلي الفلسطيني عنصر هام من عناصر التقدم في المنطقة.