
بقلم/ محمد العزيزي
الناصريون يرفعون أصواتهم بالاتهام، قائلين إنهم قتلوا الرئيس إبراهيم الحمدي وشلوا الدولة عليهم، وها هم يحملون في قلوبهم أحقادًا لا تطفأ.
والاشتراكيون يتحدثون عن ماضيهم المجيد، دولة قوية وتوحيد أبناء اليمن، لكنهم يصرخون اليوم من الظلم والإقصاء، ويحملون بدورهم أحقادًا لا تُمحى.
أما الإصلاحيون، فيتذكرون حروبهم ضد "الكفرة الاشتراكيين" وتحقيق النصر الساحق ويتحدثون عن إقصائهم من الحكم ومشاركتهم السلطة، ويشعرون بالغبن والظلم، فتزداد أحقادهم حِدة.
والحوثيون يرفعون شعار الشهيد القائد،و المظلومية ويتحدثون عن الظلم والاضطهاد، وست حروب شنها عليهم الطرف الآخر، وأملهم بات كأوراق الشجر المتناثرة، فتزداد جذوة الحقد في قلوبهم.. والمؤتمر الشعبي العام الذي تبنى خطة عليا وعلى اعدائ..وغيرهم الكثير من الأحزاب السياسية والجماعات والأقليات التي العالم الغربي يتبنى حقوقها وينادي بضرورة اشراكها بالحكم وإلا... !!
كومات هائلة من الأحقاد السياسية والثارات تتراكم في اليمن منذ قيام الثورة والجمهورية، حتى اليوم وهذه اللحظة ، والأحزاب والجماعات يعبرون عن حقد دفين، لليمن الكبير، الذي نستنشق هواءه ونمشي على ترابه الطاهر، والذي ليس له وأقصد اليمن أي مكانة في قلوبهم، لتظل اليمن غارقة بأحقادهم ومشاكلهم إلى الأبد.. فلا يهم وفي ستين داهية ، هكذا يؤمنون وواقع الحال يؤكد ذلك.
فاليمن اليوم باتت حلبة صراع وملاكمة لأحقاد النخب السياسية والأحزاب والجماعات، وفاقدي المصالح وما كان يدره اليمن ونظام حكمه من أموال وشركات تجارية وعمولات من الباطن والظاهر لهم ولعشيرتهم وزبانتيتهم ،وفوق كل هذا، هي أيضًا حلبة صراع إقليمي ودولي لتصفية الحسابات. كل من لديه مشكلة أو خلاف يأتي ليصفي حساباته في اليمن وسيجد من يتبناها له محليا ، دون أي اعتبار للشعب والوطن.
متى تنتهي هذه الأحقاد؟
اليمن، التي كانت يومًا ما بلدًا مستقرًا آمنًا، تعيش اليوم واقعًا مريرًا من المعاناة والظلم والتشرذم. الأمراض والجوع والفقر وانقطاع الرواتب والنزوح والتي أصبحت سمات يومية للشعب اليمني، ولا بصيص أمل يبدو من الخلاص منها.
إن النخب الحاقدة والمتناحرة اليوم على كرسي السلطة وحكم الشعب والتسلط على مقدرته ،يجب أن تعود إلى جادة الصواب، وتعلن عن أولويات جديدة تضع اليمن والشعب ومصالحهما فوق كل اعتبار. يجب أن تدرك هذه النخب أن المصلحة العامة يجب أن تكون الركيزة الأساسية في عقيدتها، وأن تعمل على بناء يمن مزدهر ومستقر، قبل أن يأتي سيل العرم ويجرف الجميع إن كان لكم عقول تتدبرون به وما يجري بالمنطقة.
فمتى ستدرك هذه النخب أن اليمن للجميع، وأن الشعب اليمني يستحق حياة كريمة وآمنة ومستقرة؟ متى ستضع الخلافات والأحقاد جانبًا، وستعمل النخب على بناء مستقبل أفضل للشعب اليمني؟
فهل من حل قريب ينهى هذه المعاناة المزمنة عن كاهل المواطن والوطن؟ هل من طريقة لإطفاء هذه الأحقاد وإحلال السلام والوحدة محلها؟ أم أن اليمن ستظل حلبة صراع إلى الأبد؟! أم الجميع ينتظر سلام وصلح واتفاق مفروض من زعيم العالم ترامب يفرضه بالقوة وعليه ماركة التطبيع مع الصهاينة يتجرعه جميع هذه الكنتونات والأحزاب المتشرذمة والمتناحرة طوال هذه السنوات التي مرت على الشعب اليمني وكأنها ألف سنة ؟!
إن الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب من الجميع العمل سويًا لبناء يمن جديد، يمن خالٍ من التناحر والصراعات، يمن يزدهر فيه الاقتصاد، ويعم فيه السلام والأمن.