سام برس
قصيدة جديدة لم تُنشر في المجموعة الكاملة للشاعر الكبير / عبدالله البردوني
الـطـَّــوَّاف
يــا أهْــلَ هَـذِي الـمَآوِي .. مَـنْ يُـؤَاوِينِي ؟!
حَـــوَافِــرُ الــلَّــيـلِ فَـــوْقِــي كَـالـسَّـكَـاكِـينِ
و أنْـــجُــمُ الـلّـيـلَـةِ الــحَـدْبَـا حَــصَــىً و دَمٌ
يـــسَّــاكَــبَــانِ كَـــقُــطــعَــانِ الــبَــرَاكِــيــنِ
و الــرِّيـحُ تَـعْـوِي و تَـسْـتَعْوِي الـفِـجَاجَ كَـمَـا
يَـــلُـــوذُ أنـــصَـــافُ مَـــوْتَـــى بـالـمَـدَافِـيـنِ
***
أنَـــا الـغَـرِيـبُ .. و مِــن أهــلِ الـدِّيـارِ فَـهَـلْ
هُـــنَــاكَ , أو هَــاهُــنَـا بَـــــابٌ يُــوَاسِـيـنِـي
هـــــذي الــبـيـوتُ إزَائِــــي قَــعْــرُ مَــقـبَـرَةٍ
نَــادَيْــتُـهَـا .. أغْــلَــقَـت أبــوَابَــهَـا دُونِـــــي
أَكُــــــلُّ حَــــــيٍّ أُوَافِـــيـــهِ سَـيَـلْـفِـظُـنِـي
أَكُـــــلُّ قَـــفْــرٍ إلـــــى قَــفْــرَيـنِ يَـنـفِـيـنِي
***
الآنَ مِـــن ريـــشِ تَـطْـوَافِـي أُصِــيـخُ إلـــى
مَــدِيـنـةٍ مِــــن مَــــدَى صَــوْتِـي تُـنَـادِيـنِي
أؤمُّـــهَـــا .. أَغْـــتَـــذِي وَعْـــــدَاً و أمْــنِــيَـةً
أظْـمَـا إلَــى أنْ أشُــقَّ الـصَّـخْرَةَ اْسْـقِـينِي
***
هَـل ذَاكَ صَـوْتِي بـسَمعِي ؟ مَـن وَعَاهُ كَمَا
وَعَــيْـتُـهُ ؟ و هـــوَ مِـــن قَـلـبـي يُـنَـاجـينِي
يَــا عَــمُّ هَــل ذلِــكَ الآتِــي لِــذَاك صَـدَىً ؟
مَـــــاذا يُــذَكِّــرُنِـي مِــنِّــي و يُـنْـسِـيـنِي ؟
قَـلبي يُـعَاكِسُ قَـلْبي .. مَـن أنَـا ؟ و لِـمَن ؟
و أيُّ بَـعْـضِـي عــلـى بَـعـضِـي يُـقَـوِّيـنِي ؟
***
تَـقُـولُ صَـوْتُـكَ هـا اسْـمَعْ : مَـن يَـدُلُّ إلَـى
رُكْــــنٍ يُـغـطّـيكَ بـــي .. عَــنِّـي يُـغَـطِّـينِي
مِـــــــن الــتَّــسَــكُّـعِ آوَتْــــنَـــا مَــوَاجــعُـنَـا
يـــا لَــيـلُ مَـــن ذا يُـــؤَاوِي ريــحَ تَـشْـرينِي
***
أُطِـــــــلُّ أدْعُـــــــوهُ جَــــهـــراً لاأراهُ .. أرَى
دَمِــــــي أمَـــامِــي كَــقِـنـدِيـلٍ يُـحَـيِّـيـنِـي
يَـــقــومُ يَــقــرَأُنِـي مِـــــن كُــــلِّ جَــارحَــةٍ
تُــثــنِـيـهِ قُــنْــبُـلَـةٍ .. هَــيــهَــاتَ تُـثـنِـيـنِـي
فَــنَـلْـتَـقِـي قَـــامَـــةً أقــــــوَى , يُــحَـوِّطُـنَـا
تَـــــــلٌّ يُـــفَــدِّيــكَ , أقْــــمَـــارٌ تُــعَــلِّـيـنِـي
و هـــــذهِ طَــلْــقَـةٌ أخــــرَى .. سَـأسْـألُـهَـا
مَــا سِــرُّ مُـطْـلِقِهَا ؟ مِــن أيــنَ يَـرْمِينِي ؟!
هَــــل الــتــي سَـبـقَـتْـهَا جَــرَّحَـتْـكَ كَــمَــا
نـقّـتْ دَمِــي مِــن فـسـادِ الـمَـاءِ والـطِّينِ ؟
لِـــــذَا تَــدَلَّــيْـتَ عُــنْـقُـودَيـنِ مِـــــن أَلَــــقٍ
قُــرْبــيْ .. فَـأمْـسَـيتَ بُـسـتَـانَ الـبَـسَـاتِينِ
و هَــــل سَــتَـدْعُـو الــــذي يَـجْـتَـثُّـنَا لَـبِـقَـاً
صَــفَّـى قَــوَامِـي , و عَــزّانِـي لِـيُـحْـيِينِي ؟
مِـــن آخِـــر الـتِّـسْـعِ والـتِّـسْـعِين أرْجَـعَـنِي
فِــي لَـحـظَتَينِ إلــى خَـمْسِي و عِـشرِينِي
***
كَــمْ سِـنُّ ذاكَ الـمُنَادِي يـا (حُـسَيْنُ) ؟ لَـهُ
صَـــبْـــرُ الـنَّـبـيِّـيـنَ , أوْهَـــــامُ الـمَـجَـانِـيـنِ
فِـــي الأرضِ يَــضـربُ عَـــن أرضٍ بــلا أحَــدٍ
بـــــــلا سَــــمَـــاءٍ يُــنَــادِيـهَـا : أظِــلِّــيـنِـي
هَـــل عَــادَ يَـومَـاً إلـيـنا ؟ مِــن هُـنَـاكَ دَعَــا
فَــــتَـــىً تَـــمَـــرَّسَ بــالــدُّنـيـا و بــالــدِّيــنِ
أهــــلاً و رَحْــبَـاً , هُــنـا بَـيْـتِـي .. تُـشَـرِّفُـهُ
الـلَّـيـلُ يَــحْـدُوكَ يَـــا "مُـرْعِـي" و يَـحْـدُونِي
هَــــل تَـسْـتَـحِـبُّ بــــلا خَـــوْفٍ تُـرَافِـقُـنِي
عِـشـريـنَ مِــتـراً إلــى أقـصَـى الـمَـيادِينِ ؟
مَــــتَـــى ابْــتَــدَأنــا طَــريــقَــاً لا نُــتَــمِّـمُـهُ
هَـــل نَـقـبَـل الـنَّـقْـصَ يــاأدْرَى الـمَـيَامِينِ ؟
***
هَـل خِـلْتَ " بَـيْتَ عُـلايا " شِـبهَ مُلْتَجَىءٍ ؟
يُــقــالُ يَــبْــدُو فَــقَـيـراً و هــــو قَــارُونِــي ؟
أدْهَــى الـسّـياسَاتِ مِــن مَـجلُوب سُـوقَتِهِ
قَــالــوا تُــبَــاعُ و تُــشْـرَى فِـــي الـدّكَـاكِـينِ
أريـــــدُ رَطـــــلاً و نِــصـفَـاً مِــــن بـضَـاعَـتِـهِ
هَــــل سُــوقُـهُ غَــيـرُ مُـخـتَـلِّ الـمَـوَازيـنِ ؟
***
أمَّــــــــا لُــــحَــــاهُ و أيْــــدِيــــهِ مُـــهَــرَّبَــةٌ
مِــن عَـرْفَـجِ الـوِتْرِ , مِـن أشـواكِ " يَـبْرِينِ "
هَــل كُـنـتَ حِـينَ دَخَـلْتَ الـبَابَ مُـحْتَرِسَاً ؟
أخَـــذْتُ خَـوْفِـي .. فَـهَـل أبـتَـاعُ تَـأمِـينِي ؟
دَخَــلْـتُـهُ .. لا نَــــأَى عَــنِّـي مَـــدَى قَـــدَمٍ
و لا دَنَــــــا إصْــبَــعَــاً مِـــنِّـــي يُــلاقِــيـنِـي
***
سَـــمِــعْــتُ نَـــافِـــذَةً قَـــالَـــت لِــجَــارَتِـهَـا
عَـلَـيـهِ سِـيْـمَـا"جَكَرْتَا" و هـــو "سَـيْـئُونِي"
و قـــالَ رُكْـــنٌ لِــثَـانٍ : ذَاكَ مِـــن "حَـــرَضٍ"
تَــظُــنُّـهُ مَــغْـرِبـيَّـاً , و هـــــوَ " دَمُّــونِــي "
و قـــالَ لِـــي سَــائِـحٌ : هَـــل مَــرَّ مِـثـلَهُمَا
غَــــــانٍ و غَــانِــيــة شَـــتَّــى الأفَــانِــيـنٍ ؟
رَأيْـــتُــهُ غَـــــاب َفِــيــهَـا مِــثـلَـمَـا غَــرَبَــت
فِــيـهِ , و غِــبْـتُ بـنَـعْـلِي , مَـــن يُـوَارِيـنِـي
لِــــمْ لا تُـهَـنِّـيـهِمَا فِــــي فَــجْــرِ حُـبِّـهِـمَا ؟
قُــل : لَـيْـتَهَا لِــي , و ألـقَـى مَــن يُـهَـنِّينِي
***
و مَـــرَّ كَــهْـلٌ فَــأَوْمَـى : هَــل سَـتَـمْنَحُنِي
قِـرْشَـيْـنِ , أرْبَــعَـةً ؟ خُــذْ نِـصْـفَ تَـمْـوِينِي
نَـــاوَلْــتُــهُ صُـــــــرَّةً فَــــارْتَـــدَّ يُــخْــبِــرُهُـم
هَــــذا خَــطِـيـرٌ , و يَـمْـشِـي كَـالـمَـسَاكِينِ
فِـــي كَــفِّـهِ صَـفْـحَـةٌ تَـحْـبُـو الـحُـرُوفُ بـهَـا
حَـــبْــوَ الـصَّـبـيَّـاتِ فِــــي بَــــدْءِ الـتـمَـاريـن
و دَسَّـــهَـــا مُــبْــدِيَــاً أخــــــرَى يُــعَــبِّـؤهَـا
مِــيْـمَـاً و حَـــاءً , و يَـــاءً كَ(اْبْـــنِ خَــلْـدُونِ)
و قَـــالَـــتِ الــحُــلْـوَةُ الــحُـبْـلَـى لِــكَـاهِـنَـةٍ
قَــتْــلِــي أَوَانُ إيَـــابــي جـــــدُّ مَــضــمُـونِ
غِــيْـبِـي ثَـمَـانِـيـنَ يَــومَــاً لَــسْـتِ قَــاصِـرَةً
سَـتَـطـلـقِـيـن وَلِـــيـــداً غَـــيـــرَ مَـــقْـــرُونِ
و لا يُـــقَـــاسُ بـــهـــذا أو بــــــذاكَ و قَـــــد
يُــــظـــنُّ عـــنـــوَان آتٍ غَـــيـــرِ مَــظــنُــونِ
و بَـــعـــدَ أنْ تَــضَــعِـيـهِ تَــرْجِـعِـيـنَ لَـــهُــم
حَــدِيــقَـةً مَــــا عَـلَـيْـهَـا لَــمْــس مَــفـتُـونِ
تُــضَـاحِـكِـيـنَ بـــوَجْــهٍ غَـــيــرِ مُــنْـكَـشِـفٍ
تُــخَــاصِــريـنَ بــبَــطــنٍ غَـــيـــرِ مَــبْــطُــونِ
بُـولِـيـسُ " بَــيْـتِ عُـلَـيْبَا " كَـالـجُذُوعِ , و إن
طَـــالَــت لُــحَــاهُـم و دَبُّـــــوا كَـالـعَـرَاجـيـنِ
قَــالُـوا لِــمَـن مَــرَّ بَـعـدِي : عُــدْ لِـتُـحْضِرَهَا
و اسْـتَـعْـجِـلَنْهَا بــــلا عُــنْـفٍ .. بـــلا لِــيـنِ
و اسْـتَجْوَبُوا " رَيْطَةً " كَمْ مِن يَدِي قَبَضَت ؟
: خَـمْـسِينَ و ابْـتَـاعَ كِـيـلُوْهَيْنِ مِــن تِـيـنِي
لَـوْ قُـلْتُ لا , قَـالَ : مَـا فِي السُّوقِ مَضْيَفَةٌ
قَــامُـوسُـهُ خُــــذْ و سَــلِّـمْ غَــيـر مَـمْـنُـونِ
لاقَـيْـتِـهِ مِــثـلُ سَـكْـرَى وانْـتَـشَى فَـرَحَـاً ؟
لأنَّــــهُ عَــــن أبـــي مِـــن بَــعـدِ تَـسْـنِـينِي
هَــاتِــي دَرَاهِــمَــهُ , خُــذْهَـا فَــمَـا بــيَـدِي
إلاَّ يَــــدِي و هــــيَ إنْ مَــدَّيْــتَ تَـكْـفِـيـنِي
فَــأطْـرَقُـوا .. مَـــا دَرَوْا مَـــاذَا أحَـــاقَ بــهِـم
أُمُّ الـشـجَـاعَةُ أنْــثَـى يَـــا "ابْــنَ مَـضْـعُونِ"
قَــالَـت : أَلَاحَ لَــكُـم وَجـــهُ الـحِـسَـاب فَــلا
تُــجَــرِّبُــونَـا بــــأخـــرَى لـــعــبَــةَ الـــهُـــوْنِ
***
أنـــــا كَــغَــيـري و أنـــتُــم مِــثــل غــيـرِكُـمُ
تُـــزَيِّــنُــونَ عَــلَــيْــكُـم غَــــيـــرَ مَــــزْيُـــونِ
مَـــن بَــاتَ زَوْجَ ثَــلاثٍ فَــوْقَ " أمِّ رَشَــا " ؟
مَــــنِ الــتــي أرْكَــبَـتْـهُ مَــتْــنَ صَــالُــونِ ؟
مَــــن مِــنْـكُـمُ قَــــالَ : أعْــلَـتْـهُ كَـفَـاءَتُـهُ ؟
مَــن قــالَ : وَجـهِي بـنَعْلِ الـحَظِّ عُـرْبُونِي ؟
مَــن قَــالَ : قَـتْـلُ رئِـيـسِ الأمْــسِ رَفَّـعَـنِي
مِــن سَـجْنِ عَـامٍ إلَـى حُـكْمِ الـمَسَاجينِ ؟
هَذا "الأفَنْدِي" رَقَى .. أمْسَى الرَّقِيبَ عَلَى
دَخْــــلِ الــمَـوَانِـي , و مَــخْـرُوجِ الـمَـخَـازِينِ
كَـــمْ عُــمْـرُهُ ؟ مَـــا وَشَـــى بَــابٌ بـمَـوْلِدِهِ
و لا نَـــــوَافِـــــذُهُ بَـــــاحَــــت بـــمَــكــنُــونِ
أنـتَ ابْـنُ مَـنْ يَـا فَـتَى ؟ قَـالَ : ابْنُ عَاصِفَةٍ
هُــنَــا رَمَــتـنِـي و قَــصَّـت ريـــشَ تَـبْـيـينِي
و اسْــتَــدْرَكَـت فَــأرَتْـنِـي بَــيــتَ والِــدَتِــي
قَــصَــدْتُــهُ قَـــــالَ : وَدِّعْ غَـــيــرُ مَـــحْــزُونِ
و اسْـتَـفْـسَـرَت خَــاتِــنَ الـحَـيَّـيْـنِ جَــارَتُــهُ
فَـــقَــال : كَـــــانَ أبُـــــوهُ غَـــيــرَ مَــخْـتُـونِ
و مَــا اْسْـمُـهُ ؟ قَــالَ : مَــا تَـدْرِيـهِ مَـدْرَسَةٌ
فَــاسْــتَـنْـبَـأَتْ أَنَّــــــهُ تِــلــمـيـذُ لاتِــيــنِــي
و غَـــابَ عَــشـرَ سِـنِـيـنٍ مَــا أفَــادَ سِــوَى
مَــسْــحَ الــنِّـعَـالِ , و إهْــــدَاءَ الـفَـسَـاتِـينِ
نَـــــأى عَـــــنِ الـــحَــيِّ أمْـــيَــالاً لأنَّ لَــــهُ
خَــــالٌ يُــنَـادِيـهِ : مَــلْـعُـونُ ابْــــنَ مَـلُـعُـونِ
***
نَــمَـا إلــى الـشَّـيْخِ أَنِّــي شَـاعِـرٌ .. فَـدَعَـا
أمَـــانـــةَ الــحِــفــظِ تُــعْــطِـيـهِ دَوَاوِيـــنِــي
و قَـالَ مَـن ظَـنَّنِي : هَل هَاتَفَتْكَ " مُنَى " ؟
: مَـــنَّــتْ كَــثِــيـرَاً و أرْجُـــــو أنْ تُـمَـنِّـيـنِـي
و قـــالَ لِـــي صَـحَـفِـيٌّ : هَــل نَــزِفُّ إلَــى
شَــيــخِ الـمَـعَـالِـي أتَــــمَّ الــخُــرَّدِ الــعِـيـنِ
و أمَّـــنَـــت زَوْجَـــــةُ الــمِــذيَـاع ضَــاحِــكَـةً
و قَـــالَ مَــن قَــالَ : لَــوْ قَـصَّـرْتُ يُـقـصِينِي
فَـقُـلْـتُ : يَــأْبَـى هِـجَـائِي أنْ يَـسِـفَّ إلــى
عِـمَـامَـةٍ تَـحـتَـهَا الـشَّـيـخُ "ابــن شَـعْـنُونِ"
إلـــــيَّ أهْــــدَى قَـمِـيـصَـاً لُــبْــسَ أرْبَــعَــةٍ
لِــكَــي أرَى كَــيـفَ لَـــمْ يَـبْـخَـل بـتَـكْـفِينِي
يـــا شَـيـخُ شَـارَكْـتُ " عِـزْرَائـيلَ " شَـمْـلَتَهُ
تِـسـعِـينَ شَــهـرَاً , أُصَـافِـيـهِ .. يُـصَـافِـينِي
قَــالَ الـفَـتَى أيْـنَـعَتْ عِـشـرُونَ مِـن عُـمُرِي
هُــنَـا , و مَـــا لاحَ لِـــي مَـــا أنــتَ تُـنْـبِينِي
أنــظُـرْ إلـــى ذَلِـــكَ الــدُّكَـان .. لَــيـسَ بــهِ
شَـــــيءٌ ؟ بــإبْـطَـيْـهِ أصـــنَــاف الأقَــانِـيـنِ
نَـــعَــم رَأيـــــتُ قَـــفَــاهُ عُـــنْــقَ وَاحِـــــدَةٍ
أمَــــا لَــدَيــهِ سِــــوَى خَــمِــرٍ و أفــيُــونِ ؟
تِـــجَـــارَةُ الـــمَــوت و الــتَّـمْـوِيـتِ رَائِـــجَــةٌ
و الـــنَّــاسُ مَــــا بَــيــنَ غَــبَّــانٍ و مَــغـبُـونِ
هَــل نَـرْتَقِي الـتَّلَّ عُـزْلاً ؟ مَـا أرَدْتَ , مَـعِي
هَــــمٌّ عَــــنِ الــتَّــلِّ و الــــوَادِي يُـعَـنّـيـنِي
سِــرْ بــي إلــى شَــارِعِ الـمَأمُونِ : أيّـهُمُ ؟
هُــــم سِــتَّــةٌ لَــيــسَ فِـيـهِـم أيُّ مَــأمُـونِ
ألا تَــــــرَى لَــمَــعَــانَ الــــــدَّارِ نَــقــصُـدُهَـا
فَــــرْدَاً و أحْـمِـيـكَ عَـــن بُــعْـدٍ و تَـحْـمِـينِي
رَمَـــى إلـــى الـــدَّارِ عَـيـنَـيهِ و قَـــالَ هُــنَـا
حِـــصــنٌ مَــنِــيـعٌ و مَــحْــفُـوفٌ بـتَـحْـصِـينِ
لاحَــظْــتُ أشــبَــاحَ جـــنٍّ حَـــوْلَ حَـائِـطِـهِ
و أعْـيُـنَـاً مِـــن ثُــقُـوبِ الــسُّـورِ تَـشْـوِيـنِي
***
لِـــــمْ لا تُــبَــادِئـهُ بـالـتَّـسـلِـيمِ ؟ أمْــنَــحُـهُ
مَــــن لاحَ أبـــدِي لـــهَ عُــرْفِـي و قَـانُـونِـي
هَـــل ذَاكَ بَــابٌ .. و أعْـلَـنْتُ الـسَّـلامَ فَـمَـا
رَدّ الــخَــفِــيــرُ .. بــــــــلا دَاعٍ يُــعَــادِيــنِـي
و شَـــــبَّ صَـــفَّــارَةَ الـتَّـنْـبـيـهِ فَـاخْـتَـنَـقَت
و رَاحَ يَــنْــشُـرُنِـي حَـــدْسَـــاً و يَــطْـوِيـنِـي
فَــأطــلَـقَ الـــحَــارسُ الـنَّـعْـسَـان وَاحِــــدَةً
مَــعْــهُــودةً عِـــنــدَ خُـــــدَّامِ الــسَّـلاطِـيـنِ
و احْــتَــثَّـتِ الـطَّـلَـقَـاتُ الــخَـمْـسُ أربَــعَــةً
تَـــنَــاهَــشُــوهُ كَـــأنـــيَــاب الــشَّــيَــاطِـيـنِ
***
كــانَـت تَـصِـرُّ الـمُـدَى الـعَـطْشَى بـأَعْـظُمِهِ
كَــمَــا يُــوَسْــوِسُ قَــصــرٌ غَــيـرُ مَـسْـكُـونِ
و كَـــانَ يَـنْـظُـرُ فِــي بـيـضِ الـحَـصَى دَمَــهُ
شِــعْــرَيـنِ مَــــا بَــيــنَ مَــنْـثُـورٍ و مَــــوْزُونِ
***
وأصْـــبَــحَ الــسَّــيِّـدُ الــمَـأمُـونُ مُـنْـقَـسِـمَاً
بَــيـنَ الـقَـتِـيلِ و بَــيـنَ الـسِّـيـنِ و الـسِّـينِ
مَـــــاذَا أقُـــــولُ ؟ إذا قَـــالُــوا : أُرِيــــقَ دَمٌ
لَـيْـلاً عَـلَـى سَـاحَـتِي فِــي عَــامِ تَـعْـيينِي
اعلن " يسك " يا " يَريمِي " أنتَ يَا ابْنَ أبِي
سُـــــدَّ الــنَّــوَافِـذَ هَـامِـسْـهَـا : أعِـيـنِـيـنِي
هَـــاتُــوا الـقَـتِـيـلَ كَــمَــا وَافَــــى بـعِـمَّـتِـهِ
لا تَــتْــرُكُـوا حُـــمْــرَةً , لا وَهْـــــمَ تَــدْخِـيـنِ
***
هَــــــذي حَــقِـيـبَـتُـهُ مَــشــحُـونـةٌ كُــتُــبَـاً
عُـــجــمَ الــمَـعَـانِـي فَـصِـيـحَـاتِ الـعَـنَـاوِيـنِ
عَـرَفْـتُـهُ قَــبـلَ فَـتْـحِ "الـسّـنْدِ" كَــانَ فَـتَـىً
و الــيَــومَ كَـالـكَـهْلِ مِـــن شُـــمّ الـعَـرَانِـينِ
و مــا ادَّعَــى "يَـاسِـريَّاً" لا مِـنِ "اْبْـنِ سَـبَا"
و الــــيَــــوْمَ لا هِــتْــلَــرِيَّــاً لا سْــتَــالِـيـنِـي
يــا "سَـعْـدُ" خُــذْهُ عَـلَى سَـيَّارةِ ابْـنِ أخِـي
إلــــى مَــمَــرِّ "ابــــنِ آوَى" و الـسَّـرَاحِـيـنِ
مَــــرَّ الــضُّـحَـى فَــــرَآهُ جُــثّــةً .. فَــبَـكَـى
و خِــلْــتُـهُ قَـــــالَ صَــمْـتَـاً مَــــن يُـرَثّـيـنِـي
و لــــــمَّ أشْــتَــاتَــهُ الــمُــلْـقَـاة مُــنْـحَـنِـيَـاً
لَــعَـلَّ تَــحْـتَ الـحَـصَـى خَـفْـقَاً سَـيُـغْنِينِي
***
مَــــنْ ذَا يُـنَـقِّـرُ أضْــلاعِـي و جُـمْـجُـمَتِي ؟
هــذي الـمَـسَامِيرُ أُخْــرَى عَـكْـس تَـكوِينِي
رَفْـــرِفْ قَـلِـيـلاً و طِـــرْ فَـــوْرَاً إلَـــى كَـتِـفِي
: أشـرَقـتُ مِــن دَاخِـلِي فَـاهْتَاجَ "تَـكوينِي"
هَــلْ فِــي عِـظامِكَ ضِـدَّ الـمَوْتِ ..أمْ بـيَدِي
لَـــوْ كَــانَ بــي كَــانَ أدْنَــى مَــن يُـوَاتِـينِي
لأنَّـــنِــي زَمَـــــنٌ قَـــبــلَ الأُنَـــــاسِ و مَــــا
يَــدْرُونَ كُـنْـهِي , فَـمَن ذَا سَـوْفَ يُـدْرِينِي ؟
مَــن أنَّــثَ الـجُـمْعَةَ الأولَـى مَـضَى , وأتَـى
يُـذَكِّـرُ الـسَّـبْتَ .. مَــن ذَا اخْـتَـارَ تَـزْمِينِي ؟
و اسْــتَــنَّ عِــيــدَاً و أسْــمَـاءً هُــنَـا و هُــنَـا
تَـــوَطَّــنُــوا , و أدَارَ الأفْـــــــقُ تَــوْطِــيــنِـي
مَــــن أقْــلَـمُـوهُ و مَـــن أعْــطَـوْهُ تَـسْـمِـيَةً
كَـالـنَّـاسِ , هَــذَا "شَـآمِـي" ٌ و ذَا "كِـيْـنِي"
***
مَــاذَا أُخَـبِّـرُ عَــن رِيـشِـي و عَــن فَـلَـكِي ؟
مَـــــن ذَا يُــمَـيِّـزُ لَــوْنِــي مِــــن تَــلاوِيـنِـي
الآنَ تَــمْــضِـي كَــشــحـرُورٍ عَــلَــى فَــنَــنٍ
و سَـــوْفَ تَـمْـتَـدُّ مِـــن حِــيـنٍ إلــى حِـيـنِ
حَـتَّـى اْسْـتَـوَت قَـبـل نِـصـفِ الـلَّـيْلِ قَـامَتُهُ
أشَـــــارَ أوَّلُ نَـــجْــمٍ مَـــــن يُـسَـمِّـيـنِـي ؟
و أسْــــرَعَ "الــثَّـوْرُ" و "الـمِـيـزَانُ" فَـاخْـتَـلَفَا
إذْ قَـــالَ : هَـــذا "شـبـيراً" ذَاكَ "ذَا الـنُّـونِ"
***
و حَــنَّــتِ الــرِّيــحُ بــاسْـمِـي كُــــلَّ رَابــيَـةٍ
و كُـــــلُّ بَـــيْــتٍ إلـــــى بَـيْـتَـيْـنِ يَــرْوِيـنِـي
تَـشُـمُّ فِــي قَـهْـوَةِ الـمَقْهَى شَـذَى خَـبَرِي
فِــي أغْـصُـنِ الـقَـاتِ يَـحْـلُو ذَوْقُ تَـغْـصِينِي
***
فِـــي كُـــلِّ جَــمْـعٍ أطَـالُـوا قِـصَّـتِي و إلَــى
ألــحَــانِ قَــلْـبِـي أضَــافُــوا غَــيـرَ تَـلْـحِـينِي
و سَــمّـنُـوا قِـصَّـتِـي , هَـــذا يُـضِـيـفُ لِـــذَا
فَــعَــدَّدُوا واحِـــدِي مِـــن بَــعْـدِ تَـسْـمِـينِي
***
و قَـــــدَّرَتْ نُـــسْــوَةُ الـــحَــارَاتِ مُـرْتَـحَـلِـي
يَــغْـدُو بـصَـنْـعَاءَ , يُـمْـسِي آخِــرَ "الـصِّـينِ"
مِـــنَ "الـحُـدَيْـدَة" يَـمْـضِـي لَـحْـظَتَيْنِ إلَــى
"رُوْمَــــا" و فِــيـهَـا يَــــرَى دُوْرَ "الــبَـرَدُّوْنِـي"
و قُــلْــتُ نَــــادَى شُــبَـاطَـاً مَــرَّتَـيْـنِ أتَـــى
طَــــوْعَـــاً و أرْكَــــبَـــهُ أكْـــتَـــافَ كَـــانُـــونِ
***
قَـــالَــت "سُــمَــيَّـةُ" : مَــاأغـبَـى مَـنَـازِلَـنَـا
رَدَّتْ غَـــريـــبَـــاً يُـــحَـــيِّـــي بــالــرَّيَــاحِـيـنِ
فَــهَـل دَرَتْ مَـــن أضَــاعَـت أمْـــس حَـارَتُـنَا
حَــفِـيـد "فَــاطِـمَـةَ الــزَّهْـرَا" و "مَـيْـسُـونِ"
و خَــــال "هِــنــدٍ" و رَاعِــــي خَــيْـل آمِــنَـةٍ
و كــــانَ مِــفـتَـاحُ مُــوسَـى عِــنـدَ هَـــارُونِ
و قِـــيـــلَ أوْلاهُ نُــــــوحٌ فُــلْــكَــهُ فَـــرَقَـــى
عَـــن عَــارِضِ الأرضِ أنْـجَـى نِـصْـفَ مَـلـيُونِ
***
أيـــنَ اخْـتَـفَـى بَــعْـدَ نُـــوحٍ قَـالَـتِ امْــرَأَةٌ :
أعَـــرْتُــهُ بَـــعــدَ نُـــــوحٍ بَــعــضَ مَــاعُـونِـي
فِــي كِـسْـرَوَانَ اخْـتَـفَى عَــن كُــلِّ طَـائِـفَةٍ
و مــا ارْتَــدَى "جَـعْـفَراً" أو وَجـهَ " مَـارُونِي"
***
و ذَاتَ يَــــوْمٍ دَعَــانِــي و انــطَــوَى بــيَــدِي
وُرَيْـــقَـــةً و يَـــرَاعَـــاً نِـــصـــفَ مَــسْــنُــونِ
و قــالَ : قُـولِـي لِـمَـن مَــرُّوا و مَــن قَـطَـنُوا
لَـــكُـــم و لِــلـطَّـيْـرِ أعــنَــابـي و زَيْــتُــونِـي
و مَـــــرَّ عَـــنِّــي كَـــمَــا وَافَــــى مُــفَـاجَـأةً
لَـكـنْ إلَــى أيــن ؟ أعْـيَـى الـرِّيـحَ تَـخْمِينِي
و مَـــــرَّ سِـــفْــرٌ أَجَـــابُــوا طَــالِـبـيْـنَ أبَـــــاً
جَـــوّابَــةً بَـــيــنَ شَــطَّـيْـهِ ك" جــيـحُـونِ "
كَـالـخِـضْـرِ حِــيْـنَـاً و أحْـيَـانَـاً يُـــرَى شَــجَـرَاً
و تَـــــارَةً فَـــــوْقَ طَـــيْــرٍ غَـــيــرِ مَــيْــمُـونِ
سِــفَـرْجَـلِـيُّ الــخُــطَـى بُــنْــيَـانُ قَــامَــتِـهِ
مِــن أضْـلُـعِ الـرِّيـحِ .. مِــن ألــوَاحِ "بَـيْـنُونِ"
يَــدْعُـوهُ مَــسْـرَى الـثَّـوانِـي كُـــلّ أُمْـسِـيَةٍ
"إسْـكَـنْـدَرَ الـفَـتْـحِ" لَــكِـنْ غَــيـر مَـقْـدُونِي