سام برس
الشاعرالعيدي الهمامي في عمل شعري مترجم عن منصة "محررون للنشر الإلكتروني" في بغداد :
ضم نصوصا مترجمة بها هواجس الشاعر وهمومه حيث القصيدة المسافرة في الوجع وشواغل الانسان

شمس الدين العوني

في مثل هذا اليوم من زمن كورونا صدر عن منصة "محررون للنشر الإلكتروني" في بغداد بالعراق بادارة الدكتور منير الكلداني الديوان المترجم أمازيغيا عن الأصل العربي للشاعر التونسي العيدي الهمامي و ضم نصوصا مترجمة فيها هواجس الشاعر و همومه حيث القصيدة المسافرة في الوجع و شواغل الانسان.

ها هي القصيدة تفصح عن وجع الشاعر تجاه الانسان حيث القلق المهيمن في عالم معتل يلحظ الشاعر علاماته و هو يتنقل بين العواصم و الأمكنة و به شجن و حنين ..هو حنين الشاعر للأجمل و الأرقى للانسان و هو الكائن من كان .. اذ يقول في قصيدته الجديدة :

في بلدي
الزيتون يعانق النخيل
وأنا المتفرج
لا الزيت أتذوقه
ولا التمر من نصيبي
//
في بلدي
البترول ينطح الحديد
وأنا المتسول
لا سقف يأويني
ولا إنارة تأخذ بيدي
//
أفريقيا
أحفاد "لوممبا ومانديلا"
يعودون
وأنت يا بلد
من خلف السياج
لا خبر
ولا ساعي بريد
سجينة إرادة الحياة
والشابي مل الرقاد
//
باريس
توقف "السان"
وفي كل حي مقعد عزاء
هم الآن يبكون "بونابرت"
و"ديقول" مات مرتين
//
أمريكا
الهنود الحمر
على سنان الرماح
وطائر النوء
ينذر بالعاصفة
"الدب الروسي"
قد يفعلها
بعد السبات
وبعد
أن أتقن لعبة الجيدو .

بين مدن شتى هنا و هناك يقيم الشاعر العيدي الهمامي و به شيئ من حنين و ألق الشعر يقترف فعل الكتابة على سبيل السلوى مشيرا الى الآفاق ينحت بخطاه تمثال السفر و الرحلة تجاه ضفاف و أمكنة...
"... مددت يدي الى سحابة
أسألها المطر
أبعدتني الرياح
واختفت السحابة ،
رسمت نافذة على الحائط
حين حاولت الدخول
تحولت الى باب لا يفتح ،
اتخذت من قصيدي فلكا
حمله الماء
واغرق "التيتانيك" العظيم ،
صنعت طائرة ورقية
طارت دمية ابنة الجيران
ولم تقلع الطائرة ،
مر بجانبي نعش
تأملته جيدا حتى أتأكد من أن الذي يحمل لست أنا" .
ها هي القصيدة تمضي بشاعرها الى الأقاصي..أقاصي الوجيعة و الألم حيث الحروف و الكلمات ملاذ بوح و قول فادح في حساسيته تجاه الأحوال و الشؤون و الشجون ..ها هو الشاعر ينتبه للكائن يعلي من أصوات القلق تجاه عام ينقضي بأحداثه ..انها أمنيات الشاعر تجاه ما تداعي من يوميات عام أربك الشاعر و الراوي :
"...ديسمبر قريبا يقلع اوتاد خيمته
ولم يأت الشتاء ،
التينة التي زرعها الوالد بلغت من الكبر عتيا ولم تثمر ،
السماء التي كم خلناها غطائنا تعرت من السحب ولم تمطر ولم نجمع خراجها من أعوام ،
مزاريبنا اعتلاها الصديد بعد ان بحت اصواتها ولم تتكحل ببنت سحابة ،
الخطاف الذي غادر العش بسقف بيتنا ليبحث بين خشاش الأرض لم يعد وقد نسي ان يودع فراخه ،
جارنا الذي حرق من شهر اوت لا "حس عنه ولا خبر"
لا البحر أخبر عنه ولا ابنة الطليان ،،
يقول الراوي : تفرق دمنا بين مدن لا تحبنا كطائر البطريق أينما اتجهنا يتقيأنا البحر وتركلنا اليابسة...".


هكذا هو الشاعر العيدي الهمامي الذي يلهو بالتفاصيل و بعد مجموعا شعرية سابقة يقول في دواخله ضمن هذه القصائد الجديدة التي يضمها ديوانه المقبل الكثير و هو يتقصى الأحوال و ما بالأشياء و التفاصيل من هم و جراح و أسى ..في قصيدة الطفل الموالية اشتغال حواري فيه الشعر سؤال لتشكيل حالة بمثابة المقاربة لما يحدث :

"...الطفل: ابي ماذا تفعل
الأب :أقرأ
الطفل: ماذا تقرا
الأب :الجريدة
الطفل: ماذا في الجريدة
الأب: تفاهة السياية وأخبار الجريمة
الطفل: هل لتتعلم السياسة ام الجريمة ،
ألقى الأب بالجريدة تحت قدميه وقام يحضن طفله...".

قصائد جديدة هي من عوالم الكتابة بتلوينات أحوالها و تنوع شواسعها حيث يمضي الشاعر حاملا شيئا من شجنه القديم و حزنه المعتق يلوذ بالكلمات معانقا احزانه حيث لا مجال لغير القول بالآه ..يسكب في ذاته المتداعية ما سال من أحزان الروح..هكذا هو الشاعر العيدي الهمامي في هذا العالم يرمم بالشعر ما تداعى من سياج الروح حيث يقول :
"...ليل يلملم شتاته
كهارب من جرح
ادمى روحه ،
يلوذ بحزنه
ليسكب فيه ما تيسر من القصائد
وليمسح ما تجمد بالمقلتين...".
هكذا هي الذات الشاعرة المدججة بالقلق و الأسئلة تمنح صاحبها حالات من الوحدة و هو المثقل بهموم القصيدة يمضي بها يرتجي نورا في ليل الناس مشيرا الى الأصدقاء المتعبين و الموعودين بثمار القصائد..انها فسحة الشاعر بما تضفيه من لوعة و حسرة و قلق و هو الحالم بالكلمات تبعد عنه ألم الوحدة و جراحاتها..الشعر هذا الحاضن للمعنى حيث لا مجال لغير القول بالقصيدة تذهب الحزن و تعلي من شأن الذات :
"...في هذه الساعة المتأخرة
والمتدحرجة من سقف الليل
أغادرني ولم أنه قهوتي
أودع طاولتي مدججة بالأسئلة
تشتكي الوحدة
ومتلمسة لي العذر
عبر وجوه اصدقائي
المتعبين بالمعنى
والمثقلين
بإرهاصات القصيدة...".

بين مدن شتى هنا و هناك يقيم الشاعر العيدي الهمامي و به شيئ من حنين و ألق الشعر يقترف فعل الكتابة على سبيل السلوى مشيرا الى الآفاق ينحت بخطاه تمثال السفر و الرحلة تجاه ضفاف و أمكنة و قد سكنه النشيد و الأغنيات..و كذلك الأسى أمام مايحدث على غرار طوفان الهجرة السرية و مآسيها و أحوال الأوطان و عذاباتها أحيانا و الشعراء:
"...لا تحرق
كم شاعر تفرق دمه بين القبائل
وانتهى في القبر مجهول الهوية ،،
لا تحرق
كم شاعر بات أسير "السين والجيم" بأقبية الدوائر المنسية ،،
لا تحرق
كم شاعر تغنى بالوطن لكن الوطن منافق جحود
يكره الشعر
ويمقت الشعراء ...".

هذا شيئ من قصائده على الجدار اذ يوغل في السفر و كأنه يخاطب الكائنات و حتى العناصر و التفاصيل يرتجي هدأة الحال و بهاء الأمكنة.هذا و يواصل الشاعر العيدي الهمامي معانقة أشعاره عبر الاصدارات الشعرية و كتابة القصائد التي تعكس حيزا من هواجسه و همومه شأنه شأن بقية الشعراء حيث الكلمات تنحت مجاريها مثل مياه النهر

حول الموقع

سام برس