بقلم د/ عمر أفلح
مقدمة : عنوان : "تهامة اليمنية : مهد المانجو وثروتها الزراعية"
تهامة اليمنية ، أرض العجائب والطبيعة الخلابة ، تبرز كواحدة من أهم المناطق الزراعية في اليمن ، وخاصة في زراعة المانجو حيث تعتبر المانجو من أهم المحاصيل الاستراتيجية في الزراعة التهاميةو تعد مصدرًا أساسيًا للدخل والتنمية في المنطقة
 

وتتميز الأراضي التهامية بزراعة أصناف عديدة من "ملكة الفواكة" أبرزها “قلب الثور”، “السوداني”، “تيمور“، “أبو سمكة”، “الزبدة “، لكن قلب الثور والتيمور هما الصنفان الأجود واللذان يتصدران اهتمامات السوق الخارجية خلافا للأصناف الأخرى

تتميز تهامة بظروف مناخية مواتية تجعلها موطنًا مثاليًا لزراعة المانجو، حيث تتوفر فيها الشروط المثلى من تواجد الشمس والأمطار الخفيفة والتربة الخصبة، مما يسهم في إنتاج مانجو ذات جودة عالية وطعم لذيذ.

وتعتبر زراعة المانجو في تهامة اليمنية نشاطًا زراعيًا حيويًا يعتمد عليه العديد من الأسر كمصدر رزق لها، وتعد هذه الثروة الزراعية محركًا للاقتصاد المحلي والوطني، حيث تسهم في زيادة الصادرات وتعزيز الاستقرار الاقتصادي للبلاد.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب زراعة المانجو في تهامة دورًا هامًا في تعزيز الأمن الغذائي للمنطقة والبلاد، حيث تسهم في توفير كميات كبيرة من الفواكه الطازجة ومنتجاتها المشتقة، التي تعد غذاءًا أساسيًا للسكان المحليين ومصدرًا للتصدير للأسواق العالمية.

بهذه الطريقة، تظهر تهامة اليمنية كواحدة من أهم المناطق الزراعية في اليمن، وتعتبر زراعة المانجو فيها ثروة زراعية تلعب دورًا حيويًا في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز اقتصاد البلاد.
ويعد السهل التهامي الممتد من محافظة الحديدة إلى حجة من أهم المناطق الزراعية على مستوى اليمن؛ لما يزخر به من مقومات طبيعية ، وتوافر التربة الصالحة للزراعة والمياه الجوية المتوافرة بكميات كبيرة وجريان العديد من الأودية بها على مدار العام حيث تشير إحصائيات بأن هناك أكثر من 10ملايين شجرة مانجو في تهامة

خاصة وان تهامة الممتدة من محافظة الحديدة الى محافظة حجة تعتبر الاوائل في انتاج كمية المانجو فوفقا ًلكتاب الإحصاء الزراعي للعام 2019م- الصادر عن الإدارة العامة للإحصاء والمعلومات بوزارة الزراعة والري، فقد بلغت المساحة المزروعة بالمانجو 114 – 26هكتاراً وهو ما يمثل نسبة 4. 28 %من المساحة المحصولية للفواكه للعام 2019م-وكانت كمية الإنتاج 362٫365 طناً: واحتلت محافظة حجة المركز الأول بمساحة تقدر بـ 12٫851هكتاراً، وكمية الإنتاج بلغت 182٫690طناً، وجاءت محافظة الحديدة في المركز الثاني حيث بلغت المساحة المزروعة فيها بالمانجو حوالي 10٫642هكتاراً، والإنتاج 147٫976

ظاهرة هذا الموسم والكساد للمانجو :

لكن هذا الموسم وبالتحديد ظهرت ظاهرة خطيرة تهدد قدرات المزارعين على البقاء والازدهار وسببت خسائر كبيرة للمزارعين رغم كل الاجراءات التي تقوم بها الحكومة لدعم القطاع الزراعي ولعل ابرز اسباب هذا الكساد يتمثل في عدة عوامل ساعدت بعضها بعض لتشكل تحديات كبيرة تسببت في انخفاض اسعار المانجو وتكدسه في الأسواب وابرزها
اولا: زيادة الانتاج بشكل غير مسبوق هذا العام والسبب يعود ربما الى التوسع العشوائي في زراعة المانجو
ثانيا: قلة الطلب الداخلي اوان العرض اكثر من الطلب ويعود ذلك الى التدهور الاقتصادي الذي يشهده اليمنين مما تسبب في انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين مما ادى الى قلة الطلب في الاسواق المحلية

ثالثا: نقص التخزين السليم حيث تفتقر مناطق الانتاج الزراعي في تهامة الى بنية تحتية تخزينية كافية وسليمة للمانجو مما ادى الى تراكم المحصول في السوق

رابعا: ضعف القنوات التسويقية حيث ان الافتقار الى القدرة التسويقية بشكل فعال مما يجعل الصعب عليهم تحقيق اسعار مربحة لمنتجهم خاصة في ظل اغلاق المنافذ البرية التي كان يعتمد عليها المزارعون في تسويق منتجاتهم من خلال التصدير

خامسا: عدم تطوير الصناعة المحلية مثل صناعة تعليب المانجو المتقدمة مما زاد من صعوبة المزارعين على تسويق منتجهم بشكل فعال

رغم دعم الحكومة ولكن :

و بالرغم من توجيه رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، اللجنة الزراعية والسمكية العليا والجهات المعنية بالزراعة مؤخراً، بالعمل على الاستفادة من موسم الامطار واستغلال هذه النعم لرفع معدل الإنتاج الزراعي خلال الموسم الحالي،

كما وجه بالاهتمام بالتسويق الزراعي ومنح تسهيلات خاصة للمستثمرين في هذا الجانب.

ان توجيهات الرئيس المشاط، تعكس رؤية واهتمام القيادة السياسية بالقطاع الزراعي في اليمن، وليست الأولى بل أن خطابات الرئيس المشاط، لا تخلو من الموجهات الهادفة إلى رفع مستوى الإنتاج الزراعي والاهتمام بهذا القطاع الحيوي الهام، ونحن اليوم أمام مشكلة وطنية وليست خاصة بتهامة والمزارعين فقط حيث تراجع أسعار المانجو بأنواعها في الاسواق المحلية مؤخراً إلى أدنى مستوياتها بسبب عدم وجود وسائل لحفظ المانجو طيلة العام وتسويقه بطريقة منظمة،

ونتيجة لذلك وصلت السلة المانجو من النوع الفاخر والذي يطلق عليه "قلب الثور" إلى ٢٠٠٠ ريال وكذلك ٣٠٠٠ ريال، وهذا يعد انتكاسة للمزارع الذي اضطر للبيع بهذه الأسعار تحت ضغط الوقت، لأن لا يمتلك اي خيار يستطيع من خلاله التحكم بسعر محصوله السنوي من الفواكه، فيجبر بدافع الخوف من التلف بأسعار متدنية.

الجانب الزراعي مهم والاكتفاء الذاتي لا يتحقق دون خطط ورؤى واقعية ودون وسائل و جهود.. وما أتمناه ,أن يرقى الاهتمام بتسويق المنتج الوطني من الفواكه التي يحظى بها المنتج الخارجي، فعند زيارة اي مواطن إلى سوق الفواكه سيجد أمامه برادات وحافظات متعددة لحفظ التفاح الأجنبي والفواكه المستوردة من دبي، وفي المقابل سيجد كماً هائلاً من مختلف الفواكه المحلية العالية الجودة، معروضة بطريقة عشوائية ويباع بالعراء، يحسب أصحابها الساعات والثواني ويتسابقون على بيعها خشية تلفها بعد مضي ٤٨ ساعة من جنيها وقطاع تلك الثمار عالية الجودة.

، فتوجيهات الرئيس المشاط، حثت الجهات المعنية على مساعدة المزارعين على تسويق منتجاتهم بطريقة سليمة والعمل على إيجاد حلول مستدامة لمشكلة التسويق التقليدي.

مناشدة عاجلة:

اذن ينبغي على الجهات المعنية والإعلام تشجيع وتحفيز وتسهيل الإجراءات اللازمة بالاستثمار في القطاع الزراعي وإنشاء برادات ووسائل حفظ على نطاق واسع وإرشاد المزارعين حول الطرق السليمة لقطف الثمار، وأساليب نقلها بشكل أمن حتى تصل إلى المستهلك وهي بحالة جيدة، يضاف إلى ضرورة دعم وتشجيع الجمعيات الزراعية على الاستثمار في التسويق الزراعي الحديث،


فتنمية القطاع الزراعي بحاجة إلى جهود الجميع، وبحاجة إلى التعاون والتنسيق وتظافر الجهود، لكي نحقق المزيد من النجاحات في الجانب الزراعي، فالمزارع الذي لا يحصل على نصف مدخلات الإنتاج بسبب سوء التسويق وقلة العائد المالي من نشاطه الزراعي، نخشى أن يصاب باليأس و يعزف البعض عن الاهتمام بالزراعة كون الجدوى الاقتصادية تراجعت، ولذلك على الجهات المعنية التحرك في هذا الجانب، وإجراء الدراسات اللازمة في التسويق الزراعي، فالاستثمار في مجال حفظ وتبريد الفواكه مربح جداً، وهناك رؤوس اموال وجمعيات زراعية لو تم تحفيزها لبادرت لإنشاء أسواق حديثة لحفظ المنتج الوطني من الفواكه والخضروات، وستعمل على الحد من معاناة المزارعين المتكررة كل عام نتيجة التسويق الموسمي العشوائي، واذا وجدت البرادات في نطاق كل محافظة ونطاق كل سوق جملة، سيتم القضاء على العادات المزعجة والنادرة مثل قطف الثمار قبل موعدها وتحضيرها بواسطة مواد كيماوية طمعاً في بيعها بسعر أعلى والحصول على عائد مالي أعلى..

لكن عندما يتم تنظيم هذا الجانب سيتم التغلب على مشاكل متعددة يعانيها المزارعون وسيتم توفير المنتج طيلة العام بسعر موحد، لتعم الفائدة الجميع الوطن والاقتصاد والمواطن


ختامًا:
في مواجهة كساد المانجو هذا العام، يناشد مزارعي تهامة بالتحرك العاجل من الحكومة والمجتمع المحلي لإنقاذ هذا القطاع الحيوي ويتعين على الجميع العمل بتضافر الجهود واتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي مزيد من الخسائر وتحقيق النمو والازدهار في قطاع الزراعة في تهامة اليمن.

ولأجل تحقيق التوازن في السوق وضمان دخل مستدام للمزارعين. يجب أن يكون هذا العام عام التحول لمزارعي تهامة، وعام العمل المشترك لإنقاذ قطاع الزراعة في اليمن.

فأنقذو مزارعي تهامة من كساد المانجو ويجب ان يكون التحرك فوري

حول الموقع

سام برس