بقلم/ احمد الشاوش
كانت أخلاق اليمنيين راقية وطبائعهم حالية وترابطهم قوي وتكافلهم متين وسعادتهم لاتوصف ووفائهم نادر حتى ان بعض من كان يسافر الى مكة لاداء فريضة الحج مجرد ان يعود من مكة ونورانيته ثانية وتحتفل الاسرة والجيران بعودته سالماً غانماً والناس تأتي كل يوم عنده تسلم عليه في الديوان وتهنئة ويقيلوا عنده ويتجابروا .. ويعطر الناس ويوزع المسابح والكوافي البيضاء وماء زمزم والناس طيبين وسعداء وقلوبهم نظيفة مثل الوردة.

وفي حالة سفر أي شخص الى الحديدة أو عدن كأنه غادر الى المانيا أو باريس ومجرد ان يعود الى منزله تجد كل الناس تلتف حوله وتقول له الحمدلله على السلامة .. غيبت .. نورت .. واسمع لك والسلام والمجابرة والقيالة وبوري ينطح بوري ، ونخس بعد نخس ، ونكته من هنا وزبجة من هناك ونيداره ولطافة واجواء حميمية لاتوصف ، غابت عن عالم اليوم الا ماندر بعد ان تغيرت النفوس وتفككت الروابط وصارت الانظمة والاحزاب والاموال والفلوس هي التي تجمع وتفرق الناس مثل جن سليمان .

ومن ألطف الحكايات والمشاهد بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م مباشرة لبس بعض الفقهاء والقضاة والسادة العمامة والدجلة والجوخ بدون جنبية او توزه أو ثومة من باب التخفيف والحداثة ولذلك كان يطلق عليهم فقهاء العصر الحديث ، بينما الامام احمد حميد الدين والشيخ عبدالله بن حسين الاحمر وبعض مشائخ اليمن يلبس طن من الملابس ، ثلاثة ارباع صمايد وشيلان ودجلات وزنين وبجايم وعند النقوضة يشتي نقوضه مثل مكينة السيارة المعطلة ، وعلى قولت الرئيس علي سالم البيض " لف السامان حقك ياشيخ عبدالله " عندما جاء الشيخ اليه يراجعه ويطرح جاه الله عنده بحل الاشكال بينه وبين الرئيس علي عبدالله صالح ، بحسب المتداول بين الناس

كان شباب وشيبات اليمن حق زمان حاليين ومدعوكين وأكثر وسامة وآخر هنجمة كان كل واحد يتكحل أعظم من الشحرورة صباح ويلبس القميص الجيلاني أو المقطب ويرتدي الدجلة ويوضع العمامة أو الصماطة ويوضع اللحفة على جنب والبعض الكوت والجنبية والمحزق والسكين والرصاص وحُقَة البردقان ويفعل على رأسة حممة ريحان أو ورد بلدي والبعض يعمل دورة الى الخزان الاحمر في نقم وعلى قولة الفنان ايوب طارش " دق القاع دقة لا تمش دلا" واسمع لك والدلع والهنجمة والاريحية والشياكة والبساطة وبعدها يطعم غدوة وشربة ماء ومقيل مثل العسل.

كان بعض الرومانسيين ومطيرفين الزمن الجميل من الشباب يعملوا دورة الى بير العزب بصنعاء القريب من قاع اليهود لمشاهدة جمال يوسف وصبايا الزمن الجميل سكته وعلى استحياء ، مش مثل مخاليع ومراهقي اليوم دردحة سايري جيي مثل المترو في شارع جمال وشارع حدة وهايل والمقالح والكافتيريات والمطاعم الهاي هاي ..ولذلك كان يردد البعض أغنية :
" مانزلتك بير العزب بين الشموس الحامية .. هل شي معك مقضى غرض ولا بنية حالية.

وكما يقول اليمنيون الجنون انواع ، جنون السياسيين والعسكر، وجنون الشعراء والادباء ، وجنون الفقهاء والمتصوفين ، وهوس الممثلين ومياعة عارضي الازياء ، ولذعة العباقرة والمبدعين ، ودلزة المثقفين وحماقة الاعلاميين وصبابة العشاق كعاشق ليلي ، وكمايقو بعض الظرفاء الجنون فنون.

فهذا المسؤول خارج اطار التغطية ومغلق على مكتبه وعامل لنفسه زحمة عنده عقدة نقص وذاك المدير يجيد فنون الحماقة واللف والدوران ، وذلك الاديب دلزته غير الناس ، وهذا القائد جناااانه غير خلق الله ، وبعض الملوك والامراء والرؤوساء مابين مغرور وخراط ومستبد ، حتى الخادم جناااانه ثاني لاقلب .. الله لارواكم.

أخيراً .. لقد أصيب بعض اليمنيين والعرب بانواع من الجنون والامراض العصبية والنفسية والاكتئاب والصدمات الناتجة عن الاستبداد وسياسة الفقر والجوع والقحط والبطالة وأهدار الحقوق ، حتى قيل ان الفنون جنون وقلة العقل مصيبة ..
ما احوجنا الى بناء مستشفيات ومصحات خاصة للقادة والزعماء والامراء والرؤساء والنُخب السياسية والمثقفين والفنانين بأعتبار السبب الرئيسي لتلك الاوجاع والازمات والتخلف والجهل هم القادة المفلسين الذين هم في أمس الحاجة الى المتابعة والمعالجة والرعاية والتطعيم ضد شلل الاعفاط والغطرسة والطغيان فذلك ليس عيب شرط العودة الى اعدادات وضع المصنع الطبيعي وبعد ذلك بإمكانهم بناء أمة عربية واحدة مثل خلق الله تعيش في امن واستقرار وتسامح وازدهار ، مالم الدهر هبة بهبة وقلبة بقلبة .

حول الموقع

سام برس