بقلم/ احمد الشاوش
يتطلع اليمنيون الى عيد الفطر المبارك بكل فرحة وسعادة وسرور ، وما ان تنتهي العشر الاوآخر من رمضان ، حتى يتم الاعلان عن عيد الفطر ، وتسارع اذاعة صنعاء وغيرها من الاذاعات والقنوات التلفزيونية الى زف التهاني بالمناسبة وبث أغنية " آنستنا ياعيد " بكلماتها الساحرة والمهيجة للمشاعر الانسانية .. سلم على احبابك واهل واصحابك للفنان الكبير علي الانسي وكلمات الشاعر الكبير عباس المطاع رحمة الله علهيما.

وبحلول عيد الفطر المبارك ، واداء صلاة العيد وتبادل التهاني والسلام ، تصدح أغنية آنستنا ياعيد " في بيوت صنعاء واحيائها وساحاتها واسواقها بترديد تلك الاغنية الشعبية الخالدة النابعة من روح واصالة ووجدان الشعب اليمني ، كما تعم الفرحة واللهفة والشوق كافة مدن ومحافظات وقرى اليمن بحلول العيد والزيارات والمعايدة .

وفي مشاهد عجيبة ومناظر فريدة وصور جميلة يتحول الجميع في ليلة العيد الى خلية نحل .. النساء عاملات زحمة بجد .. خارج اطار التغطية .. مشغولات في تنظيف المنازل والاحواش وترتيب المجالس وتبخير الغرف وتجهيز جعالة العيد من كعك وزبيب وشكلاته وانواع الحلوى على ايقاع " آنستنا ياعيد".

الرجال في حالة طوارئ هنا وهناك يبحثون عن بعض احتياجات وطلبات البيوت والاطفال ، بل ان البعض أبرد من ثلاجة الفريزل ينتظر الى ليلة العيد ويذهب الى السوق لشراء حلويات العيد والعطور والبخور والملابس للاطفال بين الزحام الى آخر الليل وغيرها رغم مقدرته المالية ، والبعض يلاحق نصف الراتب في مراكز البريد والصرافين فئة 250ريال المنتهية الصلاحية مثل توم وجيري ، ثم يعود بعد مشقة وتعب الى البيت ليأخذ قسطاً من الراحة ، وآخرين يذهبون الى النوم استعداً لصباح العيد السعيد.

ومن الجميل ان الاطفال والزهرات أكثر سعادة بهذه المناسبة العظيمة ، يتحممون ويتحولون الى قمارئ ويحرصون على ان تكون ملابس العيد بجوارهم ، وبعض الاطفال ينام مرتدياً ملابس العيد الجديدة من الفرحة الكبيرة ومستعد بكل شوق لاشراقة صباح العيد والانتقال من بيت الى آخر للحصول على عسب العيد وحلاوته ، ببرائة وسعادة لاتوصف.

عيد سعيد يعكس ملامح لوحة فنية فريدة ، ويجسد قمة السعادة والترابط الاسري والاجتماعي واحياء قيم المحبة والوفاء والتراحم والتكافل التي فقدها الكثير خلال العام بسبب مشاغل الحياة وهوى النفس والخلافات التي تعكس طبيعة الواقع .

عيد تتجلى فيه قمة الاحساس والشعور بالسعادة وجلسات الانس والمقيل والطرب التي تصدح بها بيوت ومجالس وطيرمانات صنعاء العالية وغيرها من المدن اليمنية التي تذوب طرباً ومرحاً بسماع صوت وألحان الفنان علي الانسي والكلمات المهيجة للقلوب والمشاعرالانسانية ، وما أغنية ياشاري البرق ، والبُن وغيرها الا عنوان للسعادة.

لقد دخلت تلك الاغنية الجميلة قلوب الناس ، رغم المعاناة والظروف المعيشية الصعبة والواقع السياسي والاجتماعي المرير بعد ان أصبح كل واحد مشغول بلقمة العيش ، ورغم تلك القسوة والظلم تظل ابتسامة العيد موجودة لدى الكثير من البيوت التي لم تركع للباطل أو تمشي في مسالك النفاق.

والحقيقة التي لاجدال فيها ان معظم البيوت العفيفة في صنعاء وغيرها من المدن والقرى اليمنية مع الاسف الشديد تعاني من شدة الفقر والجوع وبحاجة ماسة الى من يسعدها ويعطف عليها أو يعيد لها الابتسامة لتعيش كبقية خلق الله ، بعد أن قصرت الدولة كثيراً.

وفي ظل هذه المناسبة العيدية السعيدة ، يجب علينا معشر اليمنيين ان نعيش الفرحة بحلوها ومرها مهما كانت مصاعب الحياة حتى لا نضعف ولا ننكسر امام كل ظالم ومتلذذ بمعاناة وفقر الناس ونردد قول الشاعر عباس المطاع :

أضحك على الايام .. وأبرد من الأوهام ..وأمرح مع الأنغام وأفرح بهذا العيد..
سلم على أحبابك وأهلك وأصحابك .. وقل لمن عابك مبروك عليك العيد..
عدوك أضحك له .. وإن كان عديم قله ..
ومن حنق قله .. مش وقت يا أخي عيد .

أخيراً .. علينا ان نصنع السعادة مهما كانت التكلفة وان نعيش فرحة العيد قدر الامكان بعيداً عن معادلة الغناء والفقر والجوع والعطش والدحس والتجريح ..
علينا ان نتفقد الجيران المحتاجين والاسر والارحام قبل العيد وبعدالعيد وأن نعطف على الفقراء والمساكين قدر الامكان لاعادة الفرحة والروح الى قلوب الفقراء لان كل شيء زائل وجبر الخواطر طب القلوب لازالة الحقد والنقمة بين أفراد المجتمع ورسم البسمة على البسطاء تقرب الى الله تعالى ..
ومابقي من خلافات وحساسيات نخليه لبعد العيد..
كل عام وانتم بخير.

حول الموقع

سام برس