بقلم/ محمد العزيزي
قبل مغادرته آخر مرة للعاصمة صنعاء طلب مني رئيس تحرير صحيفة الثورة أنذاك الأستاذ فيصل مكرم أن أجري مع الأستاذ الكبير ورئيس تحرير صحيفة الثورة وصاحب عمود لحظة يا زمن الشهير محمد المساح كان ذلك أواخر عام ٢٠١٣ وعندما طلبت منه ذلك قال لي: تمام يا عزي نعمل اللقاء لكن عندما يشبعوا بطوننا أولا ..

وفي اليوم التالي غادر صنعاء ولم نلتقي بعدها حتى أتاني خبر وفاته رحمه الله ،عدا الاتصال الهاتفي الذي لم ينقطع بيننا خاصة عندما ألتقي الزميل العزيز صالح حسن القباطي برفقة الأستاذ أحمد الشاوش .

غادر صنعاء الأستاذ محمد المساح ذلك العملاق والكاتب الصحفى المعروف على مدى نصف قرن من الزمن كافح وناضل في بلاط صاحبة الجلالة طوال تلك الفترة ، وهو يعاتب وينتقد وينقل معاناة الشعب الذي يعاني العوز والجوع والفاقة والظلم وينشد العدالة ويكتب بصورة ساخرة وبكل الأساليب والطرق لإيصال رسالته إلى مسؤولي الدولة لعل وعسى ، وكذا أدبه وكتاباته الراقية والأدبية والفكرية التي داوم عليها طوال نصف قرن.

آخر اتصل كان بيننا قبل خمسة أشهر تقريبا "ألوووه أستاذ محمد المساح.. أيواه .. كيف حالك.. تمام .. من معي .. محمد العزيزي.. أهل بك يا غالي .. كيف حالك يا أستاذ ، ما تعمل .. أجاب العم محمد المساح : ارعي غنم وكسب .. وأتبعها بكرركره وضحك .. قلت له : والله يا أستاذ أنك قد أصبت العمل .. قال : بدل ما نفسر ونشغل أنفسنا بأوساخ السياسيين وتجار الحرب نواله أنفسنا ونغافلها برعي الغنم ..وبعد ذلك الحوار القصير كل منا ودع الاخر.

ظل الأستاذ الكبير محمد المساح ينشد حكومة صنعاء وعدن البحث عن ولده الذي اختفى قبل سنوات أو بالأصح منذ بداية الحرب الملعونة فلم يجيب عليه أحد ،وظل الأستاذ المساح يطالب كما يطالب موظفو الدولة صرف الرواتب حتى يتمكن من مواجهة شظف العيش والعناء بعد خدمة لهذا الوطن تفوق أعمار جميع المسؤولين في حكومتي صنعاء وعدن ومع ذلك لم يشفع له تاريخه الوطني والنضالي وخدمة الطويلة لحصل على ما يسد به رمقه قبل موته .

كان يتمنى أستاذنا رحمة الله عليه أن يغادر دنيانا الفانية وقد صلح حال اليمنيين وعاد اليمن السعيد إلى أحسن حال وذهبت عن الشعب العوز والخوف والحرب والأزمات وفتحت الطرق وعاد الناس يمارسون حياتهم الطبيعية كما كانوا .. إذا غادرنا الأستاذ الكبير محمد المساح ونحو لما صار إليه سائرون ..

رحمك الله أستاذنا الفاضل محمد المساح وأسكنك فسيح جناته وألهم أهلك وذويك ومحبيك الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

حول الموقع

سام برس