بقلم / عبدالكريم المدي
غنيٌّ عن البيان القول إن هناك مسؤليات وتحديات تنتظر الإخوة في المجلس السياسي الأعلى - اعانهم الله - تفرض عليهم التوجه للأمام بخُطى ثابتة ،لأن المرحلة التي تنتظرهم بالفعل ،صعبة والملفات المطروحة على طاولتهم تحتاج إلى التعامل برؤية عميقة ومعرفة بمكان الصعوبة والمشكلة ، على إعتبار إن معرفة المشكلة والإحساس بها بداية لحلها.

فهذا المجلس في حقيقة الأمر ومن خلفه القوى الوطنية التي توافقت على تشكيله ممثلة بالمؤتمر وحلفائه وأنصار الله وحلفائهم يُمثّل طوقة نجاة وأمل لمعظم اليمنيين بعد الله، والعين التي سينظرون من خلالها للعالم والصوت الذي سيعبر عنهم لدى الآخر .

ولا يعني كلامي هذا إن المجلس سيكون العصا السحرية التي ستحل كل المشاكل وتحول مستوى معيشتنا إلى المستوى الذي يعيشه مواطنوا الدول الإسكندنافية،ولا يعني كلامي - أيضا - بأنه سيقطع الطريق أمام الحوار المرعي أممي مع الفرقاء المحليين والخصوم الاقليميين،لكنه اتى كحالة إنقاذ،و ضرورة، أوكما قال الشاعر إذا لم يكن إلّا الأسنّةُ مركباً ## فما حيلةُ المضطر إلّا رُكوبها ).

أقول : المجلس السياسي الأعلى بحاجة إلى التحلي بالمسؤلية الكاملة وأهمها حُسن إختيار القيادات التي ستُدير مؤسسات الدولة في هذه المرحلة الأخطر، التي يجب معها أن يكون الاختيار مبنيٌّ على عدّة شروط ، منها الكفاءة والنزاهته والخبرة والمقدرة على اقناع العالم أيضا، اضافة للمؤهلات العلمية، خاصة وإن الناس طوال عام ونصف العام تقريبا قد غرقوا في بحور من الاحباط والتشاؤم ، بعد الذي شاهدوه وعاشوه من تعامل محير وطريقة غريبة في التعامل مع الوظيفة العامة للدولة ومؤسساتها التي كثر الاستهتار بها ، وقِلة اللامبالاة حيالها، إلى جانب التغييب الكامل للقوانيين واللوائح والأنظمة ومعايير التعيينات التي خضع أكثرمن (99%) منها فقط لدرجة القرب والولاء من تيار معين ،بغض النظر عن أي شيء آخرأو قيد قانوني نافذ.

دعونا من هذا ولنتحدث الآن عن المستقبل، ومن المعلوم أن مستقبل وطن وحياة شعب يجب أن لا يُلعب بهما بتلك الطريقة التي شاهدناها ، خاصة ونحن أمام عدوان يمتلك أحدث وأقوى الأسلحة والإمبراطوريات الإعلامية، اضافة للمال الوفير ما يفرض علينا التعاطي معه بوعي وإخلاص تام لعدالة قضيتنا.

والإخوة في المجلس السياسي - لا شك - هم المعنيون بالدرجة الأولى ويدركون هذه الحقائق وحجم التحديات وما الذي تُريده المرحلة من شخصيات تتسم بالكفاءة والشجاعة من جهة، ومخاطبة العالم من جهة ثانية ،وننصحهم في هذا السياق بالمزج بين الكفاءات العلمية وأصحاب الخبرات والوجوه الجديدة التي تتمتع بالإخلاص والحيوية التي تُمكنها من التحرُّك والعطاء المأمول.

أماالتعامل السطحي مع الوضع فلا يعني إلا حاجة واحدة، هي الفشل وغرق الجميع في طوفان الفوضى وعاصفة العدوان وربما أن هذه نتيجة طبيعة لعدم الشعور بالمسؤلية ومواجهة الحقائق بجدية وشيء من الشفافية والوضوح.

المهم ،الزعيم علي عبدالله صالح أوضح في منشور في الفيسبوك ،بعد التوقيع على تشكيل المجلس ، أكد فيه إن المرحلة ليست سهلة والقضية لن تكون تشريف بقدرما هي تكليف، وليست مغنم بقدرما هي مغرم، وسيتم اختيار الكفاءات والقادرين على مواجهة المرحلة ، وحول هذا المبدأ والتوجه ،ربما إن السيد عبدالملك الحوثي يتفق مع الزعيم صالح فيما ذهب إليه، بدليل إنه دعا، في خطابه الأخير ،أولئك الذين لم يعجبهم الاتفاق بين القطبين، لأن يختاروا لهم أقرب صخرة ومن ثم يضربون برؤسهم عليها .

إذن المجلس السياسي ومن خلال هذاين الموقفين يبدو أنه مدعوم بقوة من قِبل الفاعلين والقائدين الرئيسيين .

ومن المفيد أن انقل هنا بعضا مما قاله لي مؤخرا الوزير/ هشام شرف - وهو بالطبع ،صاحب كفاءة ورصيد في العمل الإداري والاقتصادي ،إلى جانب إمتلاكه لعلاقات دولية متميزة وواسعة، سواء مع المنظمات الدولية، أو مع الدبلوماسيين حول العالم، قال ياعزيزي عبدالكريم القيمة الكبرى والنجاح الحقيقي لأي سلطة أو نظام في العالم يُقاسان بمدى القدرة على مخاطبة وإقناع الآخر والتعامل معه من جهة، وكسب ثقة الناس وتلبية الحد الأدنى من متطلباتهم مع إحترام القانون وتثبيت الأمن على كامل الجغرافيا التي تحكمها من جهة ثانية)،خاصة - كما قال - وأن حياتنا قد ضجت بالصراعات والفواصل والشجارات الصاخبة التي لن تنتهي من دون أن نعمل على إيجاد حالة إجماع وطني، ورؤية عملية ،علمية قابلة للتنفيذ ومستندة لتراكم من الخبرات والتجدُّد الإيجابي .

كلام أحسبه بالفعل، مهم طرحه المهندس شرف، ولعله اختزل به الكثير مما يجب أن يطرح ويستحق وضعه كمستهلّ لهذه المرحلة التي تستدعي أن يكون فيها الجميع بحجم التحدي،كما يستحق - أيضا- أن يستفيد منه الإخوة الأعزاء في المجلس السياسي ووضعه مدخلاً لبرنامج العمل المطلوب.

و للعلم أنني أنقل هذا الكلام من دون أن أستأذنه أولا،وثانيا:لا أطرحه من باب التلميع،وإنما من باب تعميم الفائدة، سيما وأن صاحبه يُعدُّ من الشخصيات التي تمتلك خبرة وتحمل درجات علمية في المجال الاقتصادي والتنموي والعلاقات الخارجية المتعددة مع المنظمات الدولية رسمية وأهلية إلى جانب ميزة اللغة ،كونه يتحدث الأنجليزية بطلاقة ،ومعها لغات أخرى ساعدته في بناء تلك العلاقات وخلق تواصل بنّاء مع العالم الخارجي افاد ويفيد بهما الوطن،وأعترف هنا إنه يزودني دائما بكثير من المعلومات والتقارير التي يترجمهامن الأنجليزية وغيرها.

حول الموقع

سام برس