سام برس
كتب / عبالكريم المدي

عندما علمتُ بأن طيران العدوان السعودي قام الأحد بقصف مزرعة ومنزل الشيخ المرحوم مجاهد أبوشوارب في منطقة الجر - محافظة حجة بقنابل عنقودية، عدتُ من فوري للصديق العزيز الشيخ / المناضل /كهلان أبوشوارب، كواجب الأخوة وداعي الإطمئنان.

حاولتُ أن أعرف منه نتائج القصف وما الذي خلّفه على المستويين المادي والبشري، ورغم أنني خبرتُ وعرفتُ هذا الرجل جيدا من قبل، إلا أنه اليوم اضاف لي جديدا من عنفوان وبذل وعطاء الكبار في سبيل ما هو أغلى وأقدس من النفس والمال، إنه كرامة ( الوطن).

  قال لي : (نأسف للخسائر البشرية من العمال والمزارعين الذين غالبا ما يكونوا هم الضحايا لمثل هكذا بربرية وتوحُّش وحقد ،فقد أستشهد أحد المزارعين في مزرعتنا وجُرح ثلاثة، فيما جُرِح وأستشهد آخرون في مزارع تم استهدافها في المنطقة .. رحمة الله تغشى جميع الشهداء وألبس الجرحى ثوب العافية ،ومواساتنا لأهاليهم..

أنا بخصوصُّ الخسائر المادية ،فقد أكد لي بأن البيت تضرر،كما إحرقت عدد من أشجار المانجو والنخيل وغيرها) .

درس جديد من دروس الوطنية وموقف آخر من مواقف الوفاء للأرض والإنسان، أسمعهما اليوم من الشيخ كهلان ،الذي كثيرا ما جلستُ معه واستمعت له من بداية العدوان وتشاركنا معا لحظات وساعات القصف الذي تعرضت له صنعاء وغيرها، ولم أجده يهتزّ حتى في مرة واحدة أو يُشعر الآخرين بالتوجس والقلق، بل العكس ، دائما ما يقول لسنا ولا ممتلكاتنا أغلى من الآخرين الذين يستهدفون ويستشهدون في المدن والجبهات .

وأذكرُ هنا بأنني ،وتحديدا بعد أول قصف أستهدف أحد بيوت الشيخ المرحوم مجاهد أبوشوارب، اردت الوقوف على رأي العزيز كهلان ،ودُهشتُ يومها بصلابته وقدرته على تخطي أي حدث من هذا ومواجهة الحقائق والتحديات بطاقة جديدة ومقدرة عجيبة ..

 وكثيرا ما مثّلت تلك الأحداث مواضيعا للنقاش في جلساتنا المتعددة قادتنا عدة مرات للعودة بالذاكرة قليلا إلى الوراء، ومن خلالها كان يُحدّثني بدون أي إدعاء أو تفاخر، والحقيقة أنه كان وما يزال لا يريد الاستعراض  بها أو إخبار الآخرين شيئا عنها ،خاصة ما يتعلق بمساعيه وجهوده التي كان يقوم بها من أجل السلام وتقريب وجهات النظر لمافيه المصلحة العامة خلال السنوات الماضية مع العلم أن كثيرا من ذلك كان يؤديه  وسط ظروف استثنائية ،قد تُعرض حياته للخطر ومع هذا لم يُثنه أي شيء عن مهمته وهمّه الذي يحمله.

وللانصاف فإن من أهم مميزاته الرصانة والقراءة المتأنية والواعية للأحداث اضافة إلى سعة الصدر والتصميم في إنجاز ما يراه
 صائبا ويؤمن به، وهذا ما يجعلك تحس معه أن الاحباط والخيبة لا يجدان طريقا إلى نفسه .

وأعتقدُ أن تجربته هذه تحتاج إلى مناسبة ومناقشة أخرى، إن سمح لي هو بذلك وهذا في تصوري أمر مهم كونه يتعلق بتاريخ وأحداث كانت سببا في وقوع الكثير من هذه التداعيات.

وبالعودة إلى قصف مزرعة وبيت الشيخ /مجاهد مؤخرا، قلتُ للعزيز/ الشاهق كهلان : سلامات شيخنا ،قال الحمد لله أخي الكريم ،لا مشكلة قد تعودنا،وهذا يأتي في سياق إستهداف ممنهج لن يرهبوا به الوطنيين وقد صار واضحا إنهم يحاولون تدمير الحجروالبشر،وهناك تقريبا ثلاث مزارع أخرى غير مزرعتنا قُصِفت بنفس اليوم  .

ومن المفيد أن أذكر عبارة تحمل دلالة قالها لي  هذه الممارسات وغيرها لا يمكن لها أن تطوينا تحت جناحهم ،فنحن نحمل من العزة والكرامة ما يكفينا ويُحصّنا من هذا الترهيب فشرفنا وولاؤنا الوطني ليسا للبيع).

وأقرُّ بأن هذا الكلام الكبير قد اثار لديّ تساؤل : ما هي القيمة والنموذج اللذين يقدمهما العدوان لليمنيين والعالم من خلال الاستهداف الممنهج والمتكرر للمزارع والمصانع وبيوت اليمنيين ،خاصة وقد سبق وأن جاء قصف بيت العميد المرحوم مجاهد أبوشوارب في حاشد بنتائج عكسية ،حيثُ تداعت يومها قبائل خارف وحاشد وعمران وغيرها وعقدت لقاء قبليا موسعا في المنطقة ،ادانت فيه استهداف بيت الشيخ مجاهد الذي يُمثل لدى الجميع رمزية ومكانة كبيرة يحظى بها إلى اليوم هو وأولاده الأكارم وفي مقدمتهم الشيخ كهلان ويحيى وجبران ومحمد، فالشيخ كهلان، مثلا، تنظرله الغالبية كشخصية قبلية ووطنية محورية تتمتع بكل المقومات،سواء على مستوى الروح القيادية والملكات،أو على مستوى الإرث الاجتماعي والسياسي والنضالي .

عذرا اضيف :

 قد لا أذيع سرا إذاما قلت بكل شفافية  بأن الشيخ كهلان وكمبدأ ثابت  أكد لي على ضرورة وقف الحرب بشكل كامل وشامل وجنوح الجميع للسلام والحوارالبناء الذي يفضي لاتفاق وطني وشراكة .لأن الوطن وأبناءه قد ارهقتهم الحرب والعدوان خاصة - كما قال - أنه كلما أستمرالعدوان وطال أمدالحرب كلما تعقدت الأوضاع أكثر وبعدنا عن الحل ..
ختاما
لابد لي من توضيح حقيقة أن الصديق الأعز الشيخ كهلان ، رفض تماما الإدلاء لوسائل الإعلام بتصريح خاص بجريمة استهداف البيت والمزرعة في حجة،وإشارتي للحديث الذي دار بيننا اليوم ،كان في الواقع ودي وشخصي،ولكنني حرصتُ أن أذكر بعضا مما دار بيننا فيه للفائدة ولتكريس قيم مهمة في مجتمعنا وفي هذا الوقت تحديدا.

الخلود للشهداء ، الشفاء للجرحى ، المجد للوطن،التحية للشيخ كهلان ولكل الشرفاء الذين دفعوا ضريبة الانتماء للوطن بفقد العديد من أحبائهم ومصالحهم وأموالهم ومساكنهم وغيرها.

حول الموقع

سام برس