نجيب علي العصار
أكد سقوط المؤامرة بالثبات السوري والفيتو الصيني الروسي .. المفكر عبدالجبار سعد لـ الوحدة: المشهد الراهن قاتم والدولة بــــدأت تفقد هيبتها

حاوره/نجيب علي العصار

بين جدليات الدين والسياسة والمحن التي حلت بالأمة العربية وخاصة الحالة اليمنية، يرى المفكر عبدالجبار سعد ، أن التوازن الدولي الذي حدث على الساحة، اسقط المؤامرة لضرب سوريا، وعزا ذلك إلى الثبات السوري والفيتو الروسي والصيني. وإذ يقدم تحليلا يتسم بالكثافة والعمق والجدل ويفتح الباب واسعاً للاختلاف والإتفاق، قال أن مايسمى بالربيع العربي لايندرج تحت مسمى الحرية والديمقراطية إنما هو دعوات لتدمير كل شيء، وتحقيق للمصالح الغربية والأميركية التي جعلت الهيمنة للقوى الدينية في بلدان الربيع العربي.


وتطرق عبدالجبار سعد في هذا الحوار إلى مفهوم الثورة في التاريخ الإسلامي وماهي خطوط التماس بين الثورة ومفاهيم الخروج المعارضة ، وكذا عن الثورة الحقيقية التي نحتاجها في اليمن وكيف ينظر إلى مخرجات الحوار الوطني ، وعن الأحزاب الدينية التي يرى أنها لاتزيد الاوطان إلا خسارا فإلى نص الحوار..


> ما قراءتك للمشهد السياسي الراهن؟


>> المشهد اليمني الراهن تتحكم به قوى انقلابية فتحت لنا باباً واسعاً من أبواب الضياع والشتات والانفلات الأمني، وتدعي هذه القوى ولا تزال بأنها فعلت خيراً لهذه البلاد، وكما تعلم بدأ اجتثاث شبه مباشر للجيش بكل الحجج السخيفة والإجرامية، ويقوم به المسؤولون في الدولة من القوى التي فشلت في تحقيق أغراضها في الانقلاب، وبدأت الآن محاولة تحقيق هيمنتها فمثلا من خلال أحداث حضرموت، كل مافي الأمر أنهم قالوا للحرس الجمهوري الذي كان متواجداً هناك بأنهم سيقومون بتبديل الأسلحة، سلموا أسلحتهم وعلى طول هجمت القاعدة، فهل هذا التآمر يرضي أحداً، وكما تعرف كان يقال هذا الحرس العائلي، واليوم ذهبت العائلة وذهب علي صالح وذهب كل شيء، وإذا كانت المسألة عداء لذاته - الحرس الجمهوري - فهؤلاء الناس هم اخواننا وأبناؤنا يمكن أن يستغنوا عنهم ويسرحوهم بطريقة قانونية، لكن بهذه الطريقة يذبحون ذبح النعاج وبدون رحمة وبدم بارد فهذا حرام، وهذا ما يحدث كل يوم لضباطنا ولأفرادنا، وإلى هذه الدرجة وصلت بهم الحماقات، ولا ندري أين الدولة وأين الرئيس ورئيس الحكومة..


فالمشهد الراهن قاتم وهذه ليست قراءتي بل قراءة الناس جميعهم، نحن دخلنا مرحلة خطيرة على بلادنا وعلى حكومتنا وعلى شعبنا، وما من أحد تقريباً يرضى عما يدور في هذه البلاد، خاصة حينما بدأت الدولة تفقد هيبتها، وإذا فقدت الدولة هيبتها فقد الحاكم هيبته، ويترتب على ذلك أن يفقد الناس الطمأنينة والأمان على أعراضهم وأموالهم وعلى معايشهم وعلى أنفسهم، وبالتالي يبدأون البحث عن التغيير أو يعودون إلى الحنين إلى ما كان.


فالمشهد كما قلت لك قاتم إضافة إلى تردي الخدمات كالكهرباء والانفلات الأمني ونسأل الله أن يجعل لنا مخرجا، ناهيك عما يتسرب من أخبار عن تمديد وكأننا نحن اليمنيين في فراديس الجنان..


> وصل مؤتمر الحوار الوطني إلى محطته الأخيرة.. كيف تنظر إلى نتائج الحوار؟ وهل يمكن اعتبارها خاتمة للثورة اليمنية؟


>> من وجهة نظري أنا لا أرى ذلك، سمعت الرئيس هادي يقول بأن نتائج الحوار ومخرجاته ستكون نهاية للماضي، لكن الذي أراه أن القضايا الأساسية للناس، والذين هم مختلفون عليها لم تحسم، كموضوع الوحدة الذي كان ينبغي أن يكون الحوار تحت سقفه، فقد اتضح أن الذين دخلوا الحوار من جانب كانوا مجمعين ألا يخرجوا إلا بانفصال أو فك ارتباط ناهيك عن أن الإصلاح يعظم ويكبر بعض القضايا الصغيرة الخلافية، إضافة إلى انسحاب الدكتور عبدالكريم الإرياني والدكتور أحمد الأصبحي ممثلي المؤتمر الشعبي العام وعللا ذلك بالخروج عن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية خاصة في ما يتعلق بالعزل السياسي..وذلك مخالف للمبادرة الخليجية


وعموماً وبطبيعة الحال لم يعد المتحاورون في هذا المؤتمر هم الذين يسيرون أعماله، هناك قوى خفية وهذه القوى لا ندري إلى أين ستذهب بنا، وبالذات الأستاذ جمال بنعمر، الذي يبدو من الوهلة الأولى أنه متخندق مع طرف من أطراف الأزمة..


> في تقديرك وتصورك، ما الثورة الحقيقية التي نحتاجها في اليمن، والتي من شأنها تحقيق الانتصار على هذا الوضع والواقع المعقد؟


>> الثورة الحقيقية التي نحتاجها هي ثورة أخلاقية وإيمانية، ونحن لو كنا كما أراد الله لنا «بلدة طيبة ورب غفور»، وكما أراد لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، «الإيمان يمان والحكمة يمانية»، وابتعدنا عن الأهواء السياسية والأهواء المختلفة، ونشأنا النشأة التي أراد الله أن نكون أمة وسطا لخرجنا من كل هذه الأزمات، لكن يبدو أن الأحزاب وطبعاً هذا موقفي أنا، ـ وأصبحت أزداد يقيناً أن الأحزاب الدينية ـ لا تزيد أي وطن إلا خسارا وإلا ضياعا وإلا انفلاتا، لأن الناس عندهم «قرود» وإذا أوصلوهم إلى درجة البشرية، فهم إما كفرة أو فسقة أو ملحدون أو غيرها، وللأسف الآن أصبحت الهيمنة للقوى الدينية وبدعم من أميركا والقوى الغربية في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير واقتناع تلك القوى بأن يسلموا الوضع للقوى الإسلامية ( مجازا)، ولا أدري ما الذي سيكون عليه الحال خاصة بعد سقوط مصر من أيديهم، وما يحدث في تونس ناهيك عن الحالة اليمنية وكما عبر بعض الاخوان في اللقاء المشترك نفسه الأخ محمد المقالح مثلا ، بأن الناس يعدون أنفسهم للانقضاض على القوى الدينية، خاصة عندما ترى الذبح الذي تعرض له المسلمون وبأي ذنب تقتل هذه الأنفس، فالذين قتلوا في السبعين سمعت المحاكمات الأخيرة للخلية التي قامت بالتآمر على قتل هؤلاء الناس، يحكم عليهم بالسجن ما بين سنتين إلى عشر سنوات ونحن نعرف أن سيدنا عمر بن الخطاب قال في مناسبة كهذه: «لو تمالأ أهل صنعاء على قتل رجل واحد لقتلتهم جميعاً».. قال لو تمالوا وليس لو قتلوا بل لو تواطأوا، وهؤلاء المحكوم عليهم هم أناس شاركوا في الجريمة وحدهم الإعدام بدون كلام..


> كمفكر عاش مستغرقاً في أحواض التراث.. كيف ترى مفهوم الثورة في التاريخ الإسلامي.. وما هي خطوط التماس بين الثورة ومفاهيم الخروج والمعارضة؟


>> في الواقع نحن كيمنيين وكدولة اعتبرت أن المصدر الأساسي والوحيد للتشريع هو الإسلام، بمعنى أننا لا نؤمن بمفهوم ثورة وإنما أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، فالدين عندنا النصيحة قالوا لمن يا رسول الله، قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم.. وحكاية ثورة هذه عرفناها من خلال الخوارج، والخوارج كما وصفهم سيد الخلق بأنهم كلاب النار، وبأنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، ومن قاتلهم بيده فهو مؤمن، ومن قاتلهم بلسانه فهو مؤمن، ومن أنكر عليهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان ، قاتلهم الخلفاء الراشدون، وقاتلهم الخلفاء من بعدهم، بمعنى أن حكاية التغيير من خلال الثورة، أنا شخصياً لا أقرها إلا أن نرى كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان أماعداهذا فهو خروج وفتنة ، وربما أعظم برهان على فساد هذه التوجهات الثورية ما يحدث الآن في ما يسمى بدول الربيع العربي، سقطت الغشاوةعن الناس أجمعين، فالناس الذين كانوا يعلموننا بعدم جواز خروج المؤمنين على الحاكم إلا في حالة واحدة وهي الكفر البواح رأينا كيف خرجوا لأتفه الأغراض وهم يوقنون بأن الأوضاع لم تصل إلى أي درجة من الكفر، وهذا القول ينطبق على كل البلاد بما في ذلك تونس التي كان فيها بعض من مظاهر من التضييق على المسلمين لكنه لم يصل إلى الكفر البواح ، وعموماً ما كان ينبغي أن تعالج الأمور بهذا الشكل، لكنهم حينها لم يقتنعوا لأن أميركا والغرب كانوا معهم، والآن فقد بدأت تهتز مفاهيمهم، فمثلاً القرضاوي الذي كان يدعو الناس إلى الثورة على أولياء الأمر، الآن يطالبهم بالالتزام بشرعية الحاكم وعدم الخروج عليه، وأبدى هذا الفعل تناقضهم مع أنفسهم، وبالله عليك هل من المنطق أن الناس يحاربون شعوبهم ودولهم، بينما المقدسات الإسلامية في فلسطين أولى القبلتين وثالث الحرمين مستعمرة من قبل الصهاينة، فهذا الكلام لا يقبله عقل..


> بعد تسليم السلطة من الرئيس السابق صالح إلى الرئيس هادي.. هل نستطيع القول أن اليمن دخلت مرحلة التداول السلمي للسلطة، أم ماتزال بعيدة عن تحقيق هذا الهدف وأن تاريخ الصراع على السلطة مايزال ساري المفعول؟


>> كنا نأمل هذا أو في الواقع، وأنا شخصياً لديّ قناعة كاملة بأن انتخابات 2006م، كانت انتخابات حقيقية في إطار التداول السلمي للسلطة بشهادة الخصوم والأعداء، لكن هناك من تعجل الأمر وأخرجنا إلى هذه الحالة عن سبق اصرار بعون أميركا والغرب، ورئيسنا هادي وعد بأنه بعد سنتين من استلامه للسلطة سيكون في موضع علي عبدالله صالح وسيسلم السلطة، لكن في الواقع الآن تتسرب أخبار عن رغبة في التمديد للرئيس هادي..


> التمديد سيكون كمرحلة تأسيسية لتنفيذ مخرجات الحوار؟


>> مثل هذا الحديث لن يقبله أحد، وسيفتح الباب واسعاً أمام صراعات دموية لا أول لها ولا آخر، وربما بشائر هذا الصراع ما نراه الآن، وهذا الانفلات يبدو كأنه تهيئة لهذا الوضع، ناهيك عن الكلام عن الحكم العائلي الذي كان أمراً ما كان ينبغي أن يسمعه أحد في مرحلة التوفيق والتوافق هذه من رئيس أو غيره


> هل تقصد خطابه بمناسبة العيد الـ«51» لثورة سبتمبر؟


>> بالطبع.. وكذلك رسالة وزير الدفاع التي تحدث فيها عن الثورة الشبابية، ومثل هذا الكلام نحن ندرك بأنه ليس حقيقة وإنما ربما للمناكفة ويدفع بها من لا يقدرون المسئولية وحساسية الظرف تحت مظلة غيرهم ، مثل هذه الأحاديث تذكرنا بما قاله اللواء علي محسن الأحمر بأنه كان على تواصل أيام الثورة مع عبدربه منصور هادي، هذا الكلام قاله وسكت الناس عنه، مما أعطى اتهاماً مباشراً بأن عبدربه منصور هادي كان مشاركاً من وراء الستار في التآمر على قلب نظام الحكم، وقبل أيام قرأت مقابلة للسكرتير الصحفي للرئيس صالح يقول فيها أنه كان يعلم وكأنه يتهمه أيضاً بالمشاركة ثم يسكت مع أن هذه يجب ان يرد عليها الناطقون الرسميون باسم الرئيس حتى لا تحدث بلبلة ، وهنا طبعاً نحن مع الشرعية من حيث المبدأ، نحن مع الشرعية وضد الانقلاب، كنا وسنظل ونحن الآن على هذا الحال، لكن عندما ستبدأ مثل هذه المواقف تضاف للتوجهات الأخيرة للرئيس نشعر بأن هناك خيانة للشرعية من البعض ، والخيانة لا تعطي للإنسان حق ولاية المسلمين..


> الرجل نائب رئيس المؤتمر وأمينه العام هل يعقل هذا؟


>> ولهذا السبب نحن نقول هذا الكلام، ونقوله عندما تأتي الأولى والثانية والثالثة، وهناك صمت مطبق، لأن علماء الأصول، أصول المنطق والفقه ويعتبرون، السكوت في معرض الحاجة إلى بيان رضا، بمعنى أن أقول أمامك فلان كان معي عندما قمنا بالهجوم على بيت فلان، وهو يسكت، يعني هذا كأنه أقررني على ما قلت..


> في بداية حديثك قلت إن ما حدث في اليمن هو انقلاب وهذه وجهة نظرك، بينما هناك من يرى بأنها ثورة؟


>> من حيث التسميات سمها ما شئت، لكن الذي أعرفه أن الذي حدث في عامي 2008،2009م، دخل حميد الأحمر إلى السفارة الأميركية في صنعاء عارضاً عليهم مخططه للانقلاب على نظام الحكم، وحدده بمطلع العام 2011م وهذا ما أكده ونشره موقع ويكيليكس، وليس إعلام الرئيس صالح، ومن ثم رددته قناة الجزيرة والأخبار اللبنانية يعني ذلك أن تفاصيل المؤامرة كانت موجودة، ومن خلالها عرفنا بأن التآمر قد بدأ مبكراً وأن حروب صعدة كانت استنزافاً لعلي عبدالله صالح لإضعافه، ومن ثم تلتها أحداث الحراك الجنوبي، إلى أن توالت أحداث ما سمي بالربيع العربي الذي أعطى المبرر لما حدث، ونحن نعرف قبل أيام من حكاية الربيع العربي، وقبل الثورة التي يسمونها كان المشترك يحاول أن يخرج بمظاهرات لا يتجمع فيها المئات واعتصموا أمام مجلس النواب، لكن لم يلتفت إليهم أحد، وحينما خرج الناس فعلاً للمطالبة بالتغيير وكان بالإمكان إحداث هذا التغيير، لكنهم - الأحزاب - رفضوا كل المشاريع التي قبلوا مثلها في الأخير لتقاسم السلطة..


> هل ترى مثل هذه الخطوة بأنها التفاف على مطالب الشباب الذين خرجوا من أجلها للمناداة بالتغيير؟


>> طبعاً سرقت آمال وطموحات الشباب وتم استخدامهم بشكل رخيص ووضيع حتى ضاعت آمالهم وتطلعاتهم في التغيير، وهي آمال الأمة كلها..وكان يمكن التوافق بين الجميع على الخير لولا المصالح الأنانية الضيقة .


> في إطار رؤيتك الثاقبة والراصدة لما يجري على الساحة العربية.. ما الذي يحدث في سوريا؟ ومن هم اللاعبون الرئيسيون وما هي مشروعاتهم على الساحة الآن؟


>> أولاً أعتذر عما وصفتني بها من ألقاب ووصفت فكري بالثاقب في مقدمة سؤالك..


> هذا تواضع منك..


>> عموماً ما يحدث في سوريا هو جزء من مؤامرة شاملة تستهدف الأمة العربية، لكن الشيء الذي لم يلحظه الناس وتناسوه أن الهدف الأساسي من مشروع الشرق الأوسط الكبير هو قوى الأمة الفاعلة الثلاث، العراق وسوريا ومصر، وبدرجة أساسية العراق لأنها لم تدخل في البيعة التي حصلت مع الكيان الصهيوني وتمثلت بالسلام وغيرها، وبالطبع العراق انتهت وكانت الأولى قبل أن يأتي الربيع العربي،وبالنسبة لسوريا كان ينبغي ان تكون الثانية لأن يديعوت أحرونوت وهي صحيفة اسرائيلية نشرت مخطط بندر فلتمان السفير في بيروت، وكل التفاصيل التي رأيناها على الواقع كانت موجودة، لكن للأسف حدث ما حدث في تونس بشكل تلقائي ثم مصر ثم ليبيا وكذلك اليمن، وكانت سوريا ربما متأخرة كثيراً، لكن ما حدث هو نفس المخطط، وطبعاً سوريا كانت المستهدفة باعتبارها قلعة المقاومة أولاً واحتضنت كل فصائلها وأمدتها بالمال والسلاح رغم إمكانياتها الضعيفة، وكذلك لأنها أمدت حزب الله وأحدثت الهزيمة الكبرى لإسرائيل في 2006م وقبلها في العام 2000م وتحرير الجنوب اللبناني، ولأنها فعلت كل هذه الأفاعيل فكانت مستهدفة، وكان لا بد للقوى الصليبية الصهيونية وكذلك الأعراب في منطقة العرب بامكانياتهم أن يقضوا على شيء اسمه قضية فلسطين بكل الطرق، لأن المخطط بعد انهاء قوى المقاومة للأمة العربية، يقضي بالتوسع في سيناء والأردن وتوطين اللاجئين، لكن يبدو أن المقاومة العراقية والثبات الذي أبدته أفشل المشروع الكبير، ثم المقاومة السورية في الواقع، هي مقاومة النظام للمؤامرة وحدوث تبدل في موازين القوى العالمية أتاح لروسيا والصين أن تعيدا التوازن وكان كل رهانات المتآمرين نفس السيناريو مجموعة من الناس تخرج إلى الشوارع، وقوى معينة تقوم بإطلاق النار، ويسقط ضحايا ومن ثم اتهام النظام وتحال القضية إلى مجلس الأمن لاتخاذ قرار تحت البند السابع، ويقومون بالتدخل العسكري وتسقط الأوضاع تحت يد القوى التي يريدونها، لكن الأمور وصلت إلى مجلس الأمن وبدأ التوازن الدولي يلعب في الساحة الدولية، وبالتالي اسقطت هذه المؤامرة بالثبات السوري والفيتو الروسي والصيني ، وتيقن للناس بعد التجارب بأن مايرددون من دعوات تحت مسمى الحرية والديمقراطية، إنما هو دعوات لتدمير كل شيء.. ونسأل الله لسوريا النصر..


> التقارب الأميركي - الإيراني - على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.. هل سيكون له أثر إيجابي على سوريا؟


>> بالطبع وعبر عن هذا التقارب الرئيس الأسد بأن هذا التقارب سينعكس إيجاباً على القضية السورية بل وعلى قضايا المنطقة برمتها، وإذا استمر هذا التنسيق ستدخل إيران كلاعب أساسي في المنطقة، وبالتالي كافة المناطق المتوترة فيها الصراعات من سوريا إلى لبنان إلى البحرين لا بد أن تحل وبدرجة أساسية سوريا لأنها هي المحك..


> أعلن مفتشو الأمم المتحدة انتهاء مهمتهم في دمشق ويأمل صدور تقرير شامل نهاية أكتوبر.. ما توقعاتك؟


>> لا أستطيع أن أتوقع شيئاً، لكن ستظل الحقيقة الثابتة التي أعرفها ويعرفها الجميع ممن يتابع أن الدولة السورية لم تستخدم الغاز، وإنما هذه اللعبة كانت آخر ما بأيدي المعارضة والقوى التي من ورائها الأعراب وتركيا ومن دول الغرب للتدخل، طبعاً هذه موثقة لدى الروس وقد أعلنوا أن لديهم وثائق بأن المعارضة السورية هي التي استخدمت الغاز، إنما الفعل الأعرابي والفعل النفطي والفعل الغربي في التأثير على كل البعثات المراقبة من البعثة العربية إلى صاحبنا كوفي عنان وإلى ما بعد وحتى الآن هناك محاولات لفرض نتائج يرغب بها الغرب، لكن مع دخول الروس والصين وغيرهما.. أعتقد أن محاولاتهم حتى لو طلعت التقارير بما يريدونه من كذب وافتراء وتزييف للحقائق فلن يحققوا مرادهم..


> ما حدث في العراق وليبيا ويراد حدوثه الآن في سوريا، ألا ترى بأنه تكرار لما حدث قبل قرن من الزمن أيام الثورة العربية الكبرى ضد الحكم العثماني؟


>> هذا هو الحق وكل الناس مجمعون سواءً أكانوا محللين أو سياسيين يرون أن سايكس بيكو جديدة، وأن نفس السيناريو يعود إلى المنطقة ولكن بطريقة أبشع من ذي قبل، تجزيء المجزأ وتقسيم المقسم، فإذا كانت الدول العربية 22 دولة قد تصبح الآن خمسين أو ستين دولة عربية، وآخر ما نشرته إحدى الصحف الأميركية توقعات بأن خمس دول ستتحول إلى أربعة عشرة دولة، هذا ما قرأته خلال الأسبوع الماضي..


وفعلاً ما ذكرته هو الحق ومثلما استخدموا الشريف حسين الهاشمي والعرب في السابق للقضاء على الدولة العثمانية التي كانت آخر مظاهر القوة الإسلامية، وكما استغلوا العرب لضربها ومن ثم تقاسموا تركة الرجل المريض والتفوا على كل الوعود التي التزموا بها للخلافة العربية الإسلامية، ما يفعلونه الآن نفس الشيء كوعودهم للإخوان المسلمين، وهكذا قال هيكل الإخوان المسلمون يعتقدون أن أمريكا ستسلمهم السلطة في البلدان العربية محبة بهم، وهي إنما سلمتهم من أجل إيجاد فتنة في الوطن العربي ناهيك عن تحقيق مصالحها..


> في الأفق الآن، مشاريع دولية لعدد من بلدان المنطقة تقوم على إعادة تركيبها بأطر دستورية وديمقراطية.. ما تحليلك لما يجري؟


>> أريد أولاً أن أوضح لك أنه من المفارقات العجيبة اتفاقية سايكس بيكو، هذه الاتفاقية لم يكن يعلم بها أحد، كانت روسيا مشاركة في هذا الاتفاق على أساس تقسيم تركة الرجل المريض بطريقة أبشع، لكن قيام الثورة البلشفية وانكشاف الوثائق من خلال الكرملين وإخراج الوثائق عدل قليلاً في هذا المسار وأصبح المتقاسمون أقل.. الآن نفس الشيء يحدث، هم خططوا على اعتبار أنهم في فترة القطب الواحد، خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وبدأت القوى الغربية والأميركية تشعر بالطمأنينة وبالذات أميركا باعتبارها القطب الأوحد، وبالتالي بدأت تخطط على رواق وطبعاً من ورائها الكيان الصهيوني، وأتى الدور الروسي لخبط وخلط الأوراق عليهم وبدت كل المشاريع أنها لن تتم بالطريقة التي يريدونها وربما تتم بطريقة أخرى، وأتوقع أن تحدث تغييرات كونية عالمية تعيد النظر في هذا المسار، وإن شاء الله تكون لصالح العرب والمسلمين..


> هل ترى الديمقراطية مسألة إدارة وأخلاق سياسية؟.. أم أنها مشروع له قيمه.. وما رأيك في الصياغة الإسلامية حول آليات الديمقراطية بقيم الشورى؟.. هل تسد الفراغ القيمي؟


>> حقيقة ديمقراطية الغرب نفعتهم ولم تنفع غيرهم هذا بأمانة ولما تقرأ نحن لنا نظامنا الشوروي وإذا أردنا أن ندقق في الأمر لوجدنا أن الأنظمة الديمقراطية الغربية أخذت الكثير من الحضارة الإسلامية، مثلاً نظام العقد الاجتماعي لجان جاك روسو قالوا هو نظام البيعة في الإسلام، وهم حقيقة تأثروا من خلال الحضارة العربية في الأندلس وانتقلت إليهم الكثير من معالم الشورى ومعالم البيعة في الإسلام كالحرية وغيرها من القيم، لكنهم كيفوها مع قيمهم المسيحية، وكذلك اليهود فعلوا ذلك، أما نحن فأردنا أن نتخلى عن كل قيمنا ونتبعهم وهذا الأمر لن يكون، فنظام الخلافة الراشدة شهد له الأولون والأواخر بأنه أكمل الأنظمة، ونحن كأمة لا بد أن نؤثر ونتأثر بالآخر، لكن بطريقة لا تتعارض مع قيمنا حتى لا نصبح كياناً مجوفاً، وفي اعتقادي أن نظام الشورى عندما تجتمع العقول العربية والإسلامية للنظر في تجارب الخلافة الراشدة من بدايتها حتى الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز ثم التجارب من بعدها الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية وغيرها كلها أعطتنا الكثير من المدد، ومنها نستطيع الخروج بمشروع كوني عالمي إسلامي..


> ماهي رؤيتك للمستقبل القريب؟


>> لا يعلم الغيب في السماء والأرض إلاّ الله، لكن أرى أنه إذا لم تتم الأمور كما حددت في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة فإننا قادمون على صراعات عميقة ، ونسأل الله الستر واللطف بالبلاد والعباد..

نقلا عن الوحدة

حول الموقع

سام برس