سام برس
قررت المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء إعداد تحليل مستفيض بشأن الارتفاع المستمر في فائض الحساب الجاري لألمانيا للتحقق من انه ليس مؤشرا الي اختلال خطير في أكبر اقتصاد في اوروبا.
وتسجل ألمانيا فائضا يزيد عن 7 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في ميزانها للمعاملات الجارية منذ 2007 مما يعني أن صادراتها تتجاوز بفارق كبير وارداتها من باقي دول العالم.
ووصل الفائض في سبتمبر ايلول إلى 19.7 مليار يورو -وهو ما يعادل أكثر من ثمانية بالمئة من الناتج الاقتصادي العام الماضي- وكان الأكبر في العالم متجاوزا حتى الفائض في الصين.
وأثار ذلك انتقادات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وصفت الاقتصاد الألماني بأنه يعتمد بشدة على التصدير وأنه ينبغي لبرلين ان تهتم بشكل اكبر بزيادة الطلب المحلي لتضع النمو على قاعدة أكثر ثباتا.
وسيوصي الإتحاد الأوروبي بخطوات لعلاج المشكلة إذا خلص التحليل الذي من المنتظر ان ينتهي أوائل العام القادم إلى ان الفائض يسبب ضررا.
وقال جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الأوروبية في مؤتمر صحفي "الزيادة في الفائض لا تعني بالضرورة وجود خلل."
ومضى يقول "نحتاج لاجراء المزيد من التحليل ومعرفة هل يؤثر الفائض المرتفع في المانيا على أداء الاقتصاد الأوروبي ككل."
والاعتماد بشكل كبير على التصدير يمكن ان يجعل الدولة عرضة لصدمة اقتصادية عالمية لأن المشترين المحليين لن يتمكنوا من تعويض الانخفاض في الطلب.
ويعني ايضا ان الالمان يستثمرون مدخراتهم في الخارج مما يجعلهم أكثر عرضة للاحداث في دول اخرى ويحرم اقتصادهم من استثمارات.
ويبرز الفائض نجاح ألمانيا في الحفاظ على قدرتها التنافسية في السوق العالمي ولذلك فإن الانتقاد قد يكون مضللا من الناحية السياسية لان صناع السياسة في الاتحاد الأوروبي يشجعون دول منطقة اليورو على اجراء اصلاحات جذرية لتصبح اكثر قدرة على المنافسة وتحقق فائضا وليس عجزا في حساباتها الجارية.
ومع ذلك فإن حكومات كثيرة بالاتحاد الاوروبي سترحب بزيادة الطلب المحلي في المانيا لأنه سيمنحهم فرصا أفضل لبيع بضائعهم في اكثر سوق ازدهارا في الاتحاد.
وقالت المفوضية في تقرير سنوي ان جعل الاقتصادات اكثر قدرة على منافسة سيكون أحد الأولويات الخمس الرئيسية لكل حكومات الاتحاد العام القادم.
الا ان الفائض في المانيا اصبح كبيرا بما يبرر إجراء تدقيق موسع. وقال باروزو انه قد يشير الى ان المانيا تستطيع بذل المزيد لاعادة التوازن الي اقتصاد الاتحاد الاوروبي عن طريق زيادة الطلب المحلي والاستثمار داخل المانيا وفتح قطاع الخدمات.
وفي برلين انتقد مستشارو الحكومة الاقتصاديون مقترحات لتعزيز الطلب المحلي من خلال سياسات اجتماعية سخية مثل زيادة الحد الادنى للأجور والمعاشات وهو ما اثير اثناء محادثات تشكيل حكومة ائتلافية.
وقالوا ان مثل هذه الخطوات قد تقضي على المكاسب الاقتصادية التي حققتها المانيا من خلال اصلاحات واسعة لنظام الرعاية الاجتماعية الذي تتبناه الدولة قبل عشرة اعوام.
وقال اغلب المستشارين ان فائض الحساب الجاري لالمانيا حاليا لا يمثل مشكلة لانه ناتج عن طلب قوي على منتجاتها التي تصنعها شركات المانية الا ان احدهم وهو بيتر بوفنر وصف الفائض بأنه "مشكلة للاقتصاد العالمي."
وتجري المفوضية الاوروبية التحليل بمقتضى قواعد جديدة للاتحاد الاوروبي سارية منذ نهاية 2011 تكلف الذراع التنفيذية للاتحاد المؤلف من 28 دولة بالتحقق من ان الدول الاعضاء لا تسجل اختلالات خطيرة في اقتصاداتها قد تصبح مشكلة اذا لم تتم معالجتها.
وتسجيل عجز في الحساب الجاري يزيد عن أربعة بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي او فائض كبير متواصل فوق ستة بالمئة من بين علامات التحذير في قائمة المفوضية لمؤشرات الاداء التي تحتوي على حوالي 30 مؤشرا.
ومن المتوقع ان يتم الانتهاء من التحليل في فبراير شباط او مارس اذار المقبلين. واذا خلص الى ان الفائض مفرط وبالتالي فانه مضر لاقتصاد المانيا والاقتصاد الاوروبي فإن المفوضية ستوصي باتخاذ خطوات لتصحيح المشكلة.
وإذا تجاهلت المانيا التوصيات فقد تتعرض لغرامة قدرها 0.1 بالمئة من قيمة الناتج المحلي الاجمالي. وتجادل المانيا بانها خفضت بأكثر من النصف الفائض في ميزانها معاملاتها الجارية مع منطقة اليورو قياسا الي الناتج المحلي الاجمالي منذ 2007 .

حول الموقع

سام برس