سام برس
جربة الشاعرة.. بين أحوال ألوانها.. و حكاياتها الباذخة
الملتقى الشعري الثالث ” إضاءات اللّوتس ” تحت عنوان ” عندما يُغنّي الماء … ”
ثمة إذن ما يغري بالنشيد.. و بالنظر ..
شمس الدين العوني
و أنت تمضي اليها..تشعر بشيء من السحر ينتابك بحيث يصعب أن تغفل للحظة عن القول بالعذوبة و الدهشة و الحنين تجاه ما تراه العين..و أما النظر هنا فهو بعين القلب ..لا بعين الوجه..هي الأرض التي تأنقت عبر العصور..من الحقب التي مرت بها تعلمت فن الجمال ..كيف لا و هي المحفوفة بالماء..الأزرق سرها الدفين..القباب عناوينها ..و المنازل المثقلة بالحكايا..و هل ثمة حكايات باذخة المتعة غير تلك التي عرفتها الأرض القديمة قدم ناسها..
قمر..
ونخيل ناعس
و أحلام زرقاء ..
و خضراء
للرعاة
وللبحارة في غنائهم الأبدي
المأ خوذ بالشجن العظيم..حيث القصائد كالمياه و هي تغني...
ثمة اذن ما يغري بالنشيد و بالنظر..
من الفينيقيين و البونيقيين و النوميديين و الرومانيين و البيزنطيين ...إلى الفتح الإسلامي..كانت جهة للراحة و للعناق الرومانسي بين الأرض و البحر..
جربة..المكان و المكانة..هكذا كانت..و هكذا ارتسمت في الكلام و في الألوان و في الخيال الفادح .. و تبقى الحكاية مفتوحة على مصراعيها مثل أبواب المنازل بميدون و حومة السوق و قلالة و المحبوبين...انها حكاية و جد من حكاياتنا العربية التي يغمرها الق هذا الكائن الانساني في حله و ترحاله..انها الشعر في ترجمان ألقه و بهائه النادر.
تمضي اذن مع الجادة فترى البسمة على وجوه الاطفال عنده تقترب من مدرسة سيدي ياتي ..هي البراءة المأخوذة من موسيقى البحر الفاتن و التربة الناعمة..تجلس في الفضاء الانيق المحلى بالمرقوم و بالادوات التقليدية الجربية حيث الشاب الحالم العائد من أرض الامارات و قد شذب المكان و زينه دون خروج عن جماليات المكان الوفيرة..تجلس و تحتسي القهوة و ترسل نظرك بعيدا لترى جواهر الأشياء و عناوينها البارزة بعيدا عن هموم العولمة و رياحها الملوثة..و القاحلة..و بلغة أخرى تذهب مع الاصل..أصل العناصر و التفاصيل..كمال بن تعزايت فتى الحلم الثقافي و الناشط كمدير لدار الثقافة فريد غازي بحومة السوق بجربة في مسيرته الطويلة من التنشيط الثقافي و الادارة و ابتكار تلوينات الفعل الثقافي و الفني..مسيرة طويلة و موفقة من وذرف و مؤسسات عدة وصولا الى اللحظة..و مندوبية الثقافة بمدنين و الطفلة الشاعرة حمالة جميل الشعر هندة محمد منسقة الفعالية و فعاليات و مؤسسات شريكة و داعمة بجربة لهذا الملتقى المؤثث لحيز من التجربة ضمن السياق الثقافي بالجهة حيث تشهد جربة خلال يومي 24 و 25 فيفري الجاري فعاليات النسخة الثالثة للملتقى الشعري ” إضاءات اللّوتس ” تحت عنوان ” عندما يُغنّي الماء … ” بفضاء مركز الموارد الجمعياتية بمدينة جربة حومة السوق و تشرف على تنظيمه دار الثقافة فريد غازي و بدعم من المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بولاية مدنين بالشراكة مع جمعية أصدقاء المدينة بالرياض .كوكبة من الأسماء الشعرية التونسية و من الجزائر في حومة السوق للشعر و للابداع وفق جماليات المعنى و الكلام.
و بالمناسبة و عن الشعر تقول الشاعرة هندة محمد في حوار من حجواراتها الأخيرة "...الشعر بوابة المعنى ورائحة الروح، وهو حالة وجدانية عميقة وغريبة جداً، فالقصيدة عندي قد تنطلق من موقف ما، وحالة ما، وعطر ما، مررت به أو عبرني صدفة، فالروائح أكثر ما يشدني ويكتبني، لذلك تجد "فناجين القهوة... عبق النعناع... روائح الفل والياسمين التونسي" حاضرة بقوة في جل قصائدي. أنا أرى أن الشعر لا ينفصل عن حيواتنا، بكل تمظهراتها الاجتماعية والنفسية والسياسية. فقصيدتي هي بصمتي وروحي وأسلوبي الذي أحاول قدر الإمكان أن أجمع فيه ما هو حداثي بما هو أصيل بما أؤمن به من أفكار ورؤى، والحقيقة أني لا أرضى عن نصي بسهولة...".
هكذا تعانق جربة الشعر و الشعراء في يومين و وفق برنامج متنوع فيه الشعر و السياحة و الترفيه ...و النظر بعين القلب باتجاه الجزيرة الباذخة...