سام برس
تستقبل جماهير شعبنا اليمني وأمتنا العربية، هذا العام، العيد الوطني الثالث والثلاثين ، لتحقيق الوحدة اليمنية ، في ظل وضع داخلي ، ينتظر فيه المواطن اليمني نتائج التهدئة ، التي تم التوافق عليها ، ويترقب إلى أي مدى يمكن أن تصل ، بعد سنوات عجاف من الخراب والدمار، طالت كل مناحي حياة اليمنيين، مخلفة أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم اليوم، وسط متغيرات هامة تشهدها المنطقة، كانعكاس مباشر لأحداث كبرى، يعيشها العالم من حولنا، وإرهاصات وتفاعلات ، تتجه بمجملها نحو نظام عالمي جديد ، متعدد الأقطاب .
إن جماعة نداء السلام وهي تحتفي بهذا اليوم الوطني ، مع جماهير الشعب في الداخل والخارج ، وتتابع المتغيرات العالمية والاقليمية باهتمام كبير ، تعيد التأكيد في هذه المناسبة ، التي انتصرت فيها إرادة اليمنيين قبل ثلث قرن في استعادة وحدة وطنهم ، تعيد التأكيد على الثوابت ، التي تمسكت بها منذ إنشائها ، ومنها :
أولاً: تقف جماعة نداء السلام في هذه المناسبة العظيمة بإجلال وتقدير واحترام أمام التضحيات الجسام التي قدمها أجدادنا وآباؤنا وأبناء جيلنا، في النضال المتصل الذي خاضوه ضد النظام الإمامي المتخلف في الشمال والوجود الاستعماري التوسعي في الجنوب ، حتى تمكنوا من إسقاط الإمامة وطرد المستعمر، ومواصلة السير، بخطى متعثرة أحياناً وحثيثة أحياناً أخرى ، وصولاً إلى هذا اليوم المشهود في تاريخ الوطن ، يوم استعادة وحدة اليمن في ال 22 من مايو، عام 1990م، الذي أساءت إليه أنانيات الحكام وضيق أفقهم وعجزهم عن الارتقاء بأنفسهم إلى مستواه.
ثانيا: تمثل التضحيات التي قدمها شعبنا، للوصول إلى هذا اليوم، أمانة في أعناق الأجيال التي عاشت سنوات النضال المجيد وفي أعناق الأجيال الصاعدة، توجب عليها أن تتمسك بموقف وطني ثابت، يتمثل بالحفاظ على المكاسب التي تحققت، والمكاسب التي يسعى شعبنا إلى تحقيقها، وفي المقدمة منها وحدة الوطن واستقلاله وسلامة أراضيه، في ظل حكم رشيد، قائم على الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية والتبادل السلمي للسلطة، عبر صناديق الانتخابات.
ليصبح وطننا بذلك عصياً على القوى الخارجية ، الطامعة في موقعه وثرواته ، وبعيداً عن أي مظهر من مظاهر الاستبداد، الذي يمكن أن يمارسه مكون من مكوناته الداخلية على سواه، مدفوعاً بشهوة السلطة ورغبة الاستئثار بالثروة العامة، دون سائر أبنائه.
ثالثا: لكي تكتسب التهدئة القائمة الآن قيمتها ، لابد أن تمهد الطريق لعقد حوار يمني – يمني، يسفر عن اتفاق ، يجسد توافقاً وطنياً عاماً، يضمن لليمنيين على امتداد وطنهم المشاركة في بناء دولتهم الواحدة، خطوة فخطوة، ووضع الضمانات اللازمة، الكفيلة بنزع أي فتيل للصراع مستقبلا، والمانعة لتجدد دورات العنف، الذي شهدته المراحل الماضية من تاريخ اليمن المعاصر، وهو العنف الذي كان محركه الأساسي شهوة الانفراد بالسلطة والاستحواذ على الثروة.
ليتفرغ اليمنيون بذلك للبناء، وتحقيق التنمية الشاملة والنهضة الحضارية المنشودة، في ظل سيادة القانون والنظام والعدل والأمن والاستقرار الداخلي، والعلاقات الخارجية المتكافئة، القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مع كل دول العالم، بدلاً من الانشغال بالحروب وتدمير أنفسهم ووطنهم والتفريط بمستقبل أبنائهم.
رابعا: إن السلام، والسلام وحده، الذي تحملت جماعة نداء السلام عناء المطالبة به، ودعت إليه على امتداد السنوات الماضية، منذ تأسيسها وحتى الآن، هو المخرج الوحيد أمام الوطن من محنته، التي يتخبط فيها، وهو المدخل الوحيد أمام اليمنيين لتوحيد إرادتهم، وفرضها على العالم كله، وإلزام الأمم المتحدة ومجلس أمنها باحترام هذه الإرادة والاستجابة لها .
خامسا: استشعارا بالواجب الوطني والقومي والإنساني ، تهيب جماعة نداء السلام بكل القوى الوطنية ، من أحزاب ومنظمات مدنية، وبكل الشخصيات العامة ، أن تعلي من شأن المصلحة الوطنية العليا وأن تتجنب الانسياق وراء المكايدات السياسية، التي لا تخلف إلا البلاء للوطن والمواطنين ، وأن تتحمل مسئولياتها التاريخية، أمام خطورة ما يحيط بالوطن من مخاطر وما يواجهه من تحديات وما يتعرض له من مؤامرات، وأن تنهض للقيام بما يمليه عليها واجبها الوطني والقومي والإنساني من مهام وما يتوجب اتخاذه من مواقف للحفاظ على الوطن ووحدته واستقلاله وسلامة أراضيه.
وأن يفهم الجميع بأن الزمن دوّار، وأن الاستئثار بالسلطة والثروة وهم خادع زائل، خدع أقواماً قبلنا، طواهم التاريخ، ولم يبق لهم أثراً ولا ذكراً طيباً. وفي التاريخ دروس وعبر، لمن يحسن قراءته والتعلم من دروسه وفهم عبره والاتعاظ بأحداثه وتقلباته.
جماعة نداء السلام
صنعاء، في ٢٢ مايو ٢٠٢٣م