بقلم/ الحبيب الأسود
بعد 48 عاما من وفاتها أعاد الملحن عمرو مصطفى الفنانة أم كلثوم إلى أستوديوهات التسجيل، مستفيدا من الذكاء الاصطناعي في استعمال صوتها لتقديم أغنية جديدة من ألحانه اختار لها عنوان "أفتكرلك إيه"، وهو ما أثار جدلا واسعا في الأوساط الفنية والإعلامية وفي الشارع المصري، وأشعل فورة الغضب بين الكثيرين من أسرة كوكب الشرق ومحبيها والمحافظين المدافعين عن ضرورة احترام خصوصيات التراث الغنائي، وكذلك من المشرفين على القطاع الفني والثقافي، وذلك خشية الدخول في دوامة العبث بما تبقى في هذه الأمة من أصيل وجميل يستحق الاحترام والتبجيل.

اضطر الملحن إلى التخلي عن استعمال صوت وصورة أم كلثوم لأسباب عدة، أهمها إدراكه أن الدولة المصرية ذاتها لن تسمح له بالمساس بأحد أهم رموزها الثقافية، ولن تقبل بترويج الأغنية إعلاميا وجماهيريا، وأن فتح هذه الباب سيدفع بالأطفال إلى اللعب بصورة وأصوات الراحلين من الزعماء والفنانين والمصلحين بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي الذي يبدو أنه يتجه ليكون في متناول الجميع، بمن في ذلك الباحثون عن فضاءات واسعة للعبث، ومن يعتقدون أن كل شيء ممكن ومتاح ومباح طالما أن هناك آليات متوفرة لذلك.

كان يمكن لتجربة عمر مصطفى أن تفتح المجال أمام المحترفين والهواة في كل مكان للتلاعب بأصوات الأموات والأحياء، وبتحويل الذكاء الاصطناعي إلى مؤلف وملحن ومغنّ وعازف لأعمال بصوت عبدالحليم أو فريد أو فائزة أحمد أو حتى شفيق جلال، وربما بصوت فيروز، ودون علمها رغم أنها حيّة ترزق؛ فالأمر سيتحول إلى ظاهرة واسعة النطاق، خصوصا إذا لم يصطدم بقوانين تكبح جماح العابثين.

لكن استعمال صوت أم كلثوم يؤكد على حقيقة مهمة أصبحت جزءا من خيارات مستعملي الذكاء الاصطناعي، وهي استعادة أصوات أحبائهم من الموتى والدردشة معهم، أو تسجيل رسائل بأصوات شخصيات راحلة يعتبرونها ملهمة لهم، ليحتفظوا بها لأنفسهم.

ومع الحديث عن إمكانية انتشار الصور الرقمية للموتى، فإن هناك تقارير تتحدث عن إمكانية الاقتراب من تشكيل توليفة بين صوت وصورة المتوفى بما سيجعل من الممكن جمعه في لقاء مع أسرته. قريبا سيكون بإمكان أسرة ما أن تستعد لاستقبال أحد موتاها في لقاء يتم الترتيب له من قبل الذكاء الاصطناعي.

نقلاً عن العرب

حول الموقع

سام برس