بقلم د/ عمر أفلح
تشهد بلادنا اليمن هذة الايام موجه جديدة من تفشي لوباء الكوليرا.. وقد تكون الموجة الرابعة او الخامسة لهذا الوباء في هذا البلد الذي اهلكته الصراعات والنزاعات و الأوبئة في الأوانه الأخيرة..

فبعد موجات 2016 و2017 و2021 و 2023 هاهي موجة 2024 تتفشى و بشكل خطير وهذا التفشي ناجم عن عدوى بكتيرية و تنتقل عن طريق المياة الملوثة..

فقد شهدت اليمن اكبر تفشي لهذا المرض في عام 2017 بلغت حينها حالات اشتباه نصف مليون وقرابه وفاة الفي حالة..

و حاليا تنتشر الكوليرا بشكلٍ سريع في المناطق التي تُعاني من تلوث مياه الشرب ، والصرف الصحِّي ، بالإضافة إلى المناطق التي تنتشر فيها المجاعات ، والتلوث البيئي والازدحام وكل هذه المحفزات هي الأكثر شيوعاً .
بل كل المناطق في بلادنا اصبحت تخلق بيئة آمنة لانتعاش وانتشار المرض. ولا غرابة في انتشار الكوليرا في هذه البلاد فكل شيءً فيها مهيّأ لانتشار مختلف أنواع الأمراض وابرزها هو شحة المياة الصالحة للشرب الذي تعاني منه بلادنا اليمن منذ سنوات و ماقبل الحرب و الصراع الا ان الاخيرين زاد من ذلك و اصبح يدق ناقوس الخطر حيث
يعاني اليمن من شح المياه كأزمة تتفاقم سنوياً في البلاد مع نقص الاستثمار في البنية التحتية وارتفاع نسبة هدر المياه، وما الحرب المستمرة منذ أكثر من تسع سنوات الا زادات السوء في صعوبة وصول المواطنين إلى مياه نظيفة وصالحة للشرب. 

 ففي اليمن ووفقا لبيانات الامم المتحدة يفتقر أكثر من 17 مليون شخص إلى المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي المناسبة، بينما لا تصل شبكة المياه الحالية سوى لأقل من 30% من سكان البلاد، وذلك ما أسهم في تفشي أمراضٍ منها الكوليرا..

 ويضطر كثير من السكان في اليمن إلى جلب المياه بالطرق التقليدية والسير أميالاً إلى مصادر مياه مختلفة لتعبئة الجالونات، وتعمل على ذلك شريحة واسعة من السكان أبرزهم النساء والأطفال مما يجعلهم اكثر عرضة لمخاطر الاصابة بهكذا امراض

وبقدر خطورة المرض و المضاعفات الناجمه عنه والتكاليف الكبيرة للخدمات الصحية لمواجهة المرض والاضرار الاقتصادية و الاجتماعية التي تلحق بالبلد و الافراد والمجتمع الا ان هذا المرض نستطيع الوقاية منه و بطرق سهلة و بسيطة و غير مكلفة ومن خلال التركيز على الجانب الوقائي اكثر من التركيز على المعالجة

والحل يكمن في السيطرة على هذا المرض وغيره من الأوبئة التي تنتقل بواسطة تلوث المياة هو الحرص على الأمن المائي وذلك من خلال إصلاح الآبار ومحطات المياه وتوزيع المياه على مرافق الاحتجاز للحد من تفشي الأمراض المرتبطة بالمياه، وكذلك إعادة تأهيل أنظمة الصرف الصحي، فضلاً عن دعم صيانة شبكات المياه وتوفير أقراص الكلور والوقود والمولدات وأدوات الصيانة لشركات المياه والصرف الصحي المحلية، لضمان استمرار توفير المياه الصالحة للشرب. 

وعلى المنظمات الانسانية العاملة في اليمن ان تركز على المياة من خلال ضمان وصول امدادت المياة النظيفة وتزويد الناس بها حيث يحتاج 11.2 مليون شخص يمني الى الحصول على مياة شرب نظيفة على الرغم من ان المنظمات تحاول بشكل اكبر على المساعدات الانسانية التي قد تخفف بعض الاحتياجات العاجلة من المياة الا انها لا تكفي في حد ذاتها لمعالجة القلق الاكبر وهو استدامة المياة ولهذا فان الازمة التي تزداد حدتها بشكل تدريجي تتطلب من الجميع التعاون في ايجاد اجراءات عاجلة على مستوى صناعة السياسات و لابد من حلول طويلة الأمد لازمة المياة وليس فقط عند تلبية الاحتياجات الملحة للمياة بل تجاوز ذلك الى التركيز على ضمان ممارسات ادارية مستدامة للمياة حيث رأينا في الاوانة الاخيرة انه ساءت جودة المياه في غياب أنظمة الرقابة الحكومية فالمستثمرون في مجال المياة من القطاع الخاص يعملون في الأعم الأغلب خارج الأطر القانونية المعمول بها في الدولة.

ولهذا إن غياب الرقابة وضبط جودة المياه قد أديا إلى انتشار الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا التي ارتبط بها وفاة العديد من الأشخاص منذ عودتها لليمن عام 2016..

فمتى سنحقق الأمن المائي.. لكي نسلم من تكرار الأوبئة و ننجو من شرها و تكون لدينا خطط للقضاء على مسبب المرض بدلا من خطط المعالجة وقد يظن الكثير ان هذة المسؤولية هي اختصاص الدولة ومن لهم شأن بمجالات الصحة والخدمات الاجتماعية فقط.. وهذا فهم قاصر غير واعي فتأمين المياة و الحفاظ على البيئة في المجتمع هي مسؤولية جميع افراد المجتمع كلا من موقعه الاجتماعي ويجب ان يكون منهج يسير عليه كل فرد من الان وخاصة في هكذا ازمة صحية يتعرض لها بلدنا بعد تفشي وباء الكوليرا الذي يبدوا انه ينهج التحول من فاشية الى مرض متوطن مثله مثل الملاريا و الانفلونزا و النزلات المعوية...

.تأتي تلك المعاناة وغيرها في ظل تأكيد تقارير محلية وأخرى دولية أن اليمن يعدّ واحداً من بين أربع دول تعاني شح المياه في العالم، والأفقر من حيث الموارد بين الدول العربية التي تواجه أزمة مياه خانقة، فموارد المياه العذبة تتضاءل بسبب الضخ المفرط من المياه الجوفية.

وتوضح بعض التقارير أن أزيد من ثلثي اليمنيين ممن يعيشون في جوع وفقر مدقع يعجزون عن تحمل نفقات المياه الباهظة، ما انعكس سلباً على كل مناحي حياتهم. بينما تتوقع تقارير أخرى دولية أن يجف مخزون المياه بمناطق عدة منها العاصمة صنعاء بحلول العام المقبل 

وكان البنك الدولي قد أكد، في تقرير سابق له، أن اليمن يعدّ من بين أكثر بلدان العالم فقراً في المياه؛ حيث لا يحصل 18 مليون نسمة من سكانه على المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي الآمنة، موضحاً أن توفير مياه الشرب يعدّ من أكبر المشاكل التي تواجه اليمن خلال السنوات المقبلة.
فماذا نحن فاعلون؟

حول الموقع

سام برس