
سام برس
فسحة من عراقة الفن و أصالة التلوين بروح فنان يسافر من عقود في أعماق القيروان و تراثها الجمالي..
شمس الدين العوني
في أرجاء البيت القيرواني للشعر و فنونه و بين أصوات الشعراء العالية في المعاني و جماليات الفضاء العتيق كانت اللوحات حكايات مكللة بعطور الذات تشرح للزائرين شيئا من ألق الجمال حيث الرسم و التلوين شغف قديم يقود القلب ببوصلة من دهشة و حنين...
انها اللوحات (28 لوحة )على الجدران تصغي للشعر تخاطب لغته و تقولها بشواسع الفنان العاشق..خالد ميلاد هذا العاشق للفن يصغي للعناصر يبتكر شيئا من نشيده القديم يمدح الحرف و اللون و الخطوط و الظلال .. يعبث كالأطفال ..بالحرف يطوعه يدعك طينه يشكله على هيئات ملونة يخرج من كنهه المعاني و الأصوات ..يلهو بزينته لتبدو اللوحة عنوان بهاء نادر و حكاية ديدنها الجمال..
في اللوحات حكايات وجد و بهاء و شجن بطعم الذكرى حيث مدينة ملهمة و طفولة يانعة و خيال مسافر و...فنان يرتجي سرد حكاياته التي هي من حكايات قيروانه..
في تجريدية حالمة و طافحة بالمعاني يتجول خالد ميلاد حاملا رغبته الجامحة متسلحا بالسر القيرواني يحاور اللون و يحاوله قولا بالقيمة و بما به تسعد العين و هي تتوغل في اللوحة بل تسافر في باطنها الدافع باتجاه النشيد..
ها هي اللوحات تعرض فنانها المقيم بالاطار و خارجه يجترح من الشعر و أصوات الشعراء عوالمه التي تخيرها تقصدا لسفره اباذخ في عالم الفن و الجمال بعنوان قيرواني طافح بالشجن البليغ.
عن هذا المعرض يقول خالد ميلاد الفنان التشكيلي : "... هذا معرضي الشخصي ببيت الشعر بالقيروان و الذي يواكب عديد أنشطة البيت ضمن عديد التظاهرات بمهرجان ربيع الفنون الدولي وشهر التراث و الامسيات الشعرية والمجالس الثقافية والندوات التي تنتظم بهذا البيت والذي يستضيف عديد المعارض التشكيلية في فضائه الجميل تشجيعا للابداع وانفتاحا على تجارب ومقاربات فنية جمالية مختلفة ..شكرا للشاعرة الكبيرة جميلة الماجرى مديرة البيت على استضافتي واتاحة الفرصة لعرض جديد اعمالي ولقاء الشعراء والفنانين والاعلاميين ... يتواصل المعرض الى موفى شهر جوان2025.. مرحبا باوفياء البيت وكل محبي الشعر واالفنون التشكييلية ...."
و من كتاباته التي يراوح فيها بين الفن التشكيلي و الشعر يقول خالد ميلاد بمناسبة المعرض و ضمن ما يسميه ارتسامات :
".. ألفــة تجـــري لأورادها,
تبــدو وتحتجـــب,
تمـضي نحـو اتساع الدّائرة,
كالشوق تلفظه المآقــي
فيستجيـب لوجــنة ورديّة
في جيدها حبل الوصـــال ,
ألفت روحي قبلة نورها ,
فآغرورقـت من شذى لطفها
أشواقها ورقاقها,
ذي ألواحها نطقت
بقولة عاشق
متولّه,
يصبو لهــا,
مــلك يصفق بالجناح
مترنّحا بدلاله
فتطايرت أحواله
حــدّ الفناء
في غيبة من أمـــره
زال الزمان,
زال المكان ,
نابت الأحــــوال عن كل شـــأن,
يخلع النعل ,
يطوى الجناح,
طـــائر في خــلوة الأصفياء!
يسبح في دلال السّالكــين
مهلـــلا
هــذه بركــاتي,
ويتـــيه في الملكــــوت مــرددا
حيّ علـــى النجاة ,
حـــي علىّ الخلاص,
الوافدون الواصلون, الرّاهبون هناك
كلهم عشّـــاق!
شدّوا االّرحال
إلى السّدرة العلياء
عرجوا إليها في بهاء الواجدين
تشّوفـــا
وتعرّفا
وفناء.."
لوحات و تجربة و معرض بعناوين مختلفة يجمع بينها خالد ميلاد الذي يوغل في الفن التشكيلي و يحب الشعر و الشعراء و يرى في الرسم و التلوين قصائده الأخرى..معرض مميز ما يزال متواصلا حيث انطلق مع بدايات الفعاليات المميزة لمهرجان ربيع الفنون بالقيروان في دورته ال(27) ليكون فقرة مهمة من مختلف فقرات البرامج المشكلة لهذا الملتقى الدولي الجامع بين فنون المسرح و الشعر و السينما و الموسيقى...و الفن التشكيلي.
هذا هو خالد ميلاد كما عرفته قبل أكثر من ثلاثة عقود ..كان واحدا آخر من ألوان الاسم القيرواني القديم ..المتجدد.
خالد ميلاد في هذا المعرض يسافر بزائري البيت و أحباء الفن التشكيلي و الشعر و رواد المكان الى عوالمه التي ما تزال تبوح بالابداع رسما و تلوينا و حكايات..يتواصل هذا المعرض الجميل الى غاية موفى شهر جوان 2025 .