سام برس / حمدان عيسى
لقد كانت منطقة (الأشرح – قدس) في محافظة تعز ومنذ ثلاثة عقود مضت إحدى المناطق السباقة في الحداثة والمدينة من خلال توفر أغلبية الخدمات والمشاريع المجتمعية التي حُرمت منها الكثير من القرى والمناطق كانت في تعز أو في المحافظات الأخرى..
هي "قدس" المدنية والثقافة والعلم، والافق الإنساني والنضالي والوطني .. "قدس" التنزع السياسي الذي يطغى عليه الحضور الناصري، إذ يمكن اعتبارها نتيجة لذلك "قلعة" بالنسبة للناصريين اليمنيين.
أنها "قدس" التي انجبت خيرة أبناء الوطن أمثال "محمد الوحش" الذي يعتبر أحد أبطال السبعين، و"عبد الحبيب سالم مقبل"، الصحفي المعروف وصاحب العمود الشهير "الديمقراطية كلمة مرة" الذي اغتاله النظام السابق و"عبد العزيز الدالي" وزير خارجية الشطر الجنوبي سابقاً، والصحفي اللامع "عبد الرحمن بجاش"، وأخرين كثر يستحقون منا كل الاحترام والثناء.
وليس هذا فحسب .. بل أن ما يمكن أن يتبادر إلى ذهنك وأنت تصادف أول قرية في "قدس" السؤال عن "الاشروح" حيث ولد وترعرع أحد القادة العظام، إنه الشهيد "عيسى محمد سيف" قائد حركة 15 أكتوبر 78م ضد حكم المخلوع علي صالح اعدم إثر فشلها، مع مجموعة كبيرة من قيادة التنظيم الناصري والذين مازالوا وسيظلون يسكنون ذاكرتنا الوطنية ووجداننا الإنساني..
منطقة (الأشروح – قدس) التي كانت في قمة ازدهارها وعطائها وعنفوانها والتي تتكون من أكثر من 15قرية يسكنها أكثر من50,000 ألف نسمة، ذلك المجد الذي جعلها في وقتنا الراهن محرومة من المياه منذ أكثر من سنتين بعد أن توقفت الآلات التي تضخ المياه إلى كل القرى والمنازل الواقعة في نطاقها بسبب تعطيل مشروع المياه الذي كان يعتبر من أحد أهم المشاريع التي يفتخر فيها جميعاً..
فقد تمّ ومنذ تأسيسه "مشروع المياه" في تسعينيات القرن الماضي يحافظ على استمراريته من خلال تقديمه خدمة توفير المياه إلى كافة المنازل بدون استثناء.. وكان ذلك بجهود الإدارات التي تولت مسئوليتها خلال الفترات الماضية والتي تستحق منا كل التقدير والاحترام.
وهنا فإني انتهز هذه الفرصة واتقدم بكل معاني العظمة والاجلال إلى أحد الرجال الذين ضحوا وقدموا الكثير من أجل خدمة منطقتهم (الاشروح – قدس) ووطنهم بشكل عام وكان رد الجميل هو النسيان من الجميع ... أنه المهندس الزراعي "أحمد الراشدي" الذي قدم وضحى من سنوات عمره من أجل تحمله المسئولية في إدارة مشروع مياه الاشروح لعدة سنوات برغم أنه كان شاباً مازال متخرج من إحدى الجامعات السورية..
المهندس "أحمد الراشدي" الذي استطاع من خلال تحمله المسئولية وبقاءه في القرية لسنوات عدة برغم مشقتها وصعوبتها والتي قتلت فيه كل الأحلام التي يتمنى أي شاب تخرج من الجامعة حديثا تحقيقها إلا أن بصماته لا تنسى أثناء إدارة لمشروع مياه الأشروح ...
وهنا وبرغم عدم وجود كلمات توفي بحقه ولما قدمه من أجل منطقته ووطنه إلا أننا سنظل شهود أعيان على كل منجز وكل خطوة خطائها نحوا التخفيف من معاناه أبناء منطقته .. فلك كل الشكر والتقدير..
مشروع مياه الأشروح الذي للأسف تعرض في الفترة الأخيرة لانتكاسة بسبب سوء إداراته إدى إلى توقفه عن العمل منذ ما يقارب السنتين ومازال حتى اللحظة ... وليس هذا فحسب بل أصبح هناك الكثير من الاختلالات بهذا المشروع .. ومن أهمها: خراب أغلبية الآلات والمكائن التي تضخ المياه إلى جميع قرى المنطقة، ديون متراكمة مستحقة للمشروع بملايين الريالات لم تستطع الإدارة الحالية تحصيلها من الأهالي بسبب فقدان من قبل الأهالي في المنطقة، بالإضافة إلى عدم محاسبة أمناء الصناديق السابقين والحاليين من قبل الإدارة وترك الموضع معلقا والمتضرر الأول والاخير هم أسرنا التي تعيش بدون مياه.
وبحسب المعلومات التي وردت إلينا أنه تم تشكيل عدة لجان لمعالجة الاختلالات وإعادة توفير مياه الشرب وتفعيل المشروع من جديد، تلك اللجان التي استطاعت تحديد مكامن المشكلة والاختلال إلا أنها لم تقديم معالجات على الارض، حيث اقتصرت المعالجات على الورق ليس إلا كأنه لا يوجد من هو قادر على تحمل المسئولية وتولي زمام المبادرة من أجل انقاذ ما تبقى من مشروع المياه الذي يحتاجه ما يقارب (50.000) ألف نسمة يعانون من العطش .. وافتثارهم إلى عصب الحياة والوجد "المياه".
وبدون الدخول في التفاصيل .. وطرح التساؤلات المهمة .. إلا أنها لن تنقذ أهالي المنطقة من العطش .. وبإعتباري أحد أبناءها فإني أقول: إن انتظارنا طوال الفترة الماضية لم يكن تجاهل أو أن القضية لا تهمنا وإنما كان الغرض إعطاء فرصة لمن تم تكليفهم بمعالجة الاختلالات والتي آلت كل محاولاتهم وجهودهم بالفشل ..
وهنا فأني أطالب باسمي ونيابة عن من يتضامن معي من الـ50 ألف نسمة الساكنين في منطقة الأشروح – قدس - سرعة التحرك من خلال محاسبة إدارة المشروع من بداية تسعينيات القرن المنصرم حتى يومنا، والعمل على تصفية كافة العهد والديون التي بحوزتها على أن يكون ذلك من قبل محاسبين مختصين.
نطالب اللجان التي تم تشكيلها لمعالجة الاختلالات في مشروع مياه منطقة الاشروح ان تقدم وبكل شفافية لابناء المنطقة كافة كشوفات الاختلالات المالية والعهد والديون التي تصل مقدارها بالملايين والتي أصبحت إدارة المشروع غير قادرة على اعادة وتحصيل تلك المبالغ بسبب توقف المشروع وعدم توفير المياه لسكان المنطقة.. على أن يكون ذلك خلال مدة لا تتجاوز الاربعة الاشهر من الآن.
وندعو كافة اللجان المكلفة لتقصي الحقائق بتجميع تقاريرها ونتائج ما توصلت إليه في رؤية واحدة قابلة للتنفيذ والتطبيق وبشكل مزمن، حيث تكون نقطة الانطلاق لتصحيح الاختلالات وإعادة مياه الشرب من جديد اختيار إدارة جديدة للمشروع بصورة مؤقتة تقوم بالتحضير والتهيئة لإعادة المياه وفاعلية المشروع وصولاً إلى إعداد اللوائح المنظمة لسير العمل فيه واجراء انتخابات تنافسية يتم من خلالها اختيار إدارة جديدة ولمدة فترة معينة من قبل أبناء المنطقة.
مع تأكيدنا بأننا ومنذ هذه اللحظة لن نقبل بأي إدارة جديدة يتم اختيارها بالتكليف والتعيين وبدون أي معايير كما كان يتم سابقا في اختيار إدارات المشروع والذي كان عن طريق التكليف أو التعيين من كبار وعقال المنطقة وبدون أي معايير وكانت النتيجة توقف المشروع وحرمان سكان المنطقة من خدمة توفر المياه ..., ما أخفى كان أعظم ..

حول الموقع

سام برس