سام برس / متابعات
قال محللون وعاملون فى قطاع النفط، "إن تسارع وتيرة إنتاج النفط الصخرى فى الولايات المتحدة وكندا سيساهم فى تقليل اعتماد واشنطن على النفط العربى والأفريقى، فيما رأى آخرون أن الوقت لايزال مبكرا لإطلاق هذا الحكم فى ظل ارتفاع تكلفة إنتاج النفط الصخرى وما يكتنفها من صعوبات بيئة وإنتاجية".
وقال وكيل أول وزارة البترول المصرية لشئون الاتفاقيات والاستكشاف المهندس طارق البرقطاوى فى مقابلة خاصة مع وكالة الأناضول للأنباء، إن الولايات المتحدة تخطو بشكل متسارع فى تقنيات استخراج النفط والغاز الصخرى بما يجعل الكثير من المسلمات الحالية قابلة للتغيير.
وأشار البرقطاوى إلى أن الشركات الأمريكية مثل كونتيننتال ريسورسس، وهيس، ووايتنج بتروليوم، حققت "قفزة" فى مجال إنتاج هذه الأنواع من مصادر الطاقة غير التقليدية، مضيفا :" نحن بصدد تحولات جذرية فى صناعة البترول ربما تستغرق زمنا لكنها ستحدث بلا شك".
وأضاف البرقطاوى أن الشركات الأمريكية نجحت فى خفض تكلفة إنتاج برميل النفط الصخرى إلى 64 دولار وهو رقم بالنسبة للولايات المتحدة مناسب فى ظل أنها تستورده بمتوسط يبلغ 100 دولار للبرميل، مشيرا إلى أن هذه التكلفة مرشحة للانخفاض خلال السنوات المقبلة مع تقدم التقنيات المستخدمة.
وقال الدكتور أحمد الصباغ رئيس معهد بحوث البترول فى مصر فى اتصال هاتفى مع وكالة الأناضول للأنباء، إنه لابد من مراعاة عوامل متعددة قبل إصدار حكم حول إمكانية تحول الولايات المتحدة لمصدر للنفط والغاز بفضل توسعها فى إنتاجهما من الطبقات الصخرية.
وذكر أنه توجد مخاطر لا يمكن تجاهلها فى إمكانية زيادة إنتاج الغاز والنفط الصخرى فى مقدمتها احتجاجات مناصرى الحفاظ على البيئة إضافة إلى مدى دقة تقديرات هذه الاحتياطيات المتعلقة بالغاز والنفط الصخرى فى الولايات المتحدة ومدى قدرتها فى الاعتماد عليهما وتصديرهما فى حال تواجد فائض لديها.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية، أن تتجاوز الولايات المتحدة بحلول عام 2017 السعودية، لتصبح أكبر منتج للنفط فى العالم بفضل النفط والغاز الصخرى إضافة إلى سوائل الغاز الطبيعى مثل الإيثان.
ورأى الصباغ، أن الدول المنتجة للنفط خاصة الأعضاء فى منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) يمكنها الحد من طفرة الغاز والنفط الصخرى فى حال تهديدها لمراكزها الإنتاجية من خلال تقليص المعروض بما يساعد على ارتفاع الأسعار من جديد.
وكانت شركة "برنشتاين ريسيرش" الأمريكية قد أكدت أن وصول برميل النفط إلى 60 دولارا من شأنه أن يقلص الإنفاق الرأسمالى لشركات استكشاف وإنتاج النفط فى أمريكا الشمالية بنسبة 40 % "ما يؤدى إلى تقلص أنشطة الحفر عن النفط والغاز الصخرى فى الولايات المتحدة وكندا".
وأشارت الشركة الأمريكية إلى أن هناك سوابق لمثل هذا السلوك، مثل اجتماع "أوبك" عام 1997 الذى وافقت فيه السعودية على زيادة كبيرة فى الإنتاج فى وقت كان فيه الاقتصاد العالمى متباطئا، الأمر الذى جعل سعر النفط يهبط إلى عشرة دولارات.
كما تحفظ الدكتور رمضان أبو العلا أستاذ البترول بجامعة فاروس بالاسكندرية شمال مصر فى اتصال هاتفى مع وكالة الأناضول للأنباء على إمكانية تحول الولايات المتحدة إلى النفط الصخرى على حساب النفط التقليدى.
وقال أبو العلا " واشنطن لا تزال رقم واحد فى استهلاك النفط فى العالم مما يجعل استغناءها عن نفط الخليج أمر صعبا وبعيدا عن التحقق فى الوقت الراهن"، مضيفا أن الدول المصدرة للنفط لم تعد فى حاجة ملحة للاستيراد الأمريكى مطلقا، فكلما عبر تقرير وكالة الطاقة الدولية، فإن الطلب على النفط سيزداد بنسبة 7% حتى 2020 من الصين والهند تحديدا، اللتين تشهدان تقدما تقنيا مذهلا وستظلان تتمتعان بنمو كبير فى المستقبل المنظور.
وذكر أن التقرير يظهر أن نفط الشرق الأوسط سيبقى مطلوبا لعقود مقبلة، وأسعاره ستتجاوز 215 دولارا للبرميل عام 2035 (أو ما يعادل 125 دولارا بالقيمة الحالية). إلا أن هذه الزيادة فى الإنتاج لن تذهب إلى الدول الصناعية العشرين.
وذكر تقرير الوكالة الدولية للطاقة، أن 60% من الطلب الكلى سيتوجه إلى الصين والهند وبلدان الشرق الأوسط، إلا أن كمية النفط المعروضة فى السوق العالمية ستعزز خلال العقد الحالى نتيجة تزايد الاستخراج من أعماق البحار فى دول خارج منظمة "أوبك"، لكن العالم سيعود للاعتماد على إنتاج "أوبك" بعد 2020.
وقال أبو العلا، إن منطقة الشرق الأوسط تتمتع بميزة انخفاض تكلفة إنتاج النفط، فكثير من الدول لديها نفط فى أعماق الأرض أو البحار أو الصخور العميقة، إلا أن المحدد الرئيس للجدوى الاقتصادية للنفط أو أى منتج آخر هو تكلفة الإنتاج، مشيرا إلى أن هذه التكلفة تعتبر منخفضة جدا فى الشرق الأوسط بسبب قرب مخزون النفط من السطح.
وذكر أن المخاوف البيئة لاتزال تمثل هاجسا رئيسيا فى الولايات المتحدة والدول الغربية، فالمخاوف المتعلقة بتقنيات التكسير الهيدروليكى، وهو إحدى التقنيات التى تسمح بتطوير تلك الاحتياطيات على أسس تجارية جذابة، لاتزال محورا للتساؤلات من جانب أنصار البيئة.
وأكد أبو العلا على أن طفرة النفط والغاز الصخرى يقودها حتى الآن منتجون صغار ومتوسطون وليس شركات النفط العالمية العملاقة، مشيرا إلى أن الأخيرة بما فيها إكسون موبيل، وشيفرون، ورويال داتش شل بدأت للتو تحركها نحو حقول النفط الصخرى.
يذكر أن المعطيات المتوافرة تشير إلى احتياط من النفط الصخرى فى أمريكا يبلغ نحو 200 بليون برميل، إضافة إلى احتياطات ضخمة من الغاز الصخرى.
يشار إلى أن النفط الصخرى هو نوع من النفط الخفيف ويختلف عن النفط الرملى أو الغاز الصخرى والنفط الخام الطبيعى، وشهدت الولايات المتحدة ثورة ضخمة فى إنتاجه خاصة فى ولاية تكساس الغنية به، وكان الرئيس الأمريكى باراك أوباما قد صرح فى ديسمبر 2012 أن بلاده ستتخطى السعودية لتصبح أكبر منتج لنفط فى العالم فى 2017 بفضل النفط الصخرى، فيما عقدت أوبك اجتماعا فى نفس الشهر معربة عن قلقها إزاء ارتفاع إنتاج النفط الصخرى واعتبرته يهدد مستقبل الطلب على النفط الخام.

حول الموقع

سام برس