بقلم/ ايمان الكعبي
لعلكم لاحظتم مثلي على امتداد الأيام القليلة الماضية وحتى هذه الأيام، ما تشهده الدوحةُ من حراك ثقافي ترفيهي منوع.. فلا يكاد يمر يومٌ إلا وتشد عينَك فعاليةٌ من الفعاليات المفتوحة للجمهور.. فعالياتٌ وعروض راقت لي كثيراً في شكلها ومضمونها - وهذه بالمناسبة فرصة لرفع القبعة لوزارة الثقافة والمسؤولين عنها وجهاز قطر للسياحة على جهودهم ومبادراتهم الابداعية.

وبقدر ما راق لي هذا الكمُّ والكيفُ من الفعاليات، فقد جعلني أشعر بإحساس رائع من السعادة والفخر.. فكل هذا الحراك الكرنفالي بين مهرجانات وعروض ومعارض ومسابقات في الهواء الطلق أوحى إليّ بنعمة الراحة والسعادة والفرح في بلدي بلد الفرح الدائم قطر.. ونعمة الأمن والأمان التي يحسدنا عليها كثير من الدول.

هي حتماً أفراح وكرنفالات لن تتوقف بل ستمتد في هذا الشهر شهر الأفراح العارمة.. ديسمبر.. فها قد بدأ العد التنازلي لغمرة الاحتفالات بالعيد الوطني للدولة.. مناسبة تحل هذا العام لتتجدد معها مشاعر الفخر بالوطن وتكبر معها معاني الولاء لأميرنا المفدى.

ولربما شدني كثيراً أيضاً شعار اليوم الوطني لهذا العام «مرابع الأجداد أمانة» شعارٌ أثار في داخلي الكثير من الفخر بالانتماء لهذا الوطن.

مجرد قراءة الشعار توحي إليك بأن الاحتفال هذا العام باليَومِ الوَطنِي يأتي انْطِلاَقًا منْ وَفَائِنَا لإِرْثِ آبَائِنَا وأَجْدَادِنَا في الحِفاظ عَلَى هذَا الوَطَنِ، فلطالما شكل البرُّ والبحرُ بيئةً خصبة للأجيال السابقة في التعلق بالوطن والتجذر فيه.. هو بعد وجداني فريد بين الإنسان القطري وبيئته نُسِجت خيوطه بإحكام وترابط عجيبين حتى تحولت البيئة إلى جزء مهم ومكون رئيسي في شخصية الإنسان القطري.. لا أبالغ إذا ما قلت إن البيئة ثقافة لدى أهل قطر منذ القدم.. فتضاريسها المنبسطة وسواحلها الهادئة انعكست على طبيعة أهلها البسيطة المتسامحة والمتصالحة مع نفسها ومع غيرها، والمتواضعة، من عطاء أرضها استمد القطريون العطاء والإخلاص للوطن والتفاني في خدمته.

إخواني.. كلٌّ منا عليه أن يعي قيمة هذا الإرث العظيم.. نعم، كل حبة تراب في بر قطر هي بميزان الذهب وكل قطرة ماء في بحرها هي بميزان اللؤلؤ الذي كافح الأجداد في استخراجه وتجارته.. والمحافظة على البيئة مسؤولية جميع من يعيش على هذه الأرض الطيبة المعطاءة.

الأرض التي يفخر فيها الحاكم والشعب على الحد السواء بإرث الأجداد ويجعلون منه مرجعا أصيلاً وأساساً متيناً لكل احتفال وطني.. وتَحِن قلوبُهم إلى طريق الآباء والأجداد هو وطن لا خوف عليه، لأنه ببساطة وطن أصله ثابت وفرعه ممتد بجذور صلبة ومتينة.

شُكْرًا للّه عَلَى تَسْخيرِ هَذِهِ الأرْضِ المعْطَاءِة، وَبِذَلِكَ نكُونُ قدْ أدّيْنَا الأَمَانَةَ إِلَى أَهْلِهَا: الأَجْيال القَادمَة.

«مرابع الأجداد أمانة».. ليس مجرد شعار.. هو رسالة عابرة للأجيال وعنوان للفخر بإرث الوطن.. هو مرآة لقطر بين ماضٍ تليد.. وحاضر مجيد.

يقول المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني طيّب الله ثراه في قصيدته:

مرّت بي العيرات عدٍّ ومنزلٍ
ورسم لنا ما غيّرته الهبايب
ديارٍ لنا نعتادها كلّ موسم
مرباعنا لا زخرفتها العشايب.

حول الموقع

سام برس