بقلم/م/يحيى محمد القحطاني
يقول الفيلسوف الإنجليزي برتراند : "الحرب لا تُحدّد الطرف المُمثّل للحقّ، وإنّما تُحدّد منْ سيموت ومن سيبقى على قيدِ الحياة" في حربٌ حامية الوطيس، لا تُبقِ ولا تذر، وقال نيتشه في هذا: "إنّ رجل الحرب سيهاجِم نفسَهُ في أوقاتِ السلام والهدنة"، وأظنّ أنّ هذا هوا التصوّر الوحيد للحرب، فعند نُقطةٍ معيّنةٍ منها، تختفي جميع المعايير فيها، ولنْ يعود هناك ما يحكم أيّاً من مجرياتها، إلّا القتل والتدمير، ليصل إلى حدّ الهوس عندَ رجالاتِ الحرب .

فالحرب عدو للإنسان، حيث يغيب العقل ويدفن، وتقام عليه المآتم، ومتى غيب الإنسان عقله الذي يميزه، عن غيره من المخلوقات، طغى وتجبر وجر المآسي عليه وعلى غيره، فتحدث فيها الكثيرمن المآسي، التي تدمي القلوب، فكم يمني هرب من الحرب، إلى أوروبا فمات في المحيطات أو البحار، وكم من شاب أو أمرأة، قتلتهم هذه الحرب العبثية، وكم طفل يُتم أوتناثرت أشلاؤه، في معركة ليس لهم فيها، لا ناقة ولا جمل .

كم من أمهات ثَكالى وأرامل، فقدن أزواجهن أو فلذات أكبادهن، من أجل أن يُرضي الحكام نزواتهم، ويفرغوا حقدهم حمماً وبراكين، مشتعلة على رأس الإنسان اليمني، الحرب في اليمن حصدة اﻷرواح البريئة، ونشرت الفقر والمجاعة، خربت مظاهرالحضارة القديمة، ونشرت اﻷوبئة والفيروسات واﻷمراض النفسية، وما صنع الإنسان عبر تاريخه من مآسٍِ، كما يصنعها أثناء الحروب .

والحرب ركود اقتصادي، وإضمحﻻل للرقعة الزراعية، ونزوح و ترحيل قسري للمﻻيين من السكان، من منطقة إلى آخرى، ومن مخيم إلى مخيم، الحرب بطالة وفقر وجوع، وإنتشار الجرائم والفساد وهدر اﻹمكانيات، إنقطاع الخدمات والمرتبات، وتراجع التعليم والصحة، الفريق اليمني في خليجي 25، بدون مصاريف وﻻ كسارات، و هِجْرات المهندسين واﻷطباء، ودكاترة الجامعات إلى الخارج، وهروب رأس المال الوطني، إلى بنوك الخليج وأمريكا وكندا .

ولذلك فعلى النخب السياسية، الذين يقودون اليمنيين نحو حرب داحس والغبراء، الاعتراف بالخطأ والدفع بإتجاه حوار، يفضي إلى أمن وسلامة اليمن واليمنيين، خيراً من تأجيج نار الحرب، فلقد ضاق الناس لقتل الأطفال والنساء، وتهديم المباني والمزارع، والجميع يريد ان تضع الحرب أوزارها، وندفن مع من سقطوا في معاركنا، أحقادنا وثاراتنا القديمة والجديدة .

أيها الحُكَّام وقادة اﻷحزاب والجماعات، ياتجار الحروب واﻷزمات، إنها الحرب موت وخراب، لا منتصر فيها سوى الموت، ولا مهزوم فيها سوى القيم وإنسانية الإنسان، والحرب بذرة حقد ٍتتوارثه الأجيال، الى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ياحُكَّام اليمن أوقفوا الصراع على السلطة، وياحُكَّام الخليج، توقفوا عن إحتﻻل جزرنا وموانئنا ونهب مواردنا، والتدخل في شؤوننا الداخلية، فقد تعبنا وأصبحت أوجاعنا مؤلمة، وجراحاتنا عميقة ومأسينا متعددة، فهل فيكم رجل رشيد يوقف هذه الحرب المجنونة؟ .

وعلى الجميع أن يتعالوا على الجراح، ويتساموا فوق اﻷﻻم، وأن يتنازلوا عن الكبروالعناد، فلن يخرج أحد مهماطال الزمن أو قصر، منتصرا في هذه الحرب، فإما أن يسلك اليمنيون، طريق السﻻم والحواروالقبول باﻷخر، وإما أن يستمروا في طريق القتل والدمار، وبالتأكيد فمن أجج للاحتراب فسيندم حتماً، والنارلا تحرق إلا يد مشعلها أولاً، والله من وراء القصد ..!!

حول الموقع

سام برس