بقلم/ احمد الشاوش
على مدار الساعة نسمع وسائل اعلام الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي والبيت الابيض والاتحاد الاوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي تذكرنا بدبلوماسية ضبط النفس ووقف سياسة الانشطة الاستفزازية والاعمال العدائية وغيرها من المصطلحات والمنشطات والمهدئات الموضعية للشعوب العربية الضعيفة التي أدمنت الجهل والعبودية وتفننت في صناعة الاصنام مقابل ضياع حريتها وكرامتها وثرواتها ومنجزاتها وسيادتها لكل من هب ودب.

نسمع نشرات اخبار وخطابات حنانة طنانة وخطباء أرت - نار وميكرفونات مولعة ومساجد تشتغل قرعة ومصلين خارج اطار التغطية وصلوات تخترق الغلاف الجوي وتحرق كل شيطان مارد.

نسمع كل يوم آمال ووعود على غرار أغنية العندليب الاسمر " عبدالحليم حافظ موعووووود " ، لكن في حقيقة الامر ان الاغنية التي تعكس حالة المواطن اليمني اليوم هي "إني أتـنـفس تـحت الماء إني أغرق أغرق أغرق" من الفقر والجوع وارتفاع الاسعار وغياب العدالة ، بينما الفنان علي عنبه حاول ان يسلي على ابو يمن في تحقيق الوعود وتقديم الخدمات
في أغنية " خطبة وراء خطبة وعيد ورررررراء عيد".

مؤتمرات أرض أرض وفعاليات أرض جو وورشات لطرق وسحب وسمكرة للكوادر الوطنية وفي المقدمة زفة من المتردية والنطيحة وما أكل السبع..

لقاءات سرية وعلنية من تحت الطاولة وفوق الطاولة وخارج الطاولة .. طائرات تجوب العاصمة صنعاء وعدن ليل نهار
..تيوس مستعارة.. وسطاء .. ضغوط .. مجاملات.. طلعنا نزلنا .. دخلنا خرجنا والنهاية لسان حال المسؤول الكُبره لا أرى .. لا اسمع .. لا اتكلم ، والتسريبات من خارج الحدود تقول .. طائرة تحمل مرتبات الموظفين شهرياً ، ونخشى ان تكون النتيجة "عمياء تخضب مجنونة" ورغم ذلك نتفاءل بالامل والسلام العادل.

ملايين تصرف في لعبة المتاهه والعبث لسمكرة وتشليح وترقيع بني آدم بحسب الطلب وصناعة الوهم ورؤى وطنية بلا بوصلة تحت عناوين صفراء ومشاريع لاتقدم ولاتؤخر بل ان ضررها أكثر من نفعها لانها قاصرة ولاتُعبر عن تطلعات واحلام وآمال وحاجيات الناس في تحقيق وتوفير الخدمات الضرورية للبقاء على قيد الحياة والايمان بقيم المساواة والعدالة والديمقراطية والحرية وفي النهاية تطلع اللقية سود والمحصلة فاشوش وضحك على الدولة والمواطن من قبل الكثير من المسؤولين الصالحين لكل مكان وزمان .

اليوم المواطن اليمني يتعامل مع سياسة ضبط النفس كأمر واقع ويبدأ منذ الصباح الباكر بضبط درجة الحرارة ومعايرة ترمومتر النزاقة في شؤون حياته ، امام الكثير من النقاط وخطوط السفر في المدن هروباً من تعسف الاعفاط وحماقة المشوربين وشيطنة المؤلفة قلوبهم والمنافقين والانتهازيين حفاظاً على سلامته من ذبحة صدرية أو أزمة قلبية أو تشريف غرفة العناية المركزة.

حتى ان كبار وصغار التجار في البلاد تعودوا على دبلوماسية ضبط النفس مع الجمارك وهيئة الزكاة والضرائب والنقاط والمتنفذين والمتهبشين والمتطفلين والمبتزين وقطاع الطرق حتى يصلوا ببضائعهم الى بر الامان ، بل ان الكثير منهم أرتبط بشخصيات نافذة للاستقواء وتسهيل أي تجاوزات برنة تلفون والحسابة بتحسب .

وقيس على ذلك شكاوى وأنات ورنات المقاولين والاطباء والمهندسين وأصحاب البوافي والمطاعم والبسطات وباصات الاجرة.. حتى بائعات الملوج واللحوح لم تخل من حق السوق أودفع حق ابن هادي وعليهم ان يقولوا مرحبا حاضر وان يؤمنوا بسياسة ضبط النفس ، مالم فطقم البلدية وادارة الاسواق وصحة البيئة والبيعة والبصل والطماط بالمرصاد ، بينما المطلوب وقف كل من يستغل المنصب والمسؤولية للاثراء غير المشروع على حساب الانسان الضعيف الذي يبحث عن مصدر رزقه وقوت اولاده.

توصل الى عند الجزار أوالمقوت وتختلف على سعر الكيلو اللحمة أو قيمة الربطة القات وكلمة من هنا وكلمة من هناك وايمان مغلظة وفي النهاية يرجع الجميع الى سياسة ضبط النفس بدلاً من متاهة اقسام الشرطة وبهذلة النيابات وجرجرة المحاكم والاستعانة بمحامي يشتغل بشريحتين وثلاثة خطوط .

كنا نسمع عن منظمات حقوقية حتى البكاء وقانونية تلطم الخدود وانسانية تدمي القلب ومؤتمر اسلامي بنظام الشبكات ، واتحاد علماء مسلمين مشفر ، شغلونا ليل نهار بذرف دموع التماسيح والخنازير واليوم اذن من طين واذن من عجين ، تبخرت كل تلك المنظمات الحقوقية والانسانية التي كان يحركها البيت الابيض والماسونية العالمية كما تتبخر مادة الكحول في غرف العمليات أو عند الموالعة.

ومايدعو للعبرة والضحك ان الكثير من القيادات والمشايخ ورجال الدولة السابقين تم تعطيلهم مثل البصيرة ، بعد ان تم فرمتت البعض منهم وبرمجة القبيلي مثل الشريحة الصينية وتحويله الى انسان في لعبة الموت ، حتى صار اليوم القائد والوزير والعسكري والغفير والمثقف والمخبر يمشي في مسار سياسة ضبط النفس.

شخصياً مازلت اتبع سياسة ضبط النفس عندما اذهب الى تاجر لشراء بعض المواد الغذائية او بقال لشراء خضروات أوجزار لشراء حبة دجاج يتخاطفها عشرة أفراد في نهاية كل شهر.

حتى مع صاحب المطعم والمقهى ومشرف الحي وأمام صميل ومندوبي الفرز الذين يهينون أصحاب دبابات وسيارات الاجرة واخذ منهم أتاوات بالقوة نستخدم دبلوماسية الحوار حفاظاً على سلامة الابدان ..

وأما عاقل الحارة والمتحكم في دبة الغاز والبلاد والعباد فإن سلطاته أقوى من رئيس الجمهورية وأقرب الى الخليفة والولي الفقية ، ومن حقه ان يعطي فلان ويمنع علان ويستخدم حق الفيتو في ظل سياسة الطغيان وخدام خدام الجرافي ولذاذة حق بن هادي وغياب الرقابة والاستماع الى شكاوى المواطنين الذين يبحثون عن أبسط حقوقهم..

الخلاصة اننا معشر اليمانين اليوم أعتمت علينا الصعبة بعد ان مرينا بعدة أحداث و تجارب وثقافات وخلطات ، فبعد ان كنا نعبد الشمس أرتقينا الى عبادة الله ، ودغمرنا الى اليهوديةً ، وفحطنا الى النصرانية ، ودخلنا الاسلام برسالة ، ودلفنا الى عصر الملك العضوض وتكوين السلطنات وتأسيس الجمهوريات والملكيات وآمنا بالدولة الوطنية وتحولنا الى الاشتراكية وتدربنا في مسابح الشيوعية وجعلنا القبلة نحو الساحة الحمراء وطفنا حول البيت الابيض ورقصنا مع الماسونية ورعينا مع الراعي وأكلنا مع الذئب وسمك يأكل سمك وجرينا وراء فقاعات الاسلام السياسي وأخشى ان يخرج المسلمون من الاسلام برسالة SMS كما دخلوه أول مرة بسبب تسييس الاسلام وتحويله في نظر الشرق والغرب الى سلسال من الدم والدمار والفقر والجوع والتشرد والنزوح رغم انه مشروع حياة بكل ماتعنية الكلمة والانسانية.. فهل من رجل رشيد؟

حول الموقع

سام برس