سام برس
الهيام بالحرف فنا وشغفا في تعاط مع ممكناته حركة و لونا و تجريدا بتعبيرات متعددة عنوانها الجمال..
الحرف عند الفنان نورالدين وطن و هوية و عالم بأسره من جمال و معان..

شمس الدين العوني

من النبع...و من جمال قديم هو من عيون الفن الانساني و مبتكراته الشتى كان النشيد و الرقص الموشح بالألوان في هيئات عديدة تعدد زوايا النظر و التامل و الشغف و الحلم...هكذا كان للقلب غناؤه الصافي وهو يلهج بالصور و بالمعاني في عناوين أساسها الوجدان و المهج...

انها لعبة الحرف في يجانه الرجيم في بحر من العذوبة و السحر أخذا بما بقي من رمق في طريق الحب و كما يقول ابن عربي (...و خذ بقية ما أبقيت من رمق / لا خير للحب ان أبقى على المهج )...و هكذا كان للحرف في شطحات بهائه هذا الأخذ و الاتيان على الأعماق في ضروب من الجمال الفاتن...الحروف حالات حب و عواطف عواصف و كلام بل جوهر الكلام.

تمضي مع هذه الأحوال الحروفية تتقصد التوغل في معانيها و أشكالها و أطر حركاتها و عوالمها الدفينة فتلقى سرك و ترى ذاتك الموزعة في تفاصيلها لتشعر بما هو انتماء و كيان و هوية لتقول...مرحى أيتها الأيائل ...مرحى أيتها الحروف في مهرجان بهجتك و رقصك و انتشائك حيث لا كلام و لا سلام و لا ضجيج و لا...و لا...انه فقط الحرف يوقع أسماءه و يشير الى الآفاق أن بورك النور المنبثق من شعب الحروف و هي ترسم شجنها الطافح بالرقص العظيم في تجليات هي الفكرة و العنوان.

الحرف صديق القلب و درب اللاهثين خلف المعاني ..و الممسكين بالنشيد في أكوان الضجيج..الحروف عالم الألفة و الحلم و الحنين و الكلام بالشواسع و الاصداح بالجمال و أي جمال هذا الطالع من تشكيل و مشهدية و حالات و حركات ...و ...و أصوات هي ألق الحروف اذ تتجلى ابداعا و حبا و حسنا.

من هنا تعددت التجارب المشتغلة في عوالم الحروف حيث الكاليغرافيا و الحروفية و التجريدية في تعاطيها الحروفي و التشكيل بالحروف و ما الى ذلك من تلوينات هذه العوالم الفنية و التجارب متنوعة في العالم و الأسماء كثيرة اذ غالبا ما انخطف فنانون بفتنة الحروف و ممكناتها الجمالية لتغدو أعمالهم و لوحاتهم الفنية بستانا آخر لتجليات الحرف بل ان الابداع الحروفي برز في تشكيلات فنية أخرى على غرار النحت و السيراميك و النسيج ...و ما الى ذلك من تلوينات الفن المعاصر.

هكذا نلج عوالم فنان تونسي هام بالحرف فنا و حبا و شغفا فمضى يتعاطى مع ممكناته حركة و لونا و تجريدا في تعبيرات متعددة عنوانها الجمال ..الفنان الحروفي نورالدين عوني و من خلال تجربته الفنية سعى الى استنطاق الحروف يحاورها و يحاولها بحثا عن قيم جمالية في سياق ولعه الفني الجمالي و الوجداني تجاه الحرف و ما يمنحه من ألق و حياة و أسرار هي عين ما يرمي اليه فنان في هذا الدرب الفني منذ عقود...

و منذ عقود تعددت معارضه الفردية و الجماعية ليشير الفنان نورالدين عوني الى آفاق حلمه من خلال افتتانه بالحروف التي جعل من العلاقة معها و بها كونا تشكيليا فيه تجليات شتى.

هي لعبة فنية تبرز في مختلف لوحات الحروفي نورالدين عوني و هو يلاعب الحروف و يراقصها على القماشة عساها تبوح ..و قد باحت له بما فيها من سحر و حب و شجن و فتنة فغدا طفلا يحرس لعبته هذه في زمن اللامعنى و السقوط و التداعيات المريبة التي افتقد معها الكائن أعماق ذاته ليتهدده الضياع و مشتقاته في مشهد مربك...

الحرف عند الفنان نورالدين وطن و هوية و عالم بأسره من جمال و معان عالية يحتاجها الانسان في حله و ترحاله حيث الهوية و الانتماء و الكينونة ..هي شاعرية الحال و العوالم في أبهى الممكنات ...الحروف حياة..
في معرضه " تجليات حروفية " برواق الفنون ببن عروس باشراف المندوب الجهوي للشؤون الثقافية و جمع من الفنانين التشكيليين ... تعددت اللوحات و ألوانها و ابداعيات مضامينها و خطابها كتابة و تشكيلا و ابتكارا...حيث المتلقي في نظره المفتوح و المأخوذ بهذه الاشتغالات التي خلفتها أنامل فنان أصيل و عميق و منفتح على الراهن و العوالم و هو يرتجي شيئا من لغة الفن و الجمال و الابداع .

تجربة أخرى يخوضها من سنوات الفنان الحروفي نورالدين عوني و هو يقدم لجمهور الفن و التشكيل حيزا من تجربته و هو القائل بالحرف مجال فكر و أمل و تأمل و حياة تجاه عوالم عليلة لا ترى و لا تقرأ و لا تفتتن بالمعاني وسحرها..عوالم بلا قلب..الفنان نورالدين في أعماله و في معرضه هذا يرج الناظرين تجاه لوحاتهم موقظا ما بقي فيهم من ذرات جمال و وعي و معان...انه الحرف يرقص يتلون يبوح ...و يبدع.

حول الموقع

سام برس