سام برس
أعلن بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية في سنة 2017 عن خطة لحل الصراع مع الفلسطينيين، وأطلق عليها مسمى خطة "الحسم"، واعتمدها فيما بعد المؤتمر العام لحزب الصهيونية الدينية.

وعقب انتخابات 2022؛ وبعد تمكن حزب الصهيونية الدينية من الوصول إلى مفاصل مهمة بصناعة القرار في الائتلاف الحاكم الإسرائيلي، نلمس اليوم السعي لتطبيق هذه الخطة.

وقد أصدر مركز الزيتونة ورقة علمية بعنوان: "قراءة تحليلية في خطة "الحسم" لحزب الصهيونية الدينية"، وهي من إعداد الباحث الدكتور أشرف بدر. تجادل الورقة بأن الأسس التي بنيت عليها الخطة ما هي إلا إعادة إنتاج للخطاب الصهيوني المؤسس لـ"دولة إسرائيل" مع إضفاء للبُعد الديني عليه، بمعنى أن الخطة تصب في خانة تديين الصهيونية، وتتكون من مقدمة وأربعة مباحث وخلاصة. يبين المبحث الأول كيفية تشكل حزب الصهيونية الدينية والتحالفات الانتخابية التي سبق وخاضها. أما المبحث الثاني، فيتناول الخلفية السياسية لخطة الحسم. ويعرض المبحث الثالث أهم محاور الخطة، بعد تحليل مضمونها، ويحاول المبحث الأخير الإجابة على إمكانية نجاح سموتريتش في تنفيذ مخططه، واختتمت الورقة بخلاصة واستنتاجات.

أشارت الورقة أن خطة سموتيرتيش تأتي في سياق البحث عن حلّ للصراع مع الفلسطينيين بعد وصول عملية "السلام" القائمة على اتفاق أوسلو، والنموذج الذي بُنيت عليه (حلّ الدولتين) إلى طريق مسدود، حيث يسعى سموتيرتيش من خلال خطته للعودة إلى جذور المخطط الصهيوني قبل انطلاق أوسلو، على أمل إنهاء الوجود الفلسطيني ككيانية مستقلة في أرض فلسطين.

ورأت الورقة أن سموتريتش يتحاشى في خطته التطرق إلى التهجير القسري للسكان الفلسطينيين، ويطرح خطته في سياق "تشجيع" الهجرة عبر تسهيلها وإيجاد الظروف المشجعة عليها، إلا أنه لو تم ربط "تشجيع" الهجرة بالفكرة العامة التي تقوم عليها الخطة، من رفض لوجود "شعب فلسطيني"، ورفض تحقيق أي تطلع وطني للفلسطينيين، مع تعزيز الاستيطان، واستخدام العنف مع الرافضين للكيان الصهيوني، فإن ذلك سيقود إلى الاستنتاج بأنّ مفهوم "تشجيع" الهجرة، ما هو إلا ستار دخاني لإخفاء طبيعة الخطة المبنية على إيجاد ظروف طاردة للسكان الفلسطينيين، تجعل الهجرة تبدو كأنها طوعية.

وخلصت الورقة إلى أن خطة سموتريتش تتوافق، في مجملها، مع الخطاب الصهيوني الذي كان يتردد على ألسن قادة الأحزاب الإسرائيلية من اليمين واليسار، وبالتالي يمكن الادعاء بأن خطة سموتريتش ما هي إلا إعادة إنتاج للخطاب الصهيوني المؤسس لـ"دولة إسرائيل"، مع إضافة للمرجعية التوراتية الخلاصية (المسيانية) لهذا الخطاب، باعتبار أن الأسس التي تقوم عليها خطة "الحسم"، تتماهى مع ممارسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة التي قادتها أحزاب متنوعة من اليمين أو اليسار، فـ"أرض إسرائيل الكاملة"، وتشجيع الاستيطان، واستخدام القوة والعنف، وإنكار وجود شعب فلسطيني، ورفض قيام أي كيان وطني فلسطيني، والتهجير؛ كلها سياسات ومبادئ مارستها الحكومات الإسرائيلية على مرّ السنين، وربما يكون الفرق بين هذه الحكومات والتيار الديني القومي وممثله حزب الصهيونية الدينية، هو أنّ هذه الحكومات كانت تلجأ لتمرير سياساتها تحت مبررات "عقلانية" براجماتية، قائمة على الحرص على مصلحة المشروع الصهيوني و"دولة إسرائيل"، بينما يستند سموتريتش في خطته على رؤى توراتية و"عقائد" دينية، بحيث تخضع خطته للاعتبارات الأيديولوجية على حساب الذرائعية البراجماتية.

ولم تتوقع الورقة نجاح سموتريتش في إنفاذ بنود خطته القائمة على التهجير والحسم الأمني والاستيطاني. ودعت الورقة الفلسطينيين للإسهام في إفشال الخطة من خلال التوافق على بنود المشروع الوطني المنشود تحقيقه، وإنهاء الانقسام السياسي، بالتزامن مع وضع برنامج وطني متوافق عليه، يضمن التصدي لخطة سموتريتش وإفشالها. كما دعت الورقة العرب والمسلمين لإسناد الفلسطينيين مادياً ولوجستياً من أجل الصمود على أرضهم وإفشال مشروع سموتريتش للتهجير.

واختتمت الورقة موصية بفضح سموتريتش وما يمثله في "إسرائيل" أمام العالم والمجتمع الدولي، كونه يتنكر لوجود الشعب الفلسطيني وأبسط حقوقه التي ضمنتها الشرائع الدولية وهو حقّ تقرير المصير.

حول الموقع

سام برس