سام برس
عن تجربة الفنانة التشكيلية و الباحثة آسيا الكعلي قبيل معرضها الشخصي بالعاصمة :

تنوع في المشاركات الفنية الجمالية و الأكاديمية العلمية و العمل على نهج فني مخصوص
"الحاضر لا يخلو من صور ذهنية مازالت ذاكرتي تعيش على وقعها. كل رسم هو حكاية لمرحلة ما قد مضت، إذ كل رسم هو محاولة للوصول والاكتشاف. وإعادة صياغتها رغبة في إحياء ما مضى "
" انطلقت في تجربتي مع فن الرسم باستعمال القلم الفحمي وقلم الرصاص، لخلق صفات تشكيلية وجمالية معينة بلغة بصرية ثنائية الأبعاد، ولتمثيل مواضيع كالمجسمات والمنحوتات النصفية والأجساد والطبيعة الصامتة بمختلف أشكالها."

شمس الدين العوني

من فكرة الفن المحفوفة بالابداع و الامتاع و الأسئلة يمضي الكائن الى عوالمه بكثير من الحلم و النشيد تقصدا للقول بالأشكال و الألوان و الهيئات الجمالية في تعدد ملامحها و تنوع دروبها نشدانا لما به تسعد الدواخل و هي تعانق هواجس الكينونة و اعتمالاتها..ثمة بهاء كامن في القلب و هيام بثنايا الفن حيث المعاني العالقة بأبجديات القلق الجميل..قلق البحث و الانشداد لهاجس الابتكار و الدأب تجاه ما هو اتيان بالجديد .

هي لعبة الفن من طفولات عابرة تسكن الذات و هي تعلي من شؤون الحلم و شجونه في أكوان التداعيات و التحولات وفق نظر و بحث و اعادة اعتبار للكامن فينا من تأملات نحو القديم و تجاه الراهن..التقاء القديم بالراهن في المجال الفني يقضي الى مساحات قول و اعادة نظر بقصد التشكيل و ما يحيل على جماليات مبتكرة.
هو قول بالمعنى المتصل بالحرية و من ذلك و على سبيل المثال في العلاقة بالصورة الفنية من حيث الرسم الأكاديمي ضمن سياقات و آفاق البحث التشكيلي لتصبح العملية الإبداعية، هي مجال محاولات و تمارين شتى بعناوين التخييل النابع من كوامن الطاقة في الذات الفنانة التي ترنو الى الابداع نهجا و جمالا و ضفافا.

هكذا نمضي في فسحة الابداع و الفن بجمالياته مع الفنانة آسيا الكعلي التي تخيرت طرائق فنها وفق نهج مخصوص قائلة بالابداع و البحق و الامتاع و قد انطلقت في تجربتها الفنية في الرسم باستعمال القلم الفحمي وقلم الرصاص، بغاية و نشدان لصفات تشكيلية وجمالية معينة بلغة بصرية ثنائية الأبعاد، ولتمثيل مواضيع كالمجسمات والمنحوتات النصفية والأجساد والطبيعة الصامتة بمختلف أشكالها، و هو مسار له صلة بالذاكرة و فق المتحوّل بين الحقب الزمانية ...هي سياقات جمالية انتهجتها الفنانة التشكيلية و الدكتورة آسيا الكعلي و عملت عليها في تجربتها المفتوحة بين البحث الأكاديمي و الرسم و التلوين..آسيا الكعلي فنانة تشكيلية وباحثة في مجال الفنون المرئية وخرّيجة المعهد العالي العالي للفنون الجميلة بتونس، متحصلة على الإجازة في الفنون التشكيلية (اختصاص رسم) وشهادة ختم الدراسات المعمقة اختصاص "علوم وتقنيات الفنون" بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس.و أستاذة بالمعهد العالي للفنون الجميلة بسوسة منذ سنة .2011 .متحصلة على الشهادة الوطنية للدكتوراه في مجال جماليات الفنون وممارساتها، مادة نظريات الفن بالمعهد للفنون الجميلة بسوسة. كاتبة عامة بالجمعية المتوسطية للفنون التشكيلية المعاصرة. شاركت في العديد من المعارض الجماعية بتونس، المنستير، سوسة، القيروان، الكاف، المهدية.

كما أنها شاركت في العديد من الملتقيات والندوات العلمية بسوسة والمنستير وتونس ونشرت لها العديد من المقالات في مجال الفنون المرئية المعاصرة. لها عديد المعارض الشخصية:معرض تشكيلي فردي بعنوان" تجليات" بدار الثقافة بقصر هلال مارس 2013،معرض تشكيلي فردي بعنوان "عود على بدء" بالمركب الثقافي محمد معروف بسوسة جانفي 2021. معرض تشكيلي شخصي بدارالثقافة القلعة الكبيرة مارس 2023. شاركت في الملتقى الدولي للمبدعات العربيات بسوسة بعنوان "الثالوث المحرم في إبداع المرأة العربية، في ماي 2022 .و شاركت في المنتدى الدولي للفنون البصرية تحت إشراف المعهد العالي للفنون الجميلة بسوسة وجامعة سوسة والجمعية الوطنية لتأطير الشباب من 21 إلى 26 سبتمبر 2022.و عن تجربتها تقول الفنانة آسيا "...

انطلقت في تجربتي مع فن الرسم باستعمال القلم الفحمي وقلم الرصاص، لخلق صفات تشكيلية وجمالية معينة بلغة بصرية ثنائية الأبعاد، ولتمثيل مواضيع كالمجسمات والمنحوتات النصفية والأجساد والطبيعة الصامتة بمختلف أشكالها، هذا المسار الذاكراتي المتحوّل من حقبة زمنية إلى أخرى انعكس في هذه التجربة التي عكست بدورها مرونة هذه التقنية وانفتاحها ومطاوعتها للتوجهات الجديدة في مجال الابداع الفني. وهي رسوم تنتقل بنا من مرحلة إلى أخرى ومن زمن إلى آخر، لتشكل رؤية أو قراءة في ذهن القارئ، بل تنتقل لتحيك رؤية فنية تترجم وتألّف ما بداخلنا من أفكار وذكريات، هي ليست رسوم صامتة، بل فيها روح مني، وأسلوب يترجم أفكاري وطريقة تناولي للمواضيع. فذاكرتي مع الرسوم، في تصفحها، وتأمّلها مؤانسة وحنين وعود واستمتاع، فالماضي عود وإمتاع ومؤانسة في الحاضر..( أفروديت تستحم، رسم يالقلم الفحمي، 1998 أفروديت تستحم، أكريليك على قماش أفروديت تستحم، فوتومنتاج رقمي، 2021) استمتعت برسم تمثال "أفروديت" باليونانية (Venus) إلهة الحب والجمال والاخصاب.
حيث يتّسم جسم أفروديت بالرشاقة وتناسب المقاييس، أما ملامح الوجه فهي مثالية وخيالية من أي تعبير، حدقتا العينين محدّدتان والشعر مقسوم من الوسط بتموّج خفيف في خصلات كثيفة مجمّعة من الخلف. وكانت "أفروديت" من أكثر إلاهات الإغريق ظهورا في الفن نظرا لكونها شخصية قريبة من القلوب، ونظرا لظهورها في العديد من الأساطير. تتعدد الطرق والتقنيات. فتنوّع التقنيات والتجارب والبحث عنها من قبل الفنان ليس فقط إثراء للوسائل العملية، لكنها أيضا تعديد للمضامين التشكيلية الممكنة. فالتقنية تصبح مبدعة عندما نكفّ عن اعتبارها مجرّد وسيلة لتصبح عنصرا خلاقا في العمل الإبداعي. وبعبارة أوضح عندما يعمل الفنان على تجريب طرق جديدة لإيجاد علاقات مادّية في الإنتاج الفني هي مازالت مجهولة. وهذا ما بحث عنه الفنان الحديث والمعاصر. يقول رونيه باسرون (1920 – 2017 ) في هذا الغرض "ليس هنالك تقنية دون مشكل، التقنية في معناها التّام هي التقنية المفتوحة والمغامرة والمناضلة، هي تكتشف نفسها، هي مبدعة... عملت على التلاعب بالصورة الأصلية في ساحة برمجيات "الفوتوشوب" من خلال استنساخها من النسخة الأصل وتركيبها مع صورة جديدة، لتتعدّد وتتحوّل وتتشابه في برمجيات الفوتوشوب، فالمعالجة الرقمية بوصفها عنصرا من عناصر التشكيل الفني أدّت حضورا مهما في بناء الفكرة وأهمّيتها الوظيفية والجمالية. ّ من بين الممارسات كذلك ما هو قابل للتحيين بلغة العصر والمعاصرة لكنّ العمل داخل السلسلة عادة ما يتأطّر تحت راية الممكن المتجدّد أو التنويعات ضمن الذات ) (Variations dans le même فتكون المواكبة منصهرة مع التحوّل الطبيعي للعقل البشري في كل ما يحمله من رؤى وفي كل ما يتحمله خيال الفنان من انصياع للتطوّر العلمي ومن استجابة لمنطق التحوّل الوظيفي للأداة التي يستهلكها أو التي يعتمدها في ترجمة الخيال إلى لغة بصرية...هي فكرة تجاوز وحدة الاختصاص التي تؤدي بدورها إلى فكرة نفي الحدود بين مختلف الفنون، مما يعني ذوبان الفوارق وانتفاء الحدود بين مختلف الأشكال والتقنيات، وبالتالي ارساء علاقة جديدة تحاول أن تكون مطروحة بأثر فاعلية وبروز أكثر على الساحة الفنية بين المتلقي والعمل الفني...إنّ الاهتمام بكل ما يتعلّق بذاكرتنا أصبح متقلصا جدا إن لم يكن منعدما. والذاكرة في التجربة الفنية مغامرة بحثية وجمالية في سياق الابداع الفني، ووسيلة نقل عبر الأزمنة تحملنا إلى المخزون الذي عايشناه وحفظناه في ذاكرتنا، حلمناه وتمثلنا صوره في خيالنا. في هذه التجربة اخترت الاشتغال على مجموعة من الرسوم بآليات تشكيلية وتقنية رقمية وفق منهج جمالي معاصر، رسوم تعود بي إلى فترة دراستي بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس، مارست هذه التقنية قبل دراستي الأكاديمية ثم صقلت موهبتي بعد دراستي في المعهد. لذلك سميتها ب"عود على بدء"، اخترت إعادة توظيف هذه الرسوم التراثية بإعادة رسم بعضها بتقنيات ومواد أخرى لتتحوّل إلى رؤى جمالية تسرد حكايات وذكريات، إنّ الذاكرة وهذه العودة تتطلّبان منّا قدرة على الإبداع والتغيير والنقد والتفتّح عل المعرفة. إنّ العملية الإبداعية، هي بالأساس تمرين على التجاوز والحرية...تدرّجت في الانتقال بالرسوم من مرحلة التعلّم والممارسة والاكتشاف إلى مرحلة التجريب والتجديد والانفتاح، انفتاح يمنحني أحقية التجاوز في بناء العلاقة المختلفة بالأشياء والمواضيع اخترت أن تكون التمارين الأكاديمية التشكيلية مواضيع لأبحاث متواصلة ومتجددة فاشتغلت عليها من جديد، تثمينا إنشائيا لما حصلته في المدة الزمنية الفارقة...وحسب اعتقادي فإن الفن هو بحث عن المعنى المتخفي في عمق الأشياء من وجوه ومنحوتات وطبيعة صامتة وتكوينات وتجريدات وغيرها من تقنيات وأساليب التعبير التشكيلي. هو بحث عن معنى متفرد يجد لذاته أشكالا عديدة ومتنوعة للتجلي.والعمل الفني لا يكون متكاملا إلا إذا كانت له روابط وثيقة بالفنان بذاته وبمجتمعه، وهو ليس عمل تلقائي محض، فالفن يشكل من أهم وثائق تاريخ الانسان. وقد تطور الفن التشكيلي الحديث والمعاصر، وظهرت الكثير من الأعمال التجريدية والمفاهيمية لهذا النوع من الفنون، استطاع الفن الحديث والمعاصر أن يغيرا المفاهيم التقليدية للصورة الفنية فجعلا منها فكرا وحدثا وحديثا. بل وموقفا أيضا تطرح مضامينه الخطوط والألوان والأبعاد والمسافات والأفكار منطلقا من ملامح الواقع ومرتبطا بحياة الفنان نفسه وبتجربته الحياتية...". آسيا الكعلي فنانة و باحثة بها قلق الفن الجميل و هي في مسارها الفني أبرزت في عديد المناسبات من تظاهرات و معارض و منتديات جدية تمشيها الجمالي المتخير و في هذا الخصوص تعد لمعرضها الخاص بالعاصمة حيث المناسبة السانحة لأحباء الفن و البحث الجمالي للاطلاع على التجربة و تجلياتها المختلفة.

حول الموقع

سام برس